اكتشافات البعثة الكويتية للمخطوطات العربية في اليونان
توجد العديد من المخطوطات العربية والإسلامية النادرة في مكتبات ومتاحف أوروبا، ولكن لا يزال هناك جزء كبير منها والرقاع والتاريخية النادرة لم تكتشف بعد في عدة بقاع من العالم، بما في ذلك المخطوطات النادرة التي عثر عليها فريق البحث الكويتي في جبل آثوس المقدس باليونان، والتي تعتبر إنجازا كبيرا للكويت وللمجتمع العربي والإسلامي بشكل عام .
جبل آثوس المقدس
وجد فريق البحث الكويتي هذه المخطوطات العربية النادرة في جبل آثوس المقدس، والذي يقع في شمال اليونان، ويحتل الجبل منطقة أقصى شرق النتوئات الثلاثة في شبه جزيرة كالسيدييس، والتي تقع في مقاطعة مقدونيا التي تطل على بحر إيجة، والذي هو أحد أفرع البحر المتوسط، ويبلغ طوله 643.5 كم، وعرضه 322 كم، ويقع بين شبه الجزيرة اليونانية والأناضول في غرب آسيا، كما أنه يتصل ببحر مرمرة الذي يربط بين البحر الأسود وبحر إيجة، ويفصل الجزء الأوروبي في تركيا عن جزئها الآسيوي، عن طريق مضيق الدردنيل، والذي يبلغ طوله 61 كم، ويتراوح عرضه بين 1.2 إلى 6 كم، ويصل عمقه إلى 60 متر .
يوجد عدد من الرهبان من عدة كنائس أرثوذكسية في جبل آثوس، وتعتبر كاريس عاصمة الجبل. تعتبر هذه المدينة الأكثر سكانا في المنطقة. تمت إدراج جبل آثوس في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو في عام 1988. ذكرت جبل آثوس لأول مرة في الملحمة الشعرية “إلياذة هوميروس.” في عام 850 م، استوطن الرهبان المنطقة وتم توسيع هذه الحياة وأصبحت أكثر تنظيما في عام 963 بناء على بناء أول دير هناك بواسطة القديس أثناسيوس الطرابزوني بمساعدة الإمبراطور نفقور الثاني فوكا .
في القرن الحادي عشر، زاد بناء الأديرة في الجبل، وبحلول عام 1400، أصبح هناك حوالي أربعين ديرا. آخر دير تم بناؤه في هذه المنطقة هو دير ستافرونيكيتا. سيطر الأتراك على المنطقة في عام 1430. تعرضت المنطقة للاستقلال خلال حرب الاستقلال اليونانية من عام 1821 إلى 1832. يتميز الجبل بأنه منطقة للرجال فقط، حيث يمنع دخول النساء. يتم معاقبة المتجاوزين على هذا القرار بالسجن لمدة سنة إلى سنتين. ومع ذلك، دخلت النساء الجبل مرتين فقط في التاريخ، مرة في عام 1770 خلال ثورة ورلوفيكا، ومرة أخرى خلال ثورة عام 1821 .
البعثة الكويتية التي توجهت إلى جبل آثوس
واجهت البعثة الكويتية التي بعثتها كلية آداب الكويت إلى جبل أثوس صعوبات عديدة في الدخول، للحصول على التصاريح التي تمكنهم من ذلك، حيث أن هذه المنطقة تحتوي على كنائس وأديرة ومكتبات لم يدخلها الباحثين من قبل، لذا تعد البعثة الكويتية هي أول بعثة تطأ هذه الأرض لاكتشاف خباياها وأسرارها، وكانت كلية الآداب في جامعة الكويت على تواصل دائم مع السلطات اليونانية وسفارة آثينا في الكويت، من أجل الترتيب والإعداد لهذه الزيارة، وتخطيط ووضع برنامجها .
تفاصيل الرحلة
أوضح الدكتور عبد الهادي العجمي، أستاذ الحضارة الإسلامية في كلية الآداب بجامعة الكويت، أن البعثة كانت تستهدف منذ البداية استكشاف أقدم الأديرة والمقرات والأماكن التي تحتوي على المكتبات التاريخية القديمة. استغل فريق البحث الأيام الممنوحة له بأفضل استغلال، وعثرت البعثة على مخطوطات تعود إلى فترات إسلامية متقدمة. تتضمن المخطوطات مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك بعض المشاكل الحياتية والاجتماعية والطبية والدينية المستمدة من تاريخ الإسلام .
كما أن هذه النصوص تحوي معلومات عن الفقه الإسلامي ومسيحية العهد القديم من الكتاب المقدس، وهذه المعلومات لم تدخل بعد في المعرفة الإنسانية والتراثية للمؤرخين أو في سجلات ومكتبات الجامعات العربية. وقد سجلت البعثة زياراتها للجبل في مقاطع فيديو، لتفتح آفاقا أمام الباحثين العرب لزيادة البحث والتنقيب عن هذه المخطوطات. كما يؤكد هذا الإنجاز دور جامعة الكويت في تحقيق إنجازات كبيرة وحرصها على مواصلة البحث عن المزيد من هذه المخطوطات .
تكريم البعثة
تم استقبال البعثة من قبل مديرة جامعة الكويت، وتم تكريمهم في حضور كل من : الأستاذة الدكتورة سعاد عبد الوهاب عميدة كلية الآداب، والأستاذ الدكتور عبد الله الهاجري رئيس قسم التاريخ، كما تم تكريم رئيس الفريق العلمي الدكتور محمد المرزوقي، وأستاذ التاريخ اليوناني القديم الدكتور حسن بدوي، تقديرا لمجهوداتهم في تشجيع البعثة وتحقيق النتائج التي تم التوصل إليها .