ادببوح القصيد

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

تُكرر هذه العبارة كثيراً، وفي الليالي الظلماء يفتقد البدر، وهي تعبير عن قيمة الشيء أو الشخص الغائب في وقت الحاجة الماسة إليه، وذلك لأن الشخص الغائب يسد الفراغ بكفاءة واقتدار.

من القائل ” في الليلة الظلماء يفتقد البدر “

سيتذكرني شعبي عندما يجدون جدهم، وفي الليالي المظلمة يشتاقون للبدر.” هذه بعض الأبيات من قصيدة أبو الفراس الحمداني، الذي ولد في عام 932م وتوفي في عام 964م، في عهد الخلافة العباسية. تعرض للاسر مرتين في حياته من قبل الروم، ولكنه لم ينسى حبه وحنينه لوطنه بتاتا. ثم خرج وحكم لمدة عام واحد قبل وفاته بعدها.

أبو فراس، الذي ولد في الموصل لأسرة كريمة، كان يتمتع بمستوى عال من الثقافة وفنون الفروسية، وقد نشأ في بلاط ابن عمه سيف الدولة الحمداني، حيث كان يتولى منبح وحران، وبعدها تم اسره، وبعد فترة تم اسره مرة أخرى.

ما معنى مقولة” وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر “

يلاحظ أن هذا البيت قد اقتبس من المثل `وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر`، حيث يتشابه الشاعر مع البدر ويذكر الناس به في الأوقات العصيبة فقط؛ لأنه كان فارسا في معالجة المشاكل الصعبة. ويعد هذا البيت من قصيدة `أراك عصي الدمع` لأبو فراس الحمداني، والتي غنتها أم كلثوم ولحنها عبد الحمولي ورياض السنباطي.

أراك عصي الدمع

عصي الدمع هي سمة صبرك…. ولكن للعشق لا توجد نهيات أو أوامر

نعم، أشعر بالحنين ولدي لهفة… ولكن مثلي لا يعلن عنه لأحد

إذا أضاءني الليل بمسة الهوى، وسحقت دمعة من خلقه الكبر

تقريبا تنطفئ النار بين جوانحي… عندما تشعلها الشمعة والتفكير

سبب تفرقتي بالوصل، والموت بدونه… إذا مت ظمآنا فلا نزلت القطر

إنها قصيدة من القرن العاشر الميلادي، تبدو القصيدة كأنها تحكي عن العشق، ولكنها في الواقع تحكي قصة وبطولة أبو فراس الحمداني وإخلاصه لسيف الدولة الحمداني. وكان أبو فراس فارسا قربت له صولاته وجولاته في شمال الدولة الحمدانية شمال سوريا، حيث صد هجمات الروم.

في عام 1514، كان أبو فراس قريبا من سيف الدولة في مجلسه الذي يجمع المفكرين والشعراء وأهل العلم. على الرغم من أن أبو فراس تمكن من التخلص من أسر الروم مرتين بشجاعته، إلا أنه في المرة الثالثة قام بإرسال رسائل لسيف الدولة لطلب فدية للحصول على حريته من الأسرة. ومع ذلك، حدث تداخل بينه وبين سيف الدولة بسبب التدخلات الخارجية، وما زال أبو فراس يرسل له رسائل لتحقيق حريته ويكتب العديد من القصائد التعبير عن الحزن والأسف. ولكن عندما استمر احتجازه ووصل إلى قمة يأسه من عدم استجابة سيف الدولة، كتب قصيدة بدايتها (أراك عصي الدمع شيمتك الصبر)، حيث وصف نفسه كمحب مخلص لوطنه وحاكمه.

سرت ولم يكن لدي صحبة عزلت لدى الأعداء… ولم يكن لدي فرس ماهر ولا رب يغمره

ولكن إذا حكم القضاء على شخص… فليس له بر يقيه، ولا بحر

وقـال أُصَيْحابـي: أهرب أم رد؟…… فقلت: كلاهما، الأفضل منهما المرور

سيتذكرني شعبي عندما يتجدد جدهم… وفي الليل المظلم سيفتقدون البدر

عندما وصلت القصيدة إلى يد سيف الدولة، اهتم بالعاطفة الصادقة التي عبر عنها أبو فراس الحمداني، وتذكر إنجازاته وفضله في حماية الدولة من هجمات الروم المتكررة، وذلك في غيابه حيث كان في الأسر.

فجهز جيشك لاستعادة حلب التي سقطت في أيدي الروم، فحرِّرها، وأطلق سراح جميع الأسرى في سجونهم، بما في ذلك أبو فراس الحمداني.

توفي سيف الدولة عام 967 م بعد عام من إفتداء أبو فراس الحمداني من الأسر، وتم خلفه بابن أخته أبو المعالي سعد الدولة، ولكن كان أبو المعالي صغيرًا في السن، لذا جعل فرعويه وهو فتاة تركية وصيًا عليه.

عندما قرر أبو فراس الحمداني الاستيلاء على حمص، تصدى له أبو المعالي مولاه فرعوية، وسقط الشاعر في أول اشتباك عندما كان يبلغ من العمر 36 عامًا.

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

ذكرت في ديوان في العصر الجاهلي “عنترة بن شداد” بجملة “دهتني صروف الدهر وانتشب الغدر

صروف الدهر دهتني والغدر انتشب، فمن من الناس يمكن أن يصفوا لي هذا الدهر؟

وكم مررت بالمصائب بعد المصائب، وتخلصت منها ولم يصبني ضرر

لولا سناني والحسام وهمتي، لما ذكرت عبسًا ولا نالت فخرًا

بنيت لهم منزلا مرتفعا في الأعلى يتدلى منه الجوز والفرغ والغفر

لقد رحلت اليوم عنهم وتركت أمرنا لمن لديه الأمر والنهي في خلقه

يتذكرني أهلي عندما تقترب الخيول، وفي الليل المظلم يفتقد البدر

يُعتبرون عدم تقديري باللون سوادًا وإن لم يكن لليل الدافع لطلوع الفجر

وإن كانت لوني أسود، فخصائيلي بياض والقطر ينزل من كفي

ذكرتُ ذكرًا من مضى وسدتُ، فلا زيدٌ يُذكَرُ ولا عمرو

وكذلك قال هذا البيت الشاعر عمارة اليمني، يقول:

فقدناك وفقدنا الأرواح التي كانت تعيش… ولم نفقد الأرض ولا أعورها القط

وظلمت الأجواء بغياب بدره… وفي الليلة الظلماء يشتاق البدر

وكذلك  الشاعر محمد جواد البغدادي، فيقول:

عندما أطالع قصائدها، يظهر لي من لفظها أنها كواكب زاهية

لم يكن الليل يجن لدي إلا فقدتها *** وفي الليلة الظلماء يشتاق البدر

والشاعر حسين بن علي العشماوي، يقول:

إذا نشرت الليل الذوائب في الضحى……..تتألق من أقصى غدائرها فج

فلا تنكروا إن اختفى وجهها في الشعر *** وفي الليل المظلم يفتقد البدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى