أزمة ونتائج إنفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا
يبدو أن النزاعات والانفصالات بين الدول والأقاليم التابعة لها تشكل السمة السائدة في أوروبا في الوقت الحالي، حيث بعد انفصال اليونان والبرتغال وإيطاليا، يبدو أن إسبانيا ستنضم إليهم، ومن الممكن أن تسير بريطانيا على نفس المنوال.
تاريخ النزاع بين كتالونيا و إسبانيا
إن تاريخ النزاع بين إقليم كتالونيا و إسبانيا ليس وليد الأمس و إنما يرجع تاريخه إلى عقود مضت ،فهناك تاريخ حافل بالصراعات بين الإقليم و الحكومة في إسبانيا ،فمنذ عام 1931 م و خلال الجمهورية الإسبانية الثانية و الجدل و النزاع دائرين بين المنطقتين ،إذ حصل إقليم كتالونيا على الحكم الذاتي لنفسه و أسس قومية خاصة به ،لكن عندما وصل الجنرال فرانسيسكو فرانكو إلى سدة الحكم في إسبانيا علق الحكم الذاتي للإقليم و وجه كافة أنواع الإضطهاط لسكانه و ذلك في الفترة من عام 1936- 1975م ،كما تم إعدام رئيس الإقليم بتهمة التمرد على الحكم ،و لكن عقب وفاته و تحديداً في عام 1979 م عاد العمل بنظام الحكم الذاتي مرة أخرى لسكان الإقليم .
إقليم كتالونيا
إقليم كتالونيا يقع في شمال شرق إسبانيا، وتبلغ مساحته حوالي 32106 كيلومتر مربع، وبالتالي يعتبر سادس أكبر إقليم في إسبانيا من حيث المساحة، ويمثل 6% من إجمالي مساحة إسبانيا، ويبلغ عدد سكانه 7.5 مليون نسمة، ما يعادل 15% من عدد سكان البلاد، ويساهم بنسبة حوالي 20% في الناتج القومي لإسبانيا، ويتحدث سكانه اللغتين الإسبانية والكتالونية، وتعتبر مدينة برشلونة عاصمته .
أسباب رغبة كتالونيا في الإنفصال
خلال فترة حكم الجنرال فرانسيسكو، عمل أهالي الإقليم على تطويره والنهوض به حتى أصبح واحدًا من أهم وأغنى الأقاليم الإسبانية .
1- هناك انفصالية لدى سكان الإقليم منذ إضطهادهم على يد الجنرال فرانسيس فرانكو .
تم طلب الإتحاد الأوروبي من الدول التابعة له تطبيق إجراءات التقشف، وفرضت حكومة ماريانو راخوي العديد من الخصومات الضريبية المتذبذبة على سكان الإقليم، والتي بلغت حوالي 10% من إجمالي الناتج المحلي، وهي تعادل حوالي 20 مليار يورو.
يعاني سكان الإقليم من تدهور الخدمات التي تقدمها الدولة من التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، مما أدى إلى ظهور موجات من الغضب والاستياء بينهم .
طلب رئيس الحكومة المحلية أرتو ماس تطبيق نظام ضريبي مستقل عن إسبانيا، ولكن رفض رئيس الحكومة ماريانو راخوي هذا الطلب، مشيرًا إلى أنه يتعارض مع الدستور .
،أمام هذه الضغوط التي تؤثر على حالة الرخاء الاقتصادي التي يعيشها سكان الإقليم، قررت الأحزاب اليمينية واليسارية ونسبة عالية من السكان إجراء استفتاء على الانفصال عن إسبانيا، بهدف الاستفادة من مواردهم الاقتصادية، وأعرب حوالي 57% منهم عن تأييدهم للانفصال الكامل وتشكيل دولة مستقلة، وذلك وفقا لاستطلاعات غير رسمية .
تأثيرات ونتائج انفصال كتالونيا عن انفصالها عن إسبانيا
سوف تفقد إسبانيا ركنًا هامًا وركيزة أساسية من أهم ركائز اقتصادها حيث تشكل العاصمة الكتالونية برشلونة خمسة أخماس الاقتصاد الإسباني والناتج المحلي الإجمالي للبلاد .
من المتوقع أن تفقد إسبانيا حوالي 210 مليون يورو أي ما يعادل حوالي 19% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يقع في برشلونة معظم شركات تصدير السيارات والأجهزة الإلكترونية .
ستفقد إسبانيا حوالي 26% من صادراتها التي تعتمد على المواد التي يتم تصنيعها في برشلونة .
ستفقد إسبانيا جميع الموارد التي يوفرها فريق برشلونة من فرص عمل وإشغالات كثيرة تتعلق بالنادي، لأنه من المتوقع أن ينضم إلى الدوري الفرنسي .
بناءً على السيطرة التي تمتلكها برشلونة على 70% من حركة النقل والمواصلات المتعلقة بالتجارة الخارجية، ستواجه إسبانيا صعوبات اقتصادية كبيرة .
أشارت النتائج الأولية إلى أن حوالي 90% من إجمالي سكان الإقليم صوتوا لصالح الإنفصال عن إسبانيا ،و بالطبع فإن إنفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا سيتسبب في خسائر إقتصاية فادحة لإسبانيا ،لذلك تحاربه الحكومة الإسبانية بكل ما أوتيت من قوة ،كما سيؤي إلى إنتعاش الإقتصاد و تحقيق الإزدهار لسكان الإقليم الكتالوني لذلك فإن الإتجاه العام السائد في الإقليم يتجه نحو الإنفصال و تأسيس دولة ذات سيادة مستقلة بعيداً عن سيادة إسبانيا ،و لكن هل ستتم عملية الإنفصال الفعلي بهذه السهولة ؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة .