مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء
هل الغفوة تبطل الوضوء
هناك العديد من الأمور الفقهية الهامة التي يحتاج الناس لمعرفتها، حتى تستقيم لهم عبادتهم، يتمكنوا من القيام بها بالشكل الصحيح، ومن تلك الأمور والأحكام ما يتعلق بالصلاة، وبشكل خاص الوضوء، ومن أحكام الوضوء الهامة ما يتعلق بانتقاض الوضوء، ومن المعروف أن النوم في سبات عميق يفسد الوضوء، ويستوجب وضوء جديد للصلاة.
يجب على الفرد معرفة الأحكام الإسلامية المتعلقة بتجديد الوضوء، وما إذا كان النوم العميق أو الغفوة ينقضان الوضوء، وما هي المدة التي لا تنقض فيها الوضوء، وذلك ليتمكن من الصلاة وأداء عباداته بشكل صحيح.
ما هي مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء
يقول الفقهاء إذا كنا مسافرين، فلا يجوز لنا خلع خفافنا لمدة ثلاثة أيام ولياليها، إلا في حالة الجنابة، ولكن يجوز في حالة الغائط والبول والنوم. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله “العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء”، ورواه أحمد والطبراني.
أما فيما يخص النعاس فالأمر مختلف، حيث أن النعاس لا يفسد الوضوء، ولا يتسبب في ضرورة تجديده، والغفوة التي تنقض الوضوء، هي الغفوة التي تطول والتي لا تكون جلسة صاحبها فيها محكمة بحيث يشعر بنفسه، ولا تتجاوز تلك المدة ولا تصل إلى ساعة مثلاً، وقد تم تقسيم الحكم في أمر الغفوة إلى أقسام كما يلي:
يعتقد أصحاب الرأي الأول بأن النوم، مهما كانت مدته وصفته، يفسد الوضوء ويستوجب تجديده، سواء كان الشخص واقفًا أو جالسًا أو مضجعًا.
أما الرأي الثاني، فهو يرى أن النوم لا يبطل الوضوء تمامًا، ويستند هذا الرأي إلى حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا ينتظرون العشاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى تنحدر رؤوسهم، ثم يصلون دون تجديد الوضوء. هذا الحديث رواه مسلم.
يروي أصحاب الرأي الثالث، الحنفية والشافعية، أن من جلس متمكنًا على الأرض فإن وضوءه لا ينتقض إذا نام.
أصحاب الرأي الرابع، وهم الحنابلة، يرون أن النوم الخفيف لا يلغي الوضوء، بينما يلغي الوضوء النوم العميق، وذلك لأن النائم في النوم الخفيف يكون قادرًا على السيطرة على جسده أكثر، بينما يفقد الجسم السيطرة عليه في النوم العميق، ويمكن أن يفسد الوضوء.
والخلاصة في هذا الأمر هي أن النوم عند بعض الفقهاء لا يبطل الوضوء، وأن المدة التي يغفو فيها الشخص ليست شرطًا، مهما كانت المدة، بل الأهم هو أن يكون الشخص على هيئة متمكن يستطيع التحكم في نفسه، وأن لا يخرج شيء منه.
يزيد بعض الفقهاء على ذلك بأن يكون الشخص من النوع الذي ينام بشكل قوي أو عميق أو خفيف، فإذا كان نومه خفيفًا، فسيكون متنبهًا لما يحدث له، على عكس الشخص الذي إذا نام، لن يشعر بأي شيء وسيدخل في نوم عميق.
الشك في النوم ينقض الوضوء
مدة الغفوة البسيطة لا تؤدي إلى نقض الوضوء، وكذلك المدة الصحية للغفوة التي يتم الاتفاق عليها خلال اليوم، والتي تحدث بعض الشكوك حول مدى تأثيرها على نقض الوضوء
يقول العلماء إن الوضوء يتميز بالطهارة، وأن المسلم إذا توضأ فإنه يبقى طاهرًا طالما لم يحدث شيء يبطل الوضوء، ولا يفقد الوضوء بمجرد الشك، فإذا شك الإنسان في وضوئه وكان يعلم في الأصل أنه طاهر، فلا يعتبر الشك ويبقى الوضوء كما هو.
لذلك، إذا توضأ الشخص ثم نام نوماً يسيراً وكان نومه من النوع الذي يستيقظ منه بسرعة، وشك فيما إذا كان توضأه قائماً أم لا، فإنه يفترض بالشخص الذي توضأ أنه طاهر، لأن الأصل في الإنسان هو الطهارة ما دام يحافظ على وضوئه، وذلك حتى يثبت خلاف الظنون.
كيفية الوضوء بعد النوم
كثيراً ما يتوضأ الشخص استعداداً للصلاة، قبل ميعادها أو يصلي بالفعل الصلاة التي حان موعدها، ثم بعد ذلك قد يدخل في غفوة بسيطة أو نوم قليل وقد سبق بيان مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء، وأحيانا يتعمد البعض اللجوء للغفوة للاستفادة من مدة الغفوة الصحية، لكن الأمر فيما يخص الوضوء، هل إذا انتقض الوضوء بسبب النوم، واستيقظ الإنسان ماذا يجب عليه الوضوء.
من الأمور الغير صحيحة التي انتشرت مؤخراً هي فتاوي تقول بوجوب من أراد الوضوء بعد الاستيقاظ من النوم، يجب عليه أن يستنجي أولا، وخاصة إذا كان خرج منه ريح، وهذا الأمر ليس صحيح على الإطلاق فلا يشترط لمن نام واستيقظ ثم أراد الوضوء أن يستنجي أو يفعل شيء، ولا شيء عليه إذا أراد الصلاة، أن يقوم بشيء سوى الصلاة، وذلك لأن خروج الريح ليس من موجبات الوضوء.
هل النوم على البطن ينقض الوضوء
لا يخفى على الكثير من الناس فوائد القيلولة، ولذلك يتساءل البعض عن مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء. وقد سبق شرحها، فالنوم على البطن ينقض الوضوء، وبالنسبة للنوم على البطن، يجب الإشارة إليه أولا قبل الحديث عن تأثيره في نقض الوضوء
بالنسبة للنوم على البطن، فقد كره النبي هذا الأمر، وقد روي عنه أنه رأى بعض أصحابه نائمين على بطونهم فحرك قدم أحدهم وقال: إن هذا ضجعة يكرهها الله، وفي رواية أخرى: إنها ضجعة أهل النار.
في هذه الحالة، تعتبر النومة نفسها غير مرغوبة لدرجة كبيرة، وبخصوص إلغائها للوضوء، فإنها تعد من الحالات التي يسهل فيها خروج الريح، ولذلك فإنها تنقض الوضوء بحسب رأي الخبراء الذين يعتمدون على وضع الجلوس أثناء النوم.
حكم الغفوة في الصلاة
وقد وضح سابقاً مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء، لكن السؤال الأن ما هو حكم الغفوة في الصلاة، وذلك لأن الشخص قد يكون مجهد أو لم ينال قسط كافي من النوم، أو استيقظ مبكراً، وهو خاصة ما يحدث في صلاة الفجر بشكل خاص، وتنتهي الصلاة وينتبه الإنسان إلى أنه ربما نام بدون أن يشعر أثناء الصلاة، أو أخذته غفوة دون أن ينتبه.
يسأل المصلي بعد انتهاء الصلاة عن حكم الغفوة في الصلاة، وهل يجب عليه إعادة الصلاة مرة أخرى، وهل يجب عليه أيضاً إعادة التوضؤ لتلك الصلاة بسبب الغفوة.
وجواب التساؤلات السابقة، وفقًا للفقهاء، هو أنه إذا كان الشخص يشعر بالتركيز واليقظة أثناء الصلاة ويعقل ما يفعله ويتابع الإمام، فإن صلاته صحيحة. ويعد الأصل هنا أن الإنسان يصلي مع الإمام، وهو الأمر الظاهر والملموس من العملية، ما لم يكن هناك دليل يشير إلى خلاف ذلك.
إذا علم الشخص أنه لم يقرأ الفاتحة وقرأها ثم سلم، أو إذا علم أنه لم يقرأ التحيات وأتى بها ثم سلم، فإنه يتحمل الإمام الذي يؤمهم في الصلاة إذا كان العلم بعد الصلاة بسهو أو جهل، لأن الإمام مسؤول عن أداء كل هذا.