المجتمعمنوعات

العادات والتقاليد واثرها على الصحة والمرض

ماهو  علم اجتماع الصحة

تعتبر الصحة من جوانب الحياة الأساسية لكل فرد، ومن الأمور الهامة للمجتمع بأكمله. لذلك، قامت العديد من الدراسات منذ القدم بالبحث عن أسباب الأمراض وطرق علاجها، ومازالت المجتمعات سواء كانت متقدمة أو غيرها تبحث عن الطرق المناسبة للتخلص من الأمراض لتمكين أفراد المجتمع من الحصول على صحة جيدة، وللتخلص من الأوبئة والأمراض.

يعتبر الطب من أقدم المهن التي عرفتها الإنسانية، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن، يتطور الطب بما يتطلبه العصر وما يصل إليه العلماء والباحثون، فكلما مر الوقت، يتم اكتشاف سبل مختلفة للعلاج وأنظمة لم تكن موجودة من قبل، بالإضافة إلى التطور الكبير في التقنيات الطبية ووسائل العلاج.

لم يكن الطب هو العلم الوحيد الذي تطور، بل كانت جميع العلوم في حالة تطور، ومن بينها علم الاجتماع وفروعه ومجالاته المختلفة. وأكد المتخصصون أن هناك علاقة وثيقة بين علم الاجتماع والصحة، حيث إن معظم الأمراض ترجع بشكل أساسي إلى البيئة التي يعيش فيها الفرد، وكذلك العلاج والتخلص من المرض يعود إلى البيئة أو المجتمع الذي يحيط بالإنسان.

أكددت الدراسات أن شبكة العلاقات الخاصة بالأفراد تحدد ما يؤثر عليه وعلى صحته وحالته المرضية، كما تؤثر على السلوك الخاص بالمريض وطريقته في التعامل مع إصابته، إذ أن علم الاجتماع الصحي يهتم بدراسة الحالة الصحية للفرد من الناجية الاجتماعية والبيئية التي يعيش فيها، بعيداً عن الناحية الفردية أو السلوكية للفرد، فيهتم بدراسة الجماعات الوظيفية والتفاعلات الاجتماعية والجماعات المكانية والحالة الاجتماعية التي يعيش فيها الفرد سواء في جماعة واحدة أو جماعات مختلفة.

لذلك، هناك حاجة ماسة لوجود علم منفصل يجمع بين علم الاجتماع والطب، لأنهما يشكلان أساسيات الحياة للبشر. وهناك حاجة أيضا لدراسة خصائص علم الاجتماع الطبي وفهمه، للتخلص من العديد من المشكلات الصحية. وبالرغم من أن علم الاجتماع الصحي ليس علما دقيقا كالعلوم التجريبية، فإنه يهدف لفهم الظواهر الاجتماعية بطريقة علمية. وما يجعله غير دقيق هو عدم القدرة على التعميم، لأن كل مجتمع هو حالة فريدة بذاتها. وما يتم تطبيقه على مجتمع معين لا يمكن تطبيقه على مجتمع آخر.

الثقافة والصحة والمرض

تؤثر الثقافة الفردية والجماعية على الصحة والمرض؛ فالأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة دائما هم أولئك الذين يدركون أهمية الصحة وكيفية الحفاظ عليها ثقافيا، بينما الأشخاص الذين يعانون من الأمراض والأوبئة هم الأقل ثقافة في الجانب الطبي. والأشخاص في المجتمعات النامية هم الأكثر عرضة للاصابة بالأوبئة والأمراض، وعلى العكس من ذلك، يتمتع الأشخاص في المجتمعات المتقدمة بوعي أكبر بالصحة، ولديهم رعاية صحية أفضل في المجتمع. لذا، تعتبر الثقافة والصحة علاقة وثيقة بما أن كلما زاد الوعي والثقافة، كانت الصحة أفضل. وهذه هي خصائص علم الاجتماع الطبي

الأبعاد الاجتماعية والثقافية وتأثيرها على الصحة

أفادت الدراسات بوجود علاقة شديدة بين العادات والتقاليد والثقافة والأمراض التي يعاني منها الأفراد، فنمط الحياة الثقافي للمجتمع وعاداته يؤثران بشكل مباشر على صحتهم. وعلى الرغم من أن الخدمات الصحية والمستشفيات متوفرة داخل الدولة، إلا أنه من الضروري أن تأخذ الحكومة في الاعتبار المعتقدات الثقافية للأفراد وتعمل على تعديل السلوكيات الخاطئة، لأن العادات والتقاليد تشكل جزءا كبيرا من تفكير الأشخاص وسلوكهم، ولذلك يجب الحرص على تغيير المفاهيم الخاطئة والعادات والسلوكيات الغير صحية.

تأثير العادات والتقاليد الأسرية قوي أيضا على سلوك الفرد، حيث تعتبر الأسرة المجتمع الصغير الذي يعيش فيه الفرد ويتأثر به، وكذلك يؤثر عليه مجموعات الأصدقاء وبيئة العمل والأماكن التي يقضي فيها وقت فراغه، وتؤثر على الصحة العامة للأفراد، فمثلا، البيئة الغربية تتعرض بشكل أكبر لأمراض القلب نتيجة العمل الشاق والجاد، وهو سلوك يتبناه الأسرة وينشره في أبنائها، ومن بين عادات هذه البيئة أيضا العمل المكثف واستغلال الوقت، والسمنة، وهي إحدى الأمراض الخطيرة، تصيب المجتمعات والأسر التي تتناول كميات كبيرة من الدهون والوجبات السريعة والمشروبات الغازية.

العلاقة بين الحالة الصحية والعادات والتقاليد وثيقة للغاية، حيث يتبادل علم الاجتماع والصحة تأثيراتهما بشكل متبادل، وتختلف الحالة الصحية والعادات والثقافات في المجتمع الواحد بسبب اختلاف العادات والتقاليد لكل فرد، وفي البلدان العربية تختلف العادات والتقاليد بين سكان الريف والحضر وتختلف عاداتهم وتقاليدهم، مما يؤدي إلى اختلاف في حالتهم الصحية وأنواع الأمراض بين كل مجتمع.

العادات والتقاليد وصناعة التمثلات حول الصحة والمرض

تؤثر المعتقدات والعادات الموروثة على طريقة التشخيص والعلاج للمرض، وليس فقط على الحالة الصحية، فبعض الأشخاص يتجاهلون العلاج لعرض يرونه بسيطا، ويزداد تفاقم المشكلة الصحية، بينما يتصرف البعض الآخر وعيا بأن العرض قد يكون مرضا ويذهب للفحص عند أطباء متخصصين. لذلك، يجب دراسة تأثير الأنماط الاجتماعية والثقافية على الصحة كجزء هام من علم الاجتماع.

كما يوجد بعض الأشخاص الذين لديهم وعي عالي، فيقومون بإجراء فحوصات طبية بانتظام للتحقق من حالتهم الصحية بشكل دوري ومستمر. يمكن لهؤلاء الأشخاص الكشف المبكر عن أي عرض أو مرض قد يصيبهم، وبالتالي يتمتعون بصحة أفضل من غيرهم، حيث لا يتركون الأمراض تنتشر في أجسادهم أو تسبب لهم مشاكل صحية كبيرة. والسبب وراء ذلك هو العادات والمجتمع والبيئة المحيطة بهم. العائلة التي تهتم بصحة أطفالها وتعلمهم أهمية الاهتمام بالصحة تكون لديها وعي عالي بأهمية الفحص والكشف واستشارات الطب.

عند النظر إلى الريف، يوجد العديد من العادات المجتمعية الخاطئة، حيث يسبب الاستحمام في الترع والبرك أو الماء الراكد بشكل عام العديد من المشكلات الصحية، ولذلك تعمل الحكومات دائما على التوعية بأن هذا الفعل خاطئ، كما يلاحظ في الريف أن هناك الكثير من الأفراد المصابين بالبلهارسيا، وهي إحدى الأمراض الخطيرة التي قد تؤدي إلى الوفاة.

تأثير المعتقدات الشعبية على الصحة

المعتقدات الشعبية هي بعض الأفكار التي تورث في المجتمع، وتشكل جانبا مهما في حياة الأسرة. ومن بين الجوانب الهامة التي تؤثر فيها المعتقدات الشعبية، هناك المعتقدات الطبية. حيث يلجأ الكثير من الناس إلى المعتقدات الشعبية كبديل للطب والأطباء، وليس فقط ذلك، بل يلجأ بعض الأشخاص إلى الأشخاص المدعين للعلم الشعبي لتشخيص المرض وتوجيه العلاج المناسب. فمن المعروف أن بعض الأفراد يعتقدون أن أي مرض أو عرض يصيبهم هو نتيجة حسد أو سحر، وعوضا عن زيارة الطبيب يلجأون إلى الدجالين والسحرة.

على الرغم من أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، إلا أن بعض الأشخاص في مجتمعاتنا لا يزالون يعتقدون في فعالية الطب الشعبي والوصفات الشعبية لعلاج الأمراض، مما يمكن أن يؤدي إلى وفاة بعض الأشخاص أو تفاقم المرض وزيادة العرض. ومن المؤسف أن بعض هذه الطقوس والمعتقدات يتم تطبيقها على الأطفال وحديثي الولادة، حيث يضع بعض الأهل عملة معدنية على سرة الطفل المصاب بالفتاق، عوضا عن استشارة الطبيب أو الخضوع لفحص أو جراحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى