موضوع عن حسن الخلق و طريقة تحسين الاخلاق
إن الأمم لا تستمر إلا بأخلاقها، فإذا اندثرت أخلاقهم، اندثرت هم. جميع الأمم، بغض النظر عن ثقافاتها المختلفة، لا يمكنها الاستغناء عن أهمية وجود الأخلاق والحاجة الماسة إليها وضرورتها. واعتناء الأمم بالأخلاق يؤدي إلى ازدهارها وتقدم المجتمعات، وعدم الامتثال للأخلاق يؤدي إلى العديد من العواقب الخطيرة
يؤكد العديد من الشواهد الدينية والتاريخية أن انحدار وتدني مستوى الأخلاق وابتعاد الأفراد عنها يؤدي إلى زوال الحضارات والأمم أو تدهورها، ومن هذه الدلالات ما جاء في القرآن الكريم حول حال قوم فرعون وقوم ثمود والفساد الذي عاشوه، وما كانت نتيجته، فقد قال الله تعالى: “وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب.
من المؤكد أن معاملة الآخرين بالود والتراحم وكسب العلاقات الجيدة معهم، والالتزام بأسس التعاون والاحترام، لا يمكن أن يحدثا إلا من خلال الالتزام بالأخلاق الحسنة التي تورث عبر الأجيال بغض النظر عن اللغات والأعراق والصفات والديانات المختلفة .
مفهوم الأخلاق
مفهوم الأَخْلاق في اللغة
تعود أصول كلمة الأخلاق إلى اللفظتين العربيتين “خلق” و”خلق”، الأولى تعني لمس الشيء، والثانية تعني تقدير الشيء. وترجع لفظة الأخلاق إلى هذه الأصول، لأنها تدل على القدرة على التقدير، ويمكن القول عن شخص ما أنه “خليق” بذلك، أي أنه يستطيع التقدير. وتعني كلمة الأخلاق بمفردها الخلق، وهي كما قال ابن منظور في لسان العرب الدين والطبع والسجية.
مفهوم الأخلاق اصطلاحا
عرف العلماء الأخلاق بعدة تعريفات ، في بعض الأحيان تم تعريفها بأنها هيئة راسخة في النفس ، تنتج عنها أفعال الإنسان بتلقائية ويسر ، دون الحاجة للتروية أو التفكير ، بالإضافة إلى ذلك فإن تعريف الأخلاق بصورة عامة يشمل الصفات الحسنة والسيئة ، مما يعني أن الصفات الراسخة في النفس إذا أنتجت فعلا حسنا تسمى بالخلق الحسن ، أما إذا أنتجت فعلا سيئا أو قبيحا فإنها تسمى فعلا سيئا .
يتم تعريف الأخلاق الحسنة على أنها تقييم وصورة للحالة التي يجب أن تتماشى فيها السلوكيات والتصرفات مع المثل العليا أو المبادئ الأساسية التي تحكم التصرفات الإنسانية. وتعمل على دعم الجانب الإيجابي للطبيعة البشرية، ويعتبر هذا المفهوم مهمًا بشكل خاص.
كيفيّة حُسْن الخُلق مع الناس
الأخلاق هي سمة وسلوك يتمتع بها الإنسان ويظهرها بطريقة طبيعية، ولا يكون مجبرًا عليها، ولكي يكون الإنسان ذو أخلاق حسنة مع الآخرين، فهناك بعض التصرفات والأفعال التي يتحلى بها الإنسان، ومن بينها:
يؤدي الإيمان الصادق والعميق بالله تعالى إلى تهذيب النفس وتنقيتها وتعديل تصرفاتها، لأن الإيمان يلعب دوراً هاماً في تطوير الشخصية .
يعمل تكوين صداقات مع الأشخاص المعروفين على تحسين الخلق والتعامل معهم، حيث تؤثر الصحبة بشكل كبير على سلوك الإنسان. كما قال الشاعر:
لا تسأل عن المرء، ولكن اسأل عن قرينه، فكل قرين يقتدي به المقارنة
من الأمور الجيدة تابع قصص وأخبار العلماء السلف الصالح، الذين كانوا مشهورين بأخلاقهم الحسنة وصفاتهم الفاضلة، والتقى بهم.
تتدرب النفس وتجاهدها حتى تتعود على الأخلاق الحسنة، لكي تصبح صفة ثابتة فيها، فتستطيع تطبيقها في جميع المواقف. فالأخلاق تتحقق عن طريق تدريب النفس عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: `إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحرى الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه`.
يتعلم الإنسان التعامل مع الآخرين وتقييم أفعالهم الحسنة والقبيحة من خلال المحاسبة والمراجعة، ويجب على الإنسان حساب نفسه على أخلاقه السيئة والذميمة لجعلها تتأدب على إحسان الخلق في التعامل مع الآخرين.
التفكير والنظر في الأجر الذي سيمنحه الله -تعالى- نتيجة السلوك الحسن وجميع الأمور الطيبة التي تنتج عنه، وما يترتب على العكس من نتائج وخيمة وعواقب سيئة عند السلوك السيئ، والابتعاد عن فضائل الأخلاق في التعامل مع الآخرين.
فوائد الأخلاق الحَسنة
التمسك بالأخلاق الحسنة يجلب العديد من الثمرات والفوائد لمن يمارسها في سلوكياته وأفعاله، ويمكن أن تكون هذه الفوائد في الدنيا والآخرة؛ ففي الآخرة، يتمثل ذلك في رسالة الله ورسوله والفوز بالجنة، وفي الدنيا، يتمثل ذلك في رضا الله ورسوله وود الناس ومحبتهم ورغبتهم في التعامل معه .
فقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه، حيث قال: (إنَّ من أحبِّكم إليَّ، وأقربِكم مني مجلساً يومَ القيامةِ أحاسِنكم أخلاقاً، وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني مجلساً يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ، والمُتشدِّقونَ، والمُتفيهقونَ، قالوا: قد علِمْنا الثرثارونَ والمتشدِّقونَ، فما المتفيهقونَ؟ قال: المُتكبِّرونَ).
ومن الأحاديث المروية عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أيضا، أنه تعهد بمنزل في أعلى الجنة لمن كان حسن الخلق، وقال: (أنا زعيم بمنزل في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وبمنزل في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وبمنزل في أعلى الجنة لمن كان حسن خلقه)