أول بلد صنعت الكرواسون وسر ارتباطه بشكل الهلال
يعرف الكرواسون في الوطن العربي ، وهو أحد المعجنات المحببة التي نتناولها كثيرا ، وهو خبز أوروبي ، تم صنعه في القرن السادس عشر ، ثم انتشر بعدها في جميع أنحاء العالم ، ولكن هناك سر يكمن وراء صناعته على شكل الهلال ، وكان نتيجة لحروب متعاقبة بين العثمانيين والمماليك الأوروبية .
حروب العثمانيين في أوروبا : أراد السلطان `محمد الثاني`، الذي أطلق عليه لقب `الفاتح` بعد سقوط إمبراطورية بيزنطة `القسطنطينية` عام 1453م، وهي أكبر معقل للمسيحية في أوروبا الشرقية، أن يتوجه إلى أوروبا، وبدأت الخلافة العثمانية في خوض معاركها مع الممالك الكبرى في أوروبا منذ بداية القرن الرابع عشر، في بلغاريا وصربيا، ونجحت في السيطرة على البلقان في وقت قصير، واستمرت الحروب العثمانية في المجر وكرواتيا حتى توسعت الدولة العثمانية بشكل كبير في أوروبا الوسطى .
بعد أن سيطر العثمانيون على المماليك، حاولوا ضم النمسا أيضا إلى الخلافة العثمانية. فعليا، كانت أول محاولة لهم في عام 1533م لضم فيينا، لكنها فشلت. كانت فيينا حلما بالنسبة للعثمانيين بسبب أهميتها الاستراتيجية، حيث تطل على خطوط التجارة والطرق في قلب أوروبا .
قدوم الأتراك : كان الأتراك يسببون الخوف والرعب للأوروبيين، وكذلك عندما جاء الخليفة العثماني “محمد الفاتح“، كان صوت صهيل الخيول يذكرهم بقدوم هذا السلطان الذي قرر غزو أوروبا بعد أن هزم الدولة البيزنطية شرقا والممالك الكبرى غربا. وفي تلك الفترة، كانت عبارة “الأتراك قادمون” تردد على ألسنة قادة أوروبا والأسر الخائفة .
حصار فيينا عام 1553 : سليمان القانون، الخليفة العثماني، حاول السيطرة على فيينا حيث أرسل 120 ألف جندي و300 مدفع. ورغم ذلك، تمكن الدفاع النمساوي من صدهم وفتح الحصار بعد 25 يوما. وفيما بعد، توجهت القوات إلى ألمانيا وقاتلوا الملك شارلكان، وعاد معظم الجنود من فيينا بعد أن استولى الصفويون على بغداد، مما أدى إلى إلغاء الحصار وتوقيع معاهدة للسلام بين الخصمين .
المعركة الحاسمة : بعد مرور أكثر من 150 عاما على الحصار، حاول العثمانيون مرة أخرى احتلال فيينا في عام 1683 م بقيادة السلطان `محمد الرابع` وكان لديهم جيش يتكون من حوالي 120-138 ألف جندي (العدد غير معروف بالضبط) بقيادة قائد المجلس العسكري العثماني `مصطفى باشا` .
ومن هنا بدأت فيينا، عاصمة النمسا، تتعرض للتهديد بالسقوط على يد العثمانيين. فلجأ إمبراطور النمسا إلى البابا اينوست الحادي عشر ليكون سفيرا له لدى لويس الرابع عشر، ملك فرنسا، رغم أن فرنسا كانت أكبر أعدائه. قدم البابا له مجموعة من 5000 جندي للمساعدة. حدثت العديد من المعارك بين العثمانيين والنمسا، لكنها انتهت باتفاق سلام بينهما. ومن بين بنود الاتفاق، قدمت النمسا للعثمانيين غرامات حرب تقدر بحوالي 200 ألف سبيكة ذهبية، وسمحت للجيوش العثمانية بالسيطرة على جميع القلاع التي استولوا عليها .
التحالف المسيحي : كانت الممالك الأوروبية والأمراء يعدون جيوشهم لمواجهة الجيش العثماني، فكانوا يدركون أن سقوط فيينا سيكون بداية نهايتهم، وكانت المعركة الأخيرة لإنقاذ فيينا من العثمانيين، لذلك تم تجميع حوالي 70 ألف جندي من القوات البولندية والنمساوية والألمانية لمواجهة الجيش العثماني بعد حصار فيينا لمدة 38 يوما، ونجحت الجيوش المسيحية المتحدة في أوروبا في الانتصار بعد حرب بين الطرفين، ومن هنا تراجع الجيش العثماني عن خططه للتوسع في أوروبا .
الإحتفال بصناعة الكرواسون : صنع خبز بشكل هلال، رمز الخلافة العثمانية الإسلامية، محتفلا بهزيمة الجيش العثماني، وتعبيرا عن فرحهم كلما تناولوا الهلال، الذي كان مصدر تهديد لهم منذ عقود كثيرة، ومن هنا انتشرت صناعة الكرواسان من فيينا إلى أوروبا، وانطلقت في جميع أنحاء العالم بدون العلم بسر صناعته على هذا الشكل .