اسلامياتالقران الكريم
أنواع المطر في القرآن الكريم .. والفرق بين المطر والغيث
المعنى اللُغويّ
يشير معنى المطر إلى الماء الذي ينزل من السحاب ويأتي أحيانا بالنفع وأحيانا بالضرر، والمطر في القرآن الكريم له أنواع عديدة، ومنها ما يلي
- الصيب: الصيب هو المطر الذي ينزل من السحاب، ويطلق على السحاب الذي يحمل المطر. تم ذكر كلمة `الصيب` في القرآن الكريم في قول الله عز وجل: `وكصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق…` (البقرة الآية 19). الدلائل تشير إلى أن `الصيب` يعني المطر الغزير. قال الزمخشري: `وقرئ كصائب، والصيب أبلغ، والسماء: هذه المظلة`. ولكن ذلك لا يعني أن `الصيب` يشير إلى العذاب، بل في بعض الأحيان يشير إلى الخير، وذلك بناء على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: `اللهم صيبا نافعا`
- الوابل: إنها مياه المطر الغزيرة التي تروي الأرض.
- الطلّ: وهو المطر الخفيف ويطلق على الندا طلاً، وقد ذٌكر كلاً من الوابل والطلّ في قول الله سبحانه وتعالى: : (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من عند أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فأتت أكلها ضعفين، فإن لم يصبها وابل فطلّ، والله بما تعملون بصير) (البقرة الآية 265)، وتدل الآية أنّ لشدة خصوبة التربة وجودتها فإنها تخرج ثمارها حتّى لو لم ينزل عليها إلا مطر خفيف.
- البرد: المطر في هذا المعنى يكون على شكل حبات متجمدة عند نزوله من السحاب وقد جاء ذلك في قول الله سبحانه وتعالى: (وَيُنَزّلُ مِنَ السّماءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ) (النور).
أنواع المطر في اللغة العربية بالترتيب حسب قوته
- الرّذاذ: وتتكون المطر من قطرات صغيرة الحجم تتساقط من السحاب نتيجة تكاثف الضباب في طبقات الجو بالقرب من سطح الأرض.
- الطل: هو ماء المطر الخفيف الذي ينزل على أوراق الشجر والأسطح في الصباح الباكر
- الرّش: الماء الخفيف الذي يتساقط في بداية المطر أو بعد الزخات الغزيرة يُسمى الزبد.
- الدّيم والهتان: يشير إلى المطر الذي يستمر لعدة ساعات أو أيام دون حدوث صواعق أو رعود.
- الغيث: هو المطر الذي يأتي بعد فترات طويلة من الجفاف.
- الوليّ: هو المطر الذي ينزل قبله مطر.
- الوابل: وهو المطر الشديد.
الفرق بين المطر والغيث
أولا: دلالة اللغة
- في اللسان: الغيث هو المطر، والمطر هو الماء الذي ينزل من السماء.
- قال الطبرسي: يُعرف الغيث (المطر) باستقباله في الأرض الجافة لإنقاذها من الجفاف، وكانت فعالية الغيث في وقته، بينما يمكن أن يكون المطر فعالًا أو مضرًا في أوقات مختلفة.
- في الوسيط: الغيث هو الماء الذي يتساقط من السماء، ويطلق عليه اسم غُيوث وأغياث، ويطلق على الأمطار.
الدلالة القرآنية
- يدل الغيث كما جاء في (معجم الفروق الدلالية في القرآن): تدل المطر النافع الذي يروي التربة على الخير والنفع والخصوبة، حيث يساعد على نمو الثمار والنباتات
- كما قال أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية: يشير الغيث في القرآن الكريم إلى الفائدة ويتم دليل ذلك من الآيات في كتاب الله، مثل قوله تعالى: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد)، وأيضا قوله: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)، فإن الغيث يذكر فقط في النفع والخير ويشير إلى الطمأنينة والأمان، وبالتالي فإن الغيث يرمز إلى الرحمة
- كما يدل على الاستنجاد وطلب النصرة: وفقا لما ورد في القرآن الكريم، قال تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فليقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من وراءكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا}
يعتبر المطر عقابا من الله تعالى للطغاة الذين يروجون للفساد في الأرض، وذلك وفقا لقول الله تعالى في القرآن الكريم: “وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين” و “فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود”. وبالتالي، يمكن اعتبار المطر دليلا على العقاب والعذاب
بعض الآيات التي ورد فيها لفظ (الغيث)
- قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ”(لقمان34)
- قال تعالى:”وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ”(الشورى 28)
الآيات التي ورد فيها لفظ (المطر)
- قال تعالى:”وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِينا”(النساء 102)
- قال تعالى:قالوا: `إن هذا مجرد عارض مطرنا، بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ` (الأحقاف 24)
- قال تعالى:نزلنا عليهم مطرًا فكان سوء مطر المنذرين” (الشعراء 173)
- قال تعالى:” وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ”(الأعراف 84)
- قال تعالى:”فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ”(هود 82)
- قال تعالى:”فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ”(الحجر 74).
يقول الدكتور أحمد مختار عمر في (قاموس القرآن) أن هناك ترادف لغوي بين الغيث والمطر باتفاق اللغويين، ولكن تتبع معنى الغيث والمطر كما جاء في آيات القرآن يدل على وجود اختلاف في المعنى بينهما
- وقد ورد عن فنقل الثعالبي: (المطر) عندما يأتي في الوقت المناسب أو عند الحاجة إليه، فهو (الغيث)
- ونقل القرطبي: (الغيث) (المطر) يسمى غيثا لأنه يغيث الخلق
- وعن الأصمعي قال: عندما مررت ببعض قبائل العرب وهطل المطر، سألت إحدى العجائز منهم: هل تساقط الأمطار عندكم؟ فأجابت: `نحن نحصد ما نريد من الغيوم`
- وعقب القرطبي نقلا عن الماوردي قائلا: (الغيث) في وقته لم يكن مفيدا، و(المطر) قد يكون مفيدا أو ضارا في وقته وغير وقته (الجامع لأحكام القرآن)
- ويعقب الدكتور عمر قائلا: ولا شك أن الاستعمال القرآني يؤيد هذه التفرقة الدقيقة في المعنى” وهذه إشارة إلى أن الغيث يستخدم في النفع بينما يستخدم المطر في الضرر
الأسباب الجالبة للغيث
لطلب الغيث ونزول المطر من الله عز وجل، هناك أسباب يجب اتباعها، وهي كالتالي:
- كثرة الاستغفار: كما جاء في قول الله سبحانه وتعالى عن سيدنا نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا}
- الاعتدال والاستقامة قال تعالى: إذا ثبتوا على الطريقة الصحيحة، سنسقيهم ماء غدقا
- التوجه بالدعاء إلى الله عز وجل في خلال الخطبة: ذكر أنس بن مالك أن رجلا دخل المسجد أثناء خطبة الجمعة وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء لهم بالغيث، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ودعا: `اللهم أغثنا اللهم أغثنا`
- التقوى: تعتبر تقوى الله عز وجل من أسباب نزول الغيث، كما ورد في القرآن الكريم:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون}
- صلاة الاستسقاء: يتحدث حديثا عن عبد الله بن زيد الأنصاري، حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الاستسقاء في المصلى، وعندما أراد الدعاء، استقبل القبلة وحول رداءه
- المعجزات الإلهية: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `ولولا البهائم لم يمطروا`
- قُحط المطر وقنط الناس: : قال قتادة: ذكر لنا رجل أنه سأل عمر بن الخطاب: “يا أمير المؤمنين، لماذا لا يمطر ويعاني الناس من الجفاف؟” فأجاب عمر: “لقد أمطرتم،” ثم قرأ الآية “وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته”، وأوضح أن القحط الحقيقي ليس بعدم نزول المطر، بل بعدم استفادتنا منه، وأن الرزق والبركة ليست بالضرورة من المطر، بل هي من عند الله تعالى، ولذلك ينبغي التوكل عليه وحده