مقالة عن الجامع الاموي في دمشق
يعتبر الجامع الأموي في دمشق واحدا من أجمل وأقدم الأبنية الإسلامية التي لا تزال موجودة، ويتميز بتصميمه المبتكر والفريد المناسب لشعائر الدين الإسلامي وأهداف الحياة العامة، ويعد بناء الجامع الأموي في دمشق مثالا للهندسة العربية الإسلامية وأصبح من العجائب الخمس في تلك الفترة، وقد اعتبره المعماريون مرجعا لتصميمهم على مدى العديد من القرون
تاريخ بناء الجامع الأموي في دمشق
بنى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك الجامع الأموي عام 86 للهجرة / 705 للميلاد، واستغرق بناؤه حوالي عشر سنوات، حيث جمع العمال من أماكن مختلفة لبناء هذا الجامع، وأراد أن يقيم السقف على أعمدة.
اقترح أحد البناة من الشام على الوليد أن يقصر الأعمدة ويعقد بعضها بأقواس، ويضع أعمدة صغيرة تحتوي على قناطر تحمل السقف. وبعد تنفيذ هيكل المسجد، أراد الوليد رفع القبة وجعلها سامقة وباسقة، لكنها سقطت بعد التنفيذ، مما أحزن الوليد.
جاء إليه أحد البناة من الشام فقال: قال الرجل: «أرفع هذه الحفرة شرطا». فسأله الآخر: «ما هو الشرط؟». فأجاب الرجل: «أن تعطوني عهدا بألا يمد أحد غيري يده إلى بناء هذا المبنى». فوافق الآخر على الشرط. ثم حفر الرجل حتى وصل إلى الماء، وضع الأساس وغطاه بالحصر، واختفى لمدة سنة كاملة ولم يستطع أحد الوصول إليه. وبعد مرور السنة، جاء الرجل مع الوليد والناس، وكشف الحصر ووجد أن المبنى قد انحط ونزل قليلا. فقال الرجل: «من هنا سقطت، فابنوها الآن، وإن شاء الله لن تسقط مرة أخرى». ثم بنى المبنى وثبت القبة.
صُمم المسجد على شكل صحن مكشوف، وحوله ثلاثة صفوف من الأعمدة، ويوجد حرم مسقوف في مركزه ورواق عالٍ يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويتواجد في المركز قبة النسر، وتم تزيين جدران المسجد بالفسيفساء ووضع الستائر المزدوجة على أبوابه،ومُعلقة فيه قناديل بلورية على سلاسل ذهبية.
أقوال عن المسجد الأموي في دمشق
– يقول الشيخ المعروف علي الطنطاوي: لقد زرت آلاف المساجد، لكن لم أر أجمل وأفخم وأقدم من الجامع الأموي في دمشق، الذي ميزه الله بأن صلاة فيه أفضل بدرجات وأحلى في العين منظرا.
وفقا لرواية معظم كتب التاريخ، قال الخليفة العباسي المهدي لكاتبه أبو عبيد الله الأشعري عندما دخل مسجد دمشق في طريقه إلى بيت المقدس: “سبقنا بنو أمية بثلاثة أشياء”، فسأله أبو عبيد الله: “وما هي يا أمير المؤمنين؟” فأجاب الخليفة: “هذا المسجد ونبل الموالي، فإن لهم موالي لا يوجد لنا مثيل لهم، وعمر بن عبد العزيز لا يكون فينا مثله أبدا.” وعندما وصل الخليفة المهدي إلى بيت المقدس ورأى قبة الصخرة، قال لأبي عبيد الله: “وهذه الرابعة.
– عندما دخل المأمون مسجد دمشق وكان برفقته المعتصم ويحيى بن أكثم، سألهم: `ما الذي يعجبكم في هذا المسجد؟` فأجاب المعتصم: `جماله وروعته، فسنحافظ عليه في قصورنا، ولن يمر وقت طويل حتى يبدأ في التدهور.` فقال المأمون: `ما الشيء الذي أعجبني فيه؟` فأجاب يحيى: `حجر رخامه، لقد رأيت شيئا لم أر مثله من قبل.` فقال المأمون: `ما الشيء الذي أعجبني فيه؟` قالا: `وماذا يعجبك؟` فقال: `بناؤه غير مسبوق.`” وفي النهاية، سقط مغشيا عليه
– يصف الرحالة ابن جبير المسجد فيقول: يعد من أشهر مساجد الإسلام في العالم بفضل بنائه الحسن والدقة وتميز صنعته وتزيينه، وشهرته المتعارف عليها تجعله يغني عن الوصف.
يروى أن الخليفة الأموي الزاهد عمر بن عبدالعزيز أراد تقليل الترف والإسراف في الجامع الأموي، وأنه أراد أن يعيد الذهب والكنوز فيه إلى بيت المال. ولكن حدثت حادثة قبل أن يقوم بكل هذا، حيث توجه وفد بيزنطي إلى دمشق وطلب إذن لزيارة الجامع. وقيل إن رئيس الوفد سقط مغشيا عليه أثناء تأمله في روائع البناء. وعندما استفاق، سئل عما حدث له، فأجاب بأن أهل رومية يتحدثون عن قلة وجود العرب في تلك البلاد. وعندما رأى البناء، أصبح واثقا من وجود العرب فيها وعدم عودة بيزنطة إليها بعد ذلك. عندما أبلغ الخليفة عمر بذلك، قال: “ما أرى مسجد دمشق إلا وهو غضب على الأعداء.” وترك ما كان يهمه من التخفيف.
مئذنة العروس في المسجد الأموي
تعد مئذنة العروس أولى المآذن في الإسلام، والآن يحتوي المسجد الأموي على ثلاث أو أربعة أبراج كبيرة وقبة ضخمة تسمى قبة النسر، وأربعة محاريب وثلاث قباب في صحنه، ولوحات جدارية كالفسيفساء .
يضم المكان العديد من الأماكن المقدسة والمعالم الإسلامية الهامة، ومنها: مشهد عثمان ومشهد أبو بكر ومشهد الحسين ومشهد عروة والقاعات والمتحف، ويحتوي أيضا على ضريح النبي يحيى عليه السلام وبجانبه صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى عدد كبير من الأضرحة والمقامات للشخصيات الإسلامية الهامة مثل السلاطين والملوك والصحابة .