أسباب سقوط الدولة العباسية
يبدأ رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم العصر الإسلامي بالفتوحات، ويتبعه الخلفاء الراشدون، وتظهر الدول الإسلامية اعتبارا من الدولة الأموية، وتمر كل دولة بثلاث مراحل: مرحلة التأسيس، ثم مرحلة الازدهار والقوة، وبعد ذلك تدخل مرحلة الركود والإنهيار والسقوط. هذا ما حدث مع الدولة العباسية، بعد أن نجحوا في إسقاط الدولة الأموية وتأسيس الخلافة العباسية، التي ازدهرت لفترة طويلة ثم دخلت في مرحلة الإنهيار والسقوط. وهذا موضوع مقالنا اليوم، حيث سنسلط الضوء على أسباب سقوط الدولة الإسلامية. تابعونا
أولا: تعد الدولة العباسية واحدة من أقوى الخلافات الإسلامية التي شهدت الإسلام الكثير من الفتوحات وتحتل المرتبة الثالثة بين الخلافات الإسلامية. وجاء ظهورها نتيجة ضعف الدولة الأموية في ذلك الوقت، وظلت تطارد كل من ينتمي إلى سلالة بني أمية حتى تضمن البقاء في سلام. وتأسست الدولة العباسية بسبب وفاة الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك وحدوث العديد من الصراعات بين الأمويين نفسهم، وبالطبع ضعفت الدولة وحدث انقسام بداخلها وتكونت الدولة العباسية على أثر ذلك .
ثانيا: تأسست الدولة العباسية على يد عم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، العباس بن عبد المطلب، بعد سقوط دولة الأمويين مباشرة في عام 750 ميلادية. تم إعلان الدينار العباسي كعملتها الرسمية بعد تأسيسها، وبدأت في تخصيص مساحة الأراضي العباسية وأعلنت أن مساحتها الحالية تبلغ 10,000,000 كيلومتر مربع. وفي ذلك الوقت، بلغ عدد السكان الذين يعيشون فيها 50,000,000 مليون نسمة. كان الدين السائد في الدولة العباسية هو الإسلام، وتم تطبيق الشريعة الإسلامية بكل أحكامها. وكانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية .
ثالثا: عواصم الدولة العباسية .. بدأت الدولة العباسية بتحديد مدينة الكوفة كعاصمة لها منذ تأسيسها في العام 750م وحتى العام 766م. لكن في عام 766م، تم نقل العاصمة إلى مدينة بغداد، واستمرت بغداد كمركز للخلافة العباسية حتى العام 892م. فيما بعد، أصبحت مدينة سامراء العاصمة، واستمرت حتى العام 1517م. في هذا العام، أصبحت القاهرة عاصمة ومركز إدارة وحكم الدولة العباسية.
رابعا: أسباب سقوط الدولة العباسية
ظهر العصر الثاني وهو عصر الضعف قبل سقوط الدولة العباسية، حيث جاء الخلفاء ضعفاء ولم يتمكنوا من مواجهة التتار وانتصروا عليهم، وتم قتل الخليفة، ونتيجة لذلك سقطت الدولة العباسية، ولكن ما هي الأسباب الرئيسية لسقوط الدولة العباسية؟ ..
أولا، عندما يسيطر القادة والجنود الأتراك على الخلافة العباسية وعلى الخليفة نفسه، يكون الحكم في يد الخليفة فقط، ويكون الخلافة في أمان وقوة، وهذا ما حدث في عصر القوة العباسية. ولكن عندما ينقسم الحكم وتظهر قوات أخرى مثل الدول والإمارات الصغيرة، يبدأ انهيار الدولة، وهذا ما حدث في عصر الضعف العباسي، حيث خرجت القوة من يد الخليفة العباسي وتقاسمها الجنود الأتراك، الذين اعتمدوا عليهم في حماية الدولة العباسية. ومع مرور الوقت، تسربت القوة والحكم من يد الخليفة نفسه، وأصبح الذي يدير الدولة ويسيطر عليها هم الجنود والقادة، وبدأت المؤامرات والخطط لقتل الخليفة وإسقاطه .
ثانيا: تدهور الحالة الاجتماعية وظهور حالة من الترف يعدان من أسباب سقوط الدولة العباسية أيضا. تمثل الانغماس في المجتمع في حالة من الترف والاستبداد، بدلا من التركيز في البداية على الفتوحات التي تمت بأيدي الخلفاء العباسيين الأقوياء في فترة القوة. وبدأ المجتمع في العيش في حالة فساد، وتقسم إلى طبقتين، حيث تعيش الطبقة الأولى في حالة ترف وتبذير بفضل زيادة الموارد المادية في ذلك الوقت، حيث يقيمون حفلات الرقص والترفيه ويتمتعون بالجواري الحسان، بينما تدعو الطبقة الأخرى إلى التزهد والعودة إلى الطريق الصحيح، ومن هنا بدأ التفرقة الداخلية في المجتمع .
ثالثا: ظهور الشعوبية هم مجموعة من الأشخاص كانوا ينتمون إلى العجم، فبعضهم من الفرس والبعض الآخر من الأتراك، وكانوا يحملون بداخلهم كرها شديدا للعرب وللخلفاء العباسيين والخلافة العباسية نفسها. أما عن سبب ظهورهم في الدولة العباسية وزيادة عددهم، فهذا بسبب خلفاء عصر الضعف الذين جلبوهم إلى الدولة بغرض خدمتها، وفي الحقيقة كانوا من أبرز أسباب سقوط الدولة العباسية
رابعا: بعد أن كانت الدولة العباسية تعيش في حالة رخاء اقتصادي وثراء، تدهور الوضع الاقتصادي بسبب نفاد المال وقلة الإيرادات مع مرور الوقت، وظهرت تمردات ومظاهرات ضد الخليفة بسبب حكم الخلفاء الفاسدين الذين كانوا يعيشون في حالة الترف والتسلية .
خامسا: ظهور الدويلات والممالك .. وفي هذا الوقت انتهت الدولة العباسية، حيث بعد الفتوحات الكثيرة التي نفذها الخلفاء العباسيون الأقوياء، توسعت الدولة العباسية بشكل كبير، وأصبح من الصعب، بل من المستحيل، على الخليفة الضعيف الذي يشغل نفسه بالبذخ والترف، إدارة كل هذه الأراضي. وبالتالي، ظهرت الدويلات والممالك الصغيرة التي شعرت بضعف الخليفة العباسي وانفصلت عنه، وتفككت الدولة العباسية وانهارت، وأصبحت مطمعا للتتار الذين أنهوها وسقطت بيد شعب لا يرحم .