ماهي الدية المغلظة
الدية هي مبلغ من المال محدد من قبل الشرع في عدة حالات مختلفة، ويتم دفع هذا المبلغ في عدد من الحالات بما في ذلك القتل، وتكون النسب محددة وفقا للشرع الإسلامي.
أنواع الدية
– يمكن تخفيف أو زيادة دية الجاني، ففي حالة القتل الخطأ يكون التخفيف هو الصحيح، أما في حالات القتل الشبيه بالعمد فيتوجب الدية المغلظة، وفي حالة القتل العمد، إذا قرر ولي الدم العفو، يروي الحنابلة والشافعية أن الدية المغلظة مطلوبة في هذه الحالة.
الدية المغلظة تتألف من مائة إبل، ويجب أن تكون من بينها 40 إبلة حاملة أولادها في بطونها، ويأتي ذلك استنادا إلى ما نقله أبو داود وأحمد وابن ماجه والنسائي عن قبة بن أوس عن أحد الصحابة، حيث قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن قتل الخطأ بالسوط أو العصا أو الحجر يترتب عليه دية مغلظة، وهي مائة إبل، ومن بينها 40 إبلة من ثنية إلى بازل، وكلها حاملة).
تعتبر زيادة الكفارة في البلد المقدس وفي شهر الحج وفي الجرائم التي ترتكب ضد الأقارب أمرا مهما. يعتقد الإمام الشافعي وغيره أن الكفارة تزيد في الجراح والجناية في شهر الحج وفي البلد المقدس، وفي الجرائم التي ترتكب ضد أفراد العائلة المحرمة، حيث يعظم الشرع من هذه المحرمات وبالتالي يزيد قيمة الكفارة بناء على خطورة الجريمة.
– وقد روي عن القاسم بن محمد وعن عمر وابن شهاب: أن يزاد في الدية مثل ثلثها.
وفقًا للمذاهب الفقهية لمالك وأبو حنيفة، فإنه لا يجوز تغليظ الدية لتلك الأسباب، حيث إنه لا يوجد دليل يدعم التغليظ، وبالتالي يتم الالتزام بالدية الشرعية دون التغليظ الزائد الذي يتعارض مع أصول الشرع.
أنواع الدية الواجبة على القاتل
في حالة قتل متعمدة ووفاة، يجب على القاتل أن يدفع دية بأمواله. قال ابن عباس: (لا يتحمل العاقل مسؤولية القتل المتعمد، ولا يعترف به أو يتصالح فيه). وروى مالك عن ابن شهاب قائلا: (اعتمدت السنة في حالة القتل المتعمد حينما يعفو أولياء المقتول عن القاتل ويطلبون الدية منه في أمواله، إلا إذا تنازلوا عنها بمحض إرادتهم).
النوع الواجب على القاتل يتحمله العاقلة عنه، وذلك في حالة القتل الخاطئ والقتل الشبه العمد، عند وجود عاقلة في طريق التعاون. وقال الشافعي: (لا يجب على القاتل شيء من الدية لأنه معذور). وقد صرح السرخسي بشأن ما وضعه عمر قائلا: (إن قيل: كيف يظن الصحابة بالإجماع على خلاف ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلنا: هذا اجتماع على وفاق ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم).
إذا قبل الأحناف ذلك، فإن الشافعية والمالكية رفضوه. حيث أنه لا يوجد نسخ بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحق لأحد أن يقوم بتغيير ما كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. وتؤجل الدية الواجبة على العاقلة إلى ثلاث سنوات بإجماع العلماء. أما الدية الواجبة على القاتل في ماله، فهي لدى الشافعي رضي الله عنه، حيث يتم التأجيل لتخفيف العاقلة من العقوبة، حتى لا يتم تحميله المحض العمد.
ولكن الأحناف يروون أنها تؤجل في ثلاث سنوات مثلها مثل دية القتل الخطأ، ووجوب دية القتل الشبه عمد هو استثناء للقاعدة العامة وهي أن الإنسان هو المسؤول عن نفسه وهو الذي يحاسب على التصرفات التي يقوم بها استنادا إلى قول الله سبحانه وتعالى: (لا تزر وازرة وزر أخرى)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه: (لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه). رواه النسائي.
– ويرى العلماء أن العاقلة لا تقوم بتحمل من الدية الواجبة على القتل الخطأ إلا ما يتجاوز الثلث، وما دون ذلك يتم سداده من مال الجاني، بينما يرى أحمد ومالك رضي الله عنهما أنه ليس من الواجد على أحد العصبة القدر المعين من الدية، ولكن الحاكم يجتهد في تحميل كل منهما ما يتمكن منه، وتكون البداية من الأقرب فالأقرب.
يرى الإمام الشافعي رحمه الله أن الدية تقسم بمقدار دينار للغني ونصف دينار للفقير، وترتب الدية في القرابة بحسب درجة القرابة، فتدفع أولا من بني الأب ثم من بني الجد ثم من بني بني الأب، وإذا لم يكن للقاتل عصبة نسب أو ولاء فإن الدية تدفع من بيت المال، وكذلك إذا كان القاتل فقيرا وعاجزا عن دفع الدية فإنها تدفع من بيت المال، وإذا قتل المسلمون رجلا في المعركة ظنا منهم أنه كافر ثم تبين أنه مسلم فإن ديته تدفع من بيت المال.
المعنى الذي يراد من كلام الحنفية هو أن الدية في هذا الزمن تأتي من مال الجاني، وذُكر في كتاب الدرر المختار: (إن التناصر أصل هذا الباب، فمتى وجد تناصر وجدت العاقلة، وإلا فلا)، وفي حالة عدم وجود تناصر أو قبيلة فإن الدية تدفع من بيت المال.