يوجد في تاريخنا العربي الكثير من الشخصيات التي تركت بصمتها الواضحة وتمتعت بصفات إيجابية ونبيلة، وعلى رأس هذه الشخصيات القاضي ابن إلياس .
البحث عن شخصيات عربية تميزت بصفات معينة ايجابية وسلبية
القاضي ابن إياس
أبو وائلة إياس بن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رباب بن عبيد بن سوأة بن سارية بن ذبيان بن سليم بن أوس بن مزينة المزني ولد في سنة 46 هـ، وتوفي عام 122 هـ في منطقة اليمامة بنجد. وكان جد أبيه صحابي للنبي صلى الله عليه وسلم، قاضي البصرة ومن الرموز البارزة في التابعين. كان معروفا بذكائه وبصيرته، وكان من أهل الفصاحة والقوة الحجاجية. كما كان يتسم بالتفكير العقلاني والذوق الرفيع، وكان مشهورا بذكائه الفذ .
يشار إلى أن المثل في الذكاء كان يستخدم في المقامات الحريرية لمحمد الحريري البصري، حيث قال عنه “إذا أمعيتي ألمعية ابن عباس، وفرستي فراسة إياس”. وقد انتقل محمد الحريري البصري مع عائلته إلى البصرة، حيث نشأ وتعلم. وكان يتردد على دمشق في شبابه ليتعلم من الصحابة الكرام وكبار التابعين، وقد ظهرت عليه مؤشرات ذكاء منذ صغره .
عندما كان في صغره، انغمس في العلم واستمد منه ما شاء الله، وعندما زار عبد الملك بن مروان البصرة قبل توليه الخلافة، رأى إياس بن معاوية الشاب اليافع إياس بن معاوية وراءه أربعة من القراء الذين كانوا يضعون لحى. حينها قال عبد الملك: “أف لأصحاب هذه اللحى، أليس فيهم شيخ يتقدمهم؟” فقدموا الغلام وسأله: “ما عمرك، يا غلام
رد عليك شخص وقال لك: “أدام الله عمر الأمير كما أدام عمر أسامة بن زيد عندما ولاه الرسول صلى الله عليه وسلم جيشا كان فيه عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق.” ثم قال لك: “تقدم يا فتى، بارك الله فيك.” انتشرت أخبار ذكائه في جميع المناطق وبدأ الناس يأتون من كل مكان ليسألوه عن مسائل العلم والدين التي تعترضهم .
ومن أحداث ذكاءه وحنكته، كان هناك رجل في الكوفة يظهر للناس بالصلاح والورع والتقوى، وكان الناس يثنون عليه ويعتمدون عليه كأمين لهم. ثم جاء رجل إليه وأودع عنده مالا، وعندما احتاج الرجل إلى المال وطلبه منه، رفض أن يعيده. فذهب الرجل إلى إياس وشكا إليه، فقال للمشتكي إياس: “أعلم أن الرجل يريد أن يأتيني.” فأجابه الرجل بـ “لا”، فأمره إياس بالعودة في اليوم التالي، ثم أرسل إياس للرجل وقال له: “قد جمعت لدي مبلغا كبيرا من المال للأيتام ولا يوجد كفيل لهم، ورأيت أن أودع المال عندك وأجعلك وصيا عليه.
ثم سأله فهل منزلك حصين ووقتك متسع فقال له نعم أيها القاضي فرد القاضي وقال له تعال إلي بعد غد وأعد موضع للمال وأحضر معك حمالين يحملونه وفي اليوم الثاني جاء المشتكي للقاضي فقال له أذهب لصاحبك وأطلب منه المال فإن أنكره فقل له أشكوك إلى القاضي فذهب وطلب منه المال ولكنه امتنع عن إعطاء المال له ، فقال له سوف أشكوك إلى القاضي فلما سمع ذلك دفع إليه المال فعاد الرجل للقاضي وقال لقد أعطاني حقي ، ثم جاء الرجل في الموعد ومعه الحمالون لحمل المال فقال له بئس الرجل أنت يا عدو الله لقد جعلت الدين مصيدة للدنيا .
يقول القاضي ابن إياس ما غلبني سوى رجل واحد لقد كنت في مجلس القضاء في البصرة ودخل رجل وقال أن البستان كذا هو ملك لرجل وحدده لي ولو اني قضيت أن البستان له لانتقلت ملكية البستان إليه ولكنني أردت أن أمتحن الشاهد ، فقلت له كم عدد شجر البستان ثم سكت وقال منذ كم يحكم القاضي في هذا المجلس فقال له منذ مدة وذكر له العدد فقال له كم عدد سقف هذا المجلس فلم أعرف وعرفت قصده فقلت له لا أدي والحق معك وأجزت شهادة الرجل .
استمر في القضاء حتى بلغ عمر 76 عاما، ورأى في المنام أنه وأبوه يركبان فرسانا ويتسابقان، ولم يسبق أحدهما الآخر، وتوفي أبوه عندما كان عمره 76 عاما، وعندما عاد إلى فراشه، قال لأهله “هل تعرفون أي ليلة هذه؟.”، وأجابوا “لا”، فرد عليهم “في مثل هذه الليلة، اكتمل عمر أبي”، وعندما استيقظوا في الصباح، وجدوه ميتا في فراشه، وفهم الناس بعد وفاته أن رؤيته في المنام كانت تنبؤا بأنه سيموت عندما يبلغ عمر والده .