أول من اهتم بجمع السنة وتدوينها تدوينا عاما
الفرق بين الكتابة والتدوين
الكتابة هي الخط الذي يشير إلى الشيء بشكل عام، ولا يتم جمع الصحف المكتوبة في إطار محدد. أما التدوين فهو العملية التي يتم فيها جمع الصحف المكتوبة وحفظها في موضع محدد، وقد صرح ابن سيده بأن “كتابة الشيء” تشير إلى كتابته بالخط، و”كتابا” تشير إلى جمعه، و”كتبه” تشير إلى خطه. وبخصوص التدوين، فقد صرح الفيروزآبادي بأن “الديوان” يشير إلى مجموعة الصحف، و”دواوين” و”دياوين” تشير إلى جمعها.
من هو الذي اهتم بجمع وتدوين السنة تدوينًا عامًا
تعد السنة النبوية الشريفة أحد المصادر الهامة للشريعة الإسلامية، والحفاظ عليها أمر بالغ الأهمية للإسلام والمسلمين. فهي توضح وتشرح القرآن الكريم، وتفصل الأحكام الشرعية التي ذكرت في القرآن الكريم. رسولنا الكريم لا ينطق عن هواه، وكل ما ورد في سنته الشريفة من أحكام شرعية وغيرها تم الاهتمام به. وقد قرر التابعون الحفاظ عليها من التحريف والتضليل. والسؤال المطروح هنا هو: من الشخص الذي قام بتدوينها أول مرة؟ وسيتم توضيح الإجابة في الجمل التالية
أول محاولة لجمع السنة النبوية كانت بمبادرة من عبد العزيز بن مروان، ولكن تدوين السنة كان في مرحلة سابقة، حيث كان بعض ما رواه أبو هريرة موجودا بالفعل عند عبد العزيز بن مروان، ولكن لم يتم تحديد زمان التدوين، لذلك من الممكن أن يكون التدوين في مرحلة ما قبل عهد عبد العزيز بن مروان، ولم يتم إثبات ما إذا كان التدوين تم بأمر منه أم لا.
قام عمر بن عبد العزيز، الابن الثاني لعبد العزيز بن مروان، بجمع السنة بطريقتين مختلفتين، وهما:
- في البداية، كتب عمر بن عبد العزيز رسالة إلى أبي بكر بن حزم، كما ورد في صحيح البخاري: `انظر إلى ما توجد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم واكتبها، فأنا قلق من اندثار المعرفة وانقراض العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم`. وفي قوله: `ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم`، يدل ذلك على ضرورة الدقة والتمحيص عند تدوين وجمع الأحاديث.
- ويتمثل الأمر الثاني في تكليف ابن شهاب الزهري بجمع السنة النبوية الشريفة، إذ قال الزهري: `أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، وبعث إلى كل أرض لها سلطان دفترًا`.
وقال ابن حجر – رحمه الله: ابن شهاب الزهري هو أول من دوَّن الحديث عندما أمر عمر بن عبد العزيز بذلك، ثم ازداد عدد الكتَّاب والمصنِّفين للحديث، وحدث ذلك بفضل الله.
ما هو الفرق بين مرحلة التدوين ومرحلة التصنيف
انتقلت السنة النبوية الشريفة عبر مراحل مختلفة، بما في ذلك مرحلة التدوين ومرحلة التصنيف، ويتميز الفرق بين هاتين المرحلتين بعدة عوامل
- مرحلة التدوين
هذه المرحلة شهدت تدوين حديث النبي عليه الصلاة والسلام فقط، حيث ذكر في الكتاب الذي كتبه الخليفة عمر بن عبد العزيز لأبي بكر بن حزم: `لا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم`.
- مرحلة التصنيف
تعدهذه المرحلة التي اتخذت أشكالًا مختلفة، مرحلة تدوين أقوال الصحابة والتابعين بالإضافة إلى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. وكان الأئمة يؤلفون كل باب منفردًا، وتوجد بعض الأئمة الذين قاموا بتأليف كل الأبواب، في حين اقتصر البعض الآخر على بعض أبواب الأحكام.
أنواع كتب الحديث
إن لكتب الحديث أنواع عديدة وتتجلى في:
المسانيد
تم تصنيف الكتب على مسانيد محددة وهي أسماء الصحابة، حيث تم جمع أحاديث كل صحابي بشكل منفصل، وتم ترتيب هذه المسانيد حسب حروف المعجم أو بحسب الأسبقية في الإسلام، ومن بين أسماء المسانيد:
- يُعد مسند أحمد بن حنبل من أهم وأشمل وأعظم المسانيد.
- مسند أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي.
- مسند أبي داود للإمام سليمان بن داود الطيالسي.
- مسند أسد بن موسى الأموي.
- مسند مسدد بن مسرهد الأسدي البصري.
- مسند نعيم بن حماد.
- مسند عبيد الله بن موسى العبسي.
- مسند أبي خيثمة زهير بن حرب.
- مسند أبي يعلى أحمد بن علي المثنى الموصلي.
- مسند عبد بن حميد وغيرهم.
السنن
تتم ترتيب كتب السنن حسب الأبواب الفقهية، حيث تبدأ بالإيمان والعلم وتغطي جوانب الشريعة الإسلامية بما في ذلك الطهارة والصلاة والزكاة والحج وغيرها من الأمور الشرعية، وتحتوي أحاديثها على العديد من الموقوفات والمراسيل والمعلقات، ومن بين أشهر كتب السنن:
- سنن أبي داود السجستاني.
- سنن الترمذي ويسمى أيضًا باسم الجامع.
- سنن النسائي”المجتبى”، أحمد بن شعيب.
- سنن ابن ماجة القزويني.
- سنن سعيد بن منصور.
- سنن الدارمي لعبد الله بن عبد الرحمن.
- سنن البيهقي، أحمد بن الحسين.
الصحاح
تعد هذه المجموعة من الأحاديث مثل السنن، حيث تتبع نفس الترتيب، ولكن أصحاب الصحاح قد اقتصروا على ما صح عن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحاديث والآثار، ويعد بعض أشهر الصحاح هو:
- صحيح الإمام البخاري، محمد بن إسماعيل.
- يحتل صحيح مسلم النيسابوري المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري من حيث الأهمية.
- صحيح ابن خزيمة، محمد بن إسحاق.
- صحيح الإمام ابن حبان، محمد بن حبان.
المعاجم
يتجلى معنى المعجم في الكتاب الذي يتم فيه ترتيب الأحاديث وفقا لمسانيد الصحابة أو ترتيب الشيوخ أو البلدان، وعادة ما يتم ترتيب أسماء الكتب وفقا لحروف المعجم، وأشهر المعاجم التي تتجلى فيها تشمل:
- المعجم الكبير هو كتاب لأبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حيث قام بترتيب أسماء المبشرين بالجنة حسب حروف المعجم، وأما مسند أبي هريرة فقد تم وضعه في كتاب منفصل ضمن مجموعة مصنفات.
- تم ترتيب المعجم الأوسط وهذا المعجم حسب أسماء الشيوخ، ويقال إنه يحتوي على ثلاثين ألف حديث.
- يندرج المعجم الصغير أيضًا ضمن المعاجم التي تم ترتيبها حسب أسماء الشيوخ، وقد تم ترتيبه بحسب حروف المعجم.
- كتاب معجم الصحابة للإمام أحمد بن علي بن لال الهمداني.
- معجم الصحابة لأبي يعلى أحمد بن علي الموصلي.
- معجم الصحابة لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي.
المصنفات
يُعرف المصنف على أنه هو الكتاب الذي تم ترتيبه حسب الأبواب الفقهية، ويحتوي على أحاديث مرفوعة ومقطوعة، ومعنى الأحاديث المرفوعة أي الأحاديث النبوية أما الأحاديث المقطوعة فهي أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، بالإضافة إلى فتاوى أتباع التابعين أحيانًا، وهنا يتجلى الفرق ما بين المصنفات وبين السنن، ومن الأمثلة للمصنفات:
- يصنّف كتاب أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني.
- يُنسب المصنف لأبي سفيان وكيع بن الجراح الكوفي.
- يصنف لأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي.