تحتوي تراثنا العربي على العديد من الحكايات الأدبية التي تغذي العقل والفكر وتحرك الخيال، ويحتوي الأدب العربي على مئات الكتب الأدبية التاريخية التي تدرس حتى في الوقت الحالي .
في الكثير من دول أوروبا، والتي كانت مصدرا للبحث للكثير من المهتمين بالأدب العربي في الغرب، تعتبر مقدمة بن خلدون واحدة من أشهر الكتب العربية في التاريخ، إذ كانت هذه المقدمة جزءا من سلسلة من الكتب الضخمة تسمى “العبر”، وهي من أشهر الكتب في تاريخ الأدب العالمي، وسنتعرف على ذلك في الأسطر التالية .
نبذة عن بن خلدون :
يعد بن خلدون العالم العربي الكبير، ولد في تونس عام 732 هجري، وكان ينشأ في جو يسوده الثقافة السياسية والدينية، إذ كان يعيش بين عائلة ذات نفوذ وثقافة مميزة، وهذا الجو الثقافي الخاص ساهم في تشكيل أفكاره الخاصة التي أثرت على عشاق الأدب العربي فيما بعد .
كانت عائلة بن خلدون تترحل بين تونس والأندلس، وانتقل إلى الأندلس وهو في سن مبكرة وتأثر بالثقافة الأندلسية. يعتبر بن خلدون من الأدباء الذين أسسوا علم الاجتماع وقدم العديد من النظريات التي كان من الصعب تصورها، وكذلك كان له الفضل في اكتشاف حلول رياضية ومنطقية كثيرة، مما جعله يتصدر قائمة علماء العالم .
مقدمة بن خلدون :
تعتبر مقدمة ابن خلدون جزءًا من سلسلة كتب العبر التي ألفها ابن خلدون، وعلى الرغم من ذلك، فإن مقدمة ابن خلدون تعد كتابًا مستقلاً بذاته، على الرغم من أن المؤلف كان يعتبرها في البداية مجرد مقدمة لأعماله، ومع ذلك، تم تصنيفها فيما بعد ككتاب مستقل من قِبل المؤرخين .
تحدث مقدمة بن خلدون عن جوانب عديدة من الحياة، وهذا جعله الفارس الأول في تأسيس علم الاجتماع. فقد تضمنت المقدمة علوم الشريعة والجغرافيا والسياسة والاجتماع، وكيفية إقامة الإمبراطوريات وأسباب تدهور وانهيار الأمم، وتطرقت أيضا إلى أفعال الأشخاص وتأثير البيئة عليهم. إنه كتاب يحوي العديد من الأفكار التي يمكن أن تفيد في توقع ما هو قادم من خلال الأحداث السابقة .
في مقدمة كتابه، يؤكد بن خلدون بشكل متكرر أن التاريخ الإنساني يمر بفترات متشابهة مثل القوانين، وبدراسة هذه الظواهر، يمكننا التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، لأن النمط الإنساني يسير بشكل متشابه في معظم العصور، وهذا يشكل تكرارًا لما حدث في الماضي .
محتوى مقدمة بن خلدون :
يحتوي كتاب مقدمة بن خلدون ، على ست أبواب وكما وضحنا أنه يشمل العديد من الجوانب الحياتية ، ففي الباب الاول يشمل أنواع العمران البشري ، وأصنافه وأقساطه من الارض ، أما الباب الثاني فيتحدث عن العمران البدوي البدائي وذكر القبائل الوحشية ، والباب الثالث وكان باب سياسي وهو باب طويل في تفاصيله يتحدث على المراتب السلطانية والخلافة والملك .
يتكون الباب الرابع من العمران الحضري والبلدان والأمصار، في حين يتحدث الباب الخامس عن الصناعات والمعاش وكسب الرزق، ويتحدث الباب السادس، وهو الأطول، عن العلوم وطرق اكتسابها وتعليمها .
تحتوي هذه الأبواب الستة على أفكارِ ابنِ خَلْدون ورصدٍ للقوانين التي يراها الحضارات تتقدم عندما يُحافِظونَ عليها، وتنهار عندما لا يتم الالتزام بها .