مراحل النمو الانساني في القران الكريم

عملية النمو هي عملية حيوية مميزة للكائنات الحية بشكل عام، وعادة ما يترافق النمو مع زيادات واضحة في الحجم والتركيب للكائن الحي، وتتعلق هذه الزيادات بالعامل الزمني، وعند استخدام هذا المصطلح في الإشارة إلى البشر، يشير عموما إلى التغيرات الجسمية والوظيفية المرتبطة بالنمو التي تحدث في حياة الإنسان.

أنماط وأطوار النمو في القرآن والحديث

تظهر من النصوص القرآنية إشارات إلى أنماط مختلفة من النمو، يتمثل ذلك أساسا في مراحل النمو الجسمي، والتي تترافق معها أنماط النمو الأخلاقي والعقلي والسلوكي الاجتماعي التي تتطور مع تقدم العمر. وتشمل مرحلة النمو الأرضية التي يشير إليها القرآن الكريم: `هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون`. وتتكون المرحلة الأرضية من مرحلتين رئيسيتين

المرحلة الأولى للإنسان في القرآن

مرحلة ما قبل الميلاد، التي تبدأ بجمع الخلق، أي جمع الخلايا الجنسية أو النطف، التي تؤدي إلى تشكيل الجنين عند اندماج النطفتين الأنثوية والذكرية، وتنتهي عند لحظة ولادة الطفل. وتتكون هذه المراحل من:

طور النطفة

ويشير الرقم (4238) إلى الكلمة `نطفة` التي تعبر عن البويضة في الأنثى والحيوان المنوي في الذكر، وبعد اندماجهما يتكون الجنين الأمشاج الذي يمثل المرحلة الأولى لتشكل الجنين (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه). في هذه المرحلة، يتم تحديد الصفات الوراثية والجنس ونمو الجنين واكتمال الحمل والصفات الوراثية التي تؤثر في حياته حتى وفاته. يشير هذا الطور إلى فترة الحمل لمدة أربعين يوما، وفي نهايته يشبه الجنين `كتلة الطين التي يجمعها النحات قبل أن يبدأ بنحت الأعضاء`.

طور العلقة

لا يوجد علاقة بين النطفة الملتصقة بالرحم والدم المتجمد، ولذلك يجب التوقف عن تفسيرها بهذه الطريقة، كما أن مدة التصاق النطفة بالرحم تستمر 40 يوما وهي مرحلة التكون الأولية لجسم الجنين، ويتم خلال هذه المرحلة تطوير جميع أعضاء الجسم، ويثبت ذلك دليل قول الله تعالى: “ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر.

طور المضغة

والمضغة هي مقدار ما يمضغ وليس ما به أثر المضغ على ما ذهب إليه المفسرون وأهل اللغة وبعض الأطباء، مدتها أربعون يوما كذلك كما نص الحديث، ينتهي فيها الاعتماد على التعلق ويتميز الحمل فيها إلى قطعتي لحم “مضغة” مخلقة هي الجنين النامي مكتمل الخلق، وغير مخلقة هي المشيمة، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) والجنين في بداية هذا الطور وإن كان سويا إلا أن نظامه الحركي مكون من غضاريف وألياف ثم تتحول هذه الغضاريف إلى عظام ثم تكسى لحما كما نصت الآية وبينت المعرفة الطبية الحديثة.

المرحلة الثانية لتكوين الانسان في القرآن

تبدأ مرحلة النمو هذه منذ لحظة ولادة الطفل وتستمر حتى الموت الذي يختلف موعده باختلاف أعمار الناس، حيث يُولد الطفل باللبنات الأساسية الضرورية لنموه وبقاءه، ويكون مستعدًا لتحمل الأمانة والمسؤولية كمخلوق كامل.

– كما تصف الآيات أيضا أطوار النمو الجسمي المتقلبة خلال حياة الإنسان بعد الولادة بين الضعف الملازم للطفولة والقوة المرتبطة بالنضج، ثم الشيخوخة والهرم، (الله الذي خلقكم من ضعف، ثم جعل من بعد ضعف قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة، يخلق ما يشاء وهو العليم القدير)، فالضعف إشارة إلى حالته حين كان جنينا وطفلا مولودا ورضيعا ومفطوما، وهذه أحوال غاية الضعف التي تنمو بعدها القوة ثم تضمحل ويبلغ الضعف تمامه أي الشيبة بعد الكهولة.

المراحل الأساسية للنمو بعد الولادة 

مرحلة الطفولة

تبدأ مرحلة الطفولة بمجيء الطفل إلى العالم وتستمر حتى بلوغه، وهو يمثل بداية فترة التكليف والمساءلة عن الأعمال. وتعتبر مرحلة الطفولة فترة الإعداد المبكر والتدريب على تحمل الالتزامات الدينية والمسؤوليات الاجتماعية المرتبطة بعملية التمييز، وتبدأ هذه المرحلة عند سن السابعة وتكتمل عند سن العاشرة، وفقا لما ورد في الهدى النبوي.

مرحلة بلوغ الأشد

أو ما يسمى بسن الشباب، هي مرحلة النمو التي تمتد إلى بلوغ كمال الشدة، أي وصول قوة الشباب إلى أقصى مداها، وتمتد إلى الأربعين، ويحدد بدايتها البلوغ الذي يمثل بداية التكليف والمساءلة على الأعمال، وسماها القرآن بمرحلة الكهولة والكهل حال بين الغلومة وحال الشيخوخة، وقال بعضهم يقال له حدث إلى ست عشرة سنة، ثم شاب إلى اثنتين وثلاثين، ثم يكتهل في ثلاث وثلاثين. وهي جميعا حال اكتمال الشدة والقوى.

الشيخوخة

يبدأ مرحلة الضعف والاختفاء بالطعن والشيبة عند سن الأربعين وما بعدها، وهي تستمر حتى يصل الفرد إلى سن أدنى العمر، وهي مرحلة لا يصل إليها الكثيرون، كماذكر الله تعالى: `وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ`.