العلاقات العامة ودورها في تنمية المجتمع
مع تقدم الحياة الاجتماعية وازدهار الحياة الاقتصادية، زاد اعتماد الأفراد على بعضهم البعض، لأن الإنسان بطبعه اجتماعي ويتطلع إلى الآخرين، وأدت هذه المصالح المشتركة إلى تنمية فلسفة ونشاط حديث في الإدارة وهو العلاقات العامة، وزاد الاهتمام بالعلاقات العامة مع اتساع حجم المنظمات وتزايد المنافسة والتقدم الذي طرأ على وسائل الإعلام، فأصبح من الضروري على الإدارة تأسيس أساس سليم للتفاهم المتبادل مع العاملين وكافة الجماهير الأخرى، حيث أصبح لدى المستهلكين والمالكين والعاملين والمنافسين وغيرهم مصلحة مشتركة في رخاء المجتمع .
نشأة مفهوم العلاقات العامة
: “إن وضع تعريف دقيق لأي مصطلح في مجال العلوم الإنسانية ليس أمرا سهلا، بسبب تفاوت المصطلحات واختلاف التعريفات والمفاهيم. انطلق علم العلاقات العامة بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن المصطلح انبثق لأول مرة عام 1882م في محاضرة لدورمان إيتون، واستخدم نفس المصطلح عام 1919م في دراسة تجمع بين المؤسسة والفرد، وكانت أول رؤية إنسانية تجمع بين مصالح الفرد والمؤسسة .
تأسس معهد العلاقات العامة البريطاني في عام 1948م، ومن ثم تحولت العلاقات العامة إلى علم ومادة دراسية، وأصبح ستيفان تالينس أول مدير للمعهد ومركزًا معتمدًا للتأهيل الأكاديمي، وفي عام 1969م تأسست رابطة العلاقات العامة في بريطانيا .
تعريف العلاقات العامة
تعرف الجمعية الدولية للعلاقات العامة الوظيفة الإدارية المخططة والمستمرة باسمها، والتي تهدف من خلالها المؤسسات العامة والخاصة إلى كسب ثقة الجماهير والحفاظ على تفهمها وتعاطفها ودعمها لأولئك الذين يهتمون بهم، وذلك عن طريق تقييم الرأي العام بها لربط سياستها وإجراءاتها بقدر الإمكان لتحقيق تعاون مثمر وتلبية المصالح العامة بأكثر فعالية من خلال التخطيط والنشر .
يعرّف المعهد البريطاني للعلاقات العامة الاتصال العام بأنه الجهود المتواصلة والمخططة والمقصودة لتطوير الفهم المتبادل بين أي منظمة وجمهورها والحفاظ عليه .
فلسفة العلاقات العامة
تقوم فلسفة العلاقات العامة على أساس أن الهدف الرئيسي للإدارة في أي منشأة أو منظمة هو خدمة مصالح الجمهور كضرورة لتحقيق العلاقات الجيدة. وبناء على ذلك، تعتبر العلاقات العامة منهجية فكرية للإدارة تعزز المصالح العامة للجماهير. تعترف هذه الفلسفة بقيمة الفرد وأهمية الرأي العام في توجيه الاتجاهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها. وقد أدركت تلك الجهات بشكل جيد مفهوم الرأي العام وتأثيره. وبالتالي، تحقيق الصالح العام لهذه الجماهير هو الأساس لبناء علاقات جيدة والحصول على دعم من الرأي العام والجمهور المستفيد .
دور العلاقات العامة في المجتمعات
تلعب العلاقات العامة دورا فعالا في التنمية، ومن الضروري أن ننظر إلى وسائل الإعلام على أنها أحد العوامل العديدة التي تؤثر على الأفراد والسلوك الاجتماعي، وتهدف التنمية إلى تغيير الواقع الاقتصادي نحو الأفضل والتأثير في سلوك الفرد والجماعة لخدمة المجتمع بأسره، وتستطيع العلاقات العامة أن تلعب دورها في التنمية القومية في المجال الاجتماعي من خلال
الهدف هو التعايش والتفاعل مع الجماهير بصدق فيما يتعلق بمعاناتهم الاقتصادية والاجتماعية، ومشاركتهم في الألم والفرح، والمساهمة الفعالة في توعيتهم ببرامج وخطط الدولة ونشر القيم والتقاليد الصحية بحيث تضمن اندماجهم في المجتمع الجديد والتخلص من القيم والتقاليد القديمة التي تتعارض مع متطلبات بناء المجتمع الحديث .
يمكن لوسائل الإعلام أن تلعب دورا في تغيير العادات الصحية السيئة والمتخلفة وزيادة الوعي الصحي بين الجماهير من خلال الندوات والمحاضرات والأفلام الوثائقية. يقوم وزارة الصحة أيضا بإعداد برامج توعية صحية وتؤكد على أهمية النظافة الشخصية والبيئية .
“يجب دعوة إلى تحسين الأنماط السلوكية التي قد تسود أحيانًا الأفراح والمآتم والمناسبات الدينية، والتركيز على القيم الروحية الحقيقية للقضاء على العادات والتقاليد القديمة والتي ترتبط بهذه المناسبات في بعض المجتمعات .
يجب توعية العاملين في الدولة بأهمية العمل من أجل المصلحة العامة، سواء عن طريق التعامل مع الجماهير أو من خلال اتخاذ وتنفيذ القرارات والإجراءات. كما يجب توعية العاملين بأهمية إقامة علاقات جيدة ومستدامة مع الجماهير التي يتعاملون معها، حيث يعتبر الموظف ممثلا للحكومة ويجب عليه أن يكون ممثلا جيدا قادرا على تعزيز الثقة وتعزيز التعاون بين المؤسسة والجماهير. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتعامل الموظف بشكل جيد مع الجماهير ويؤدي واجباته بكفاءة وأمانة واستمرارية، لتكون العلاقة بين الطرفين علاقة دائمة وطيبة .