مروان بن الحكم مؤسس الدولة الاموية الثانية
موت الخليفة معاوية بن يزيد أدى إلى اضطرابات شديدة لبني أمية، وكادت ولايتهم أن تنتهي، حيث قام عبد الله بن الزبير بتنصيب نفسه خليفة للمسلمين، إلا أن مروان بن الحكم استعاد الولاية للدولة الأموية مرة أخرى، مما جعله مؤسس الدولة الأموية الثانية
من هو مروان بن الحكم؟
هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وهو أحد خلفاء بني أمية، ويعد من الصحابة عند طائفة كبيرة لأنه وُلِدَ في حياة النبي، ورأى الرسول في عام 8 هـ، ويراه البعض من التابعين لأنه كان صغيرًا في سنه عندما رآه الرسول .
مكانة مروان بن الحكم
– كان مروان بن الحكم قارئاً لكتاب الله ، فقيهاً في الدين ، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثً في صلح الحديبية، والحديث في صحيح البخاري عن مروان والمسور بن مخرمة، كما روى مروان عن عمر وعثمان، وقد كان يعمل كاتباً ل عثمان بن عفان ، وقد روى عن علي وزيد بن ثابت، وروى عنه ابنه عبد الملك وسهل بن سعد، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومجاهد وغيرهم.
– مروان بن الحكم كان من سادات قريش، فعند هزيمة الناس في يوم الجمل، كان علي بن أبي طالب يسأل كثيرا عن مصيره ويخشى عليه من الموت. وعندما سئل عن ذلك، قال: `إنه يعطفني عليه رحم ماسة، وهو سيد من شباب قريش`. وكما قال الشافعي: الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان ولا ينكرونه.
كان مروان بن الحكم عاقلاً حكيمًا، ومتشددًا في حدود الله، وقد ولاه معاوية على المدينة. وكان عندما تحدث مشكلة كبيرة في المدينة يجمع من الصحابة عنده ويستشيرهم فيها، وعندما يتفقون على رأي معين يأخذ به، ويسجل الرأي باسمه.
مروان بن الحكم والخلافة:
– بعد وفاة معاوية بن يزيد اضطرب أمر بني أمية اضطرابًا شديدًا، وكادت دولتهم أن تذهب، بعد أن أعلن عبد الله بن الزبير تنصيب نفسه خليفة في مكة، وبدأت البيعة تأتيه من سائر الأقاليم حتى من بلاد الشام ، التي انقسم أهلها إلى فريقين، فريق مع عبد الله ابن الزبير، والفريق الآخر ظل على ولائه للأمويين .
عند وفاة يزيد بن معاوية، كان مروان وعائلته في المدينة، وطردهم عبد الله بن الزبير منها، فسافروا إلى الشام، حيث وجدوا الأوضاع غير مستقرة والانقسامات الشديدة، مما دفع مروان للتفكير في العودة إلى الحجاز والتبايع لعبد الله بن الزبير.
بينما مروان يفكر في الفكرة، وصل إلى الشام عدد من رجال بني أمية المشهورين مثل (الحصين بن نمير السكوني، وعبد الله بن زياد) الذين كانوا محاصرين من الزبير، وكان وصولهم إلى الشام نقطة تحول في تاريخ الدولة الأموية، فإذا تأخر وصولهم، لذهب مروان للتخلي عن الولاء لابن الزبير، وكانت نهاية الدولة الأموية.
قام هؤلاء الرجال بزيادة عزيمة الأمويين، وخاصةً مروان الذي كان يتطلع إلى الخلافة، ولكن الأمر لم يكن سهلاً، حيث بايع القيسيون في الشام بن الزبير، كما كان اليمنيون متقسمين إلى فريقين، فريق يميل إلى بيعة خالد بن يزيد، والفريق الآخر يميل إلى بيعة مروان.
– توحد موقف أنصار الأمويين بعد مناقشات ومداولات تغلب الفريق الثاني، الذي يؤيد مروان وكان حجتهم أن خالد بن يزيد لا يزال صغيراً، ولا يصلح أن يكون ندًا لابن الزبير، فاتفقوا أن تكون البيعة بالخلافة لمروان، ثم من بعده لخالد بن يزيد، واتفقوا على عقد مؤتمر في الجابية لبيعة مروان.
– حكموا الأمويين أمرهم وعقدوا المؤتمر في الجابية، وبايعوا بالخلافة لمروان في الثالث من ذي القعدة سنة 64هـ، وقد حل ذلك مشكلة الخلافة بين بني أمية، ولم الأمر سهلاً فتعرضوا إلى عده صعوبات، فقد استعد مؤيدوا عبد الله بن الزبير لمواجهة الأمويين، وكان على مروان أن يثبت أنه أهل للمسئولية وحمل أعباء الخلافة.
حقق أنصار مروان النصر والنجاح بعدما استولوا على دمشق، واندلعت المعركة الشهيرة في الشام التي حسمت الموقف لصالح بني أمية ومروان، وأُسقط فيها أنصار بن الزبير وقُتل زعيمهم الضحاك بن قيس، وكذلك عدد من أشرافهم، واستمرت المعركة لمدة حوالي عشرين يومًا، وحدثت في نهاية سنة 64 هجرية.
– بعدما استقرت الأمور في الشام، توجه مروان إلى مصر ليستردها من عامل ابن الزبير وعبد الرحمن بن جحدم، الذي بدأ يستعد للقتال، واشتعلت الحرب فترة ، ثم تصالحا حقنًا للدماء على أن ولي مروان حكم مصر لابن جحدم، وسرعان ما تحرر مروان من عهده فعزله ، وولى ابنه عبد العزيز على أرض مصر.
وفاة مروان بن الحكم:
توفي مروان بن الحكم بدمشق في شهر رمضان سنة 65هـ، عن سن 63 عاماً، وصلى عليه ابنه عبد الملك بن مروان ، دفِن بين باب الجابية وباب الصغير.