آيات قرآنية عن المسؤولية وتفسيرها
تعريف المسئولية
المسؤولية هي مهمة يتوقع من الأفراد القيام بها، ويمكن أن تكون بشكل منهج يتوقع أن يتبعه الفرد، وكل شخص مسؤول بمستوى معين، بدءا من الطفل الذي يتعلم الأساسيات مثل المشي والكلام، ويزداد مستوى المسؤولية وتنوعها مع نمو الفرد وقدراته.
تحوي العديد من آيات القرآن الكريم على شرح وتوضيح مسؤوليات الإنسان وواجباته المختلفة في الحياة.
أيات من القرآن عن المسئولية
- مسئولية التوحيد
تتضمن المسؤوليات مستويات ودرجات، وأول وأكبر مسؤولية تحملناها كبشر هي أمانة التوحيد والإيمان بالله تعالى وحده، وما أوجبته تلك الأمانة علينا، وقد قال تعالى في سورة الأنفال الآية 27: `إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ۖ إنه كان ظلوما جهولا`.
توجد اختلافات بين العلماء في تفسير معنى الأمانة في التفسير السابق، حيث أن بعض أهل العلم يقولون إن الله تعالى عرض فرائضه على السموات والأرض والجبال، وفي المقابل فإنه سيكافئها على حسن تعاملها معها وسيعاقبها على تفريطها فيها، ولكنها جميعا رفضت تلك الأمانة خوفا ورحمة منها أن تتلاشى.
يحمل الإنسان هذه الأمانة الكبرى، ووفقا لتفسير ابن عباس للآية، الأمانة تشمل الفرائض. وفي حديث جويبر، يذكر أنه عندما عرضت الفرائض على آدم، سأل عن معنى الأمانة، فأجابه الله بأن من أديها سيجزى، ومن خانها سيعاقب. وعندما علم آدم بذلك، قال إنه يحمل هذه الأمانة، ومكث في الجنة لفترة قصيرة، ثم خان الله وعصاه، فأخرج من الجنة.
حمل الإنسان هذه المسئولية الكبرى بسبب قدرته العقلية ، فالعقل هو شرط لتحمل المسئولية في الإسلام .
- مسئولية الكلمة
عندما يتحمل الإنسان المسؤولية باختياره، يصبح مسؤولا عن نفسه وكلماته وأفعاله، ويجب عليه تحمل هذه المسؤولية أمام الله عز وجل. ومن أهم الكلمات التي يتحملها الإنسان مسؤوليتها كلمة التوحيد، وقد قال الله تعالى في سورة النحل الآية 25: “ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير عل.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: أي داع يدعو إلى الضلالة فاتبعه، فإن من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء فله مثل أوزاره، وأي داع يدعو إلى الهدى فاتبعه، فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
تذكر هذه الآية الكريمة والحديث بأن الإنسان مسؤول بمسؤولية كبيرة عن أي كلمة ينطق بها ليضل بها غيره، أو أي كلمة ينطق بها ليهدي بها غيره، فالإنسان لم يخلق ليعيش بمفرده، وإنما ليعيش في مجتمع يتحمل كل فرد فيه مسؤولياته تجاه الآخرين.
في سورة الحج، يذكر الله تعالى في الآية 40: `ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامعوبيوتًا وصلواتٍ ومساجد يُذْكَرُ فيها اسم الله كثيرًا، ولينصرن الله من ينصره، والله لقوي عزيز`.
تفسير الآية (دَفَعَ اللَّهُ النَّاسَ …) يعني دفع المشركين بالمسلمين والجهاد في سبيل الله، ويقال إن الآية نُزِلَتْ في أصحاب رسول الله تعالى، فلولا تحملهم مسؤولية نشر الإسلام والجهاد ضد الكافرين، ودفاعهم عن التابعين، لهدمت الصوامع والمساجد ووصلت الأذي إلى التابعين.
يشير تعبير دفع الناس بعضهم لبعض إلى الشجاعة في الدفاع عن الحقيقة، وأنه لولا هذه الشجاعة لانتشر الظلم بين الناس وهدمت مبادئ الدين.
- مسئولية الأسرة والأبناء في القرآن
يتحمل الأب والأم مسؤولية توفير النفقات وتربية عائلتهم، وتم ذكر ذلك في الآية الكريمة في سورة طه، حيث قال الله: “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ.
وفي تفسير الأية فإن المخاطب هو سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، حيث يأمر الله عز وجل نبيه بأن يأمر أهله بالصلاة وأن ويصير على القيام بها ويؤديها بحدودها، والله تعالى لا يسال نبيه عن مال بل يكلفه بالعبادة وهو سبحانه سوف يعطيه أر وثواب عظيم والمال أيضًا ، وفي النهاية فإن العاقبة الصالحة ستكون لمن يتقون الله ويخشونه دون غيرهم ممن لا يرجون ثوابًا.
تحتوي الآية على أمر عام للمسلمين، لأن القرآن الكريم يشرح بعبارات عامة، وبالتالي فإن من أهم مسؤوليات رب الأسرة هو أمر الذين يحتملون طاعتهم بأداء حق الله عز وجل .
وفي الأية الكريمة من سورة التحريم أية 6 يقول تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة”، وهي أية تحمل مسئولية كبرى لأصحاب العقول، فالإنسان مأمور أن يتقي الله وأني حرص على دعوة أهله جميعا للحرص على تقوى الله تعالى، وهذا الأمر للمؤمنين كافة من الرجال والنساء والفتيان فالمسئولية تقع على كل فرد من أفراد الأمة المسلمة.
وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: يتحمل كل شخص مسؤولية رعايته للآخرين، فالإمام مسؤول عن رعاية جميع أتباعه، والرجل مسؤول عن رعاية أسرته والمرأة مسؤولة عن رعاية عائلتها في بيت زوجها، والخادم مسؤول في حفظ مال سيده.
يشير هذا الحديث إلى أن كل فرد مسلم يتحمل مسؤولية رعاية عائلته والمجتمع الذي يعيش فيه، وهو “راع ومسؤول عن رعيته”، وهذا مؤكد في الآيات الكريمة.
المسؤولية ليست مقتصرة على التربية والإرشاد فحسب، وإنما تشمل أيضًا المسؤولية المادية، ولذلك يتعين على كل فرد العمل وكسب المال بجهده، ثم إنفاقه على أسرته وإمداد المحتاجين والأيتام في المجتمع الإسلامي.
في سورة الطلاق، ذكر الله تعالى في الآية السابعة أن كل شخص يملك القدرة على الإنفاق ينفق بما يملك، ومن حصل على رزق كاف ينفق مما أعطاه الله، والله لا يكلف نفسا إلا بما أعطاها، وسيجعل الله السهولة بعد العسر.
وهذه الأية فيها أمر للوالد أو للولي أن ينفق على المولود بقدر استطاعته، وقد قيل في تفسير تلك الأية، أنه عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم” ثلاثة نفر ، كان لأحدهم عشرة دنانير ، فتصدق منها بدينار، وكان لآخر عشر أواق فتصدق منها بأوقية، وكان لآخر مائة أوقية ، فتصدق منها بعشر أواق ، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم هم في الأجر سواء ، كل قد تصدق بعشر ماله ، قال الله تعالى لينفق ذو سعة من سعته “.
هذا يدل على أن المسلم مسؤول عن إخوانه الفقراء، وليس فقط عن أهله. حتى لو كان يملك القليل، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
مع المسؤولية يأتي الأجر والثواب، فعلى الرغم من أن النفقة على الأهل واجبة، إلا أن المسلم يثاب عليها، حيث ورد في الحديث الشريف: “أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله.
وحتى المرأة عندما تنفق المال على أولادها بالرغم من أن النفقة غير واجبة عليها فهي تؤجر على ذلك ، فقد ورد في الحديث أن أم سلمة قالت: ” يارسول الله هل لي أجر في بني أبي سلمة أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما هم بني، فقال عليه الصلاة والسلام، نعم لك أجر ما أنفقت عليهم” .