امراض نفسيةصحة

ماهو إضطراب الشخصية التجنبية ؟ ” وعلاماتها على الشخص

ماهو اضطراب الشخصية التجنبية

يصف اضطراب الشخصية التجنبية أو ما يعرف بـ اضطراب الشخصية الاجتنابي بأنه حالة نفسية تصنف ضمن المجموعة الثالثة عشرة من اضطرابات الشخصية المعترف بها في علم النفس، وفي الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية. ويتميز هذا الاضطراب بنمط ثابت يستمر طوال الحياة، والذي يتمثل في الشعور الشديد بالتثبيط الاجتماعي والعجز وعدم الكفاءة، والحساسية المفرطة تجاه الرفض. كما يعاني المصابون بهذا الاضطراب من أعراض القلق الاجتماعي، والكبح الاجتماعي، والشعور المستمر بالدونية والخوف من التقييمات السلبية. ولذلك، يتجنب المصابون بهذا المرض العمل بسبب مخاوفهم من النقد أو الإحباط من الآخرين، وذلك لأنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس، وينصبون اهتمامهم على نواحي ضعفهم الشخصية. ويقومون بإقامة العلاقات مع الآخرين فقط عندما يعتقدون أنهم لن يرفضوهم.

الأفراد المصابون بهذا المرض يصفون أنفسهم بأنهم غير مرتاحين وحيدين وقلقين. يشعرون بأنهم غير مرحب بهم من قبل الآخرين ومنعزلين عنهم. يعتبرون التعرض للخسارة والرفض أمرا مؤلما للغاية، لدرجة أنهم يفضلون العزلة على تجربة هذا الشعور. في هذه الحالة، يعتبر التواصل مع الآخرين مخاطرة. تقدر نسبة المصابين بهذا الاضطراب بحوالي 2% من سكان العالم، وتوزع هذه النسبة بالتساوي بين النساء والرجال.

يرون أنفسهم غير جاذبين وغير ماهرين اجتماعيا، ويخافون من أن يصبحوا هدف سخرية الآخرين أو يتعرضوا للاستهانة والازدراء، أو أن يشعروا بالنبذ الاجتماعي من قبل الآخرين. عادة، يتم ملاحظة أعراض هذا الاضطراب في بداية مرحلة البلوغ، ويزداد خطورة إصابة الأطفال بهذا الاضطراب بسبب تجربتهم لمشاعر الإهمال العاطفي ورفض أقرانهم للتقرب منهم.

هناك جدل مستمر بين علماء علم النفس حول ما إذا كانت أعراض هذا الاضطراب مختلفة عن أعراض الرهاب الاجتماعي. قال بعض العلماء إن مفهومي هذين المرضين مختلفان تماما ولكن أعراضهما متشابهة. قد يتسبب وجود اضطراب شديد في الشخصية. تم إثارة هذا الجدل بسبب أن لديهما نفس المعايير التشخيصية وأنهما يشتركان في الأسباب والتجارب الشخصية وأساليب العلاج، ويتشابهان في السمات الشخصية الأساسية مثل التعرض للخجل.

علامات اضطراب الشخصية التجنبية

تختلف أعراض اضطراب الشخصية التجنبية من شخص لآخر، وقد لا تتواجد جميع الأعراض عند أي شخص مصاب بهذا الاضطراب، ومن أهم الأعراض الشائعة لهذا الاضطراب:

  • الخوف من الرفض

الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية التجنبية يتأذون بسهولة من التقييم السلبي والرفض، ويتحسسون بشدة لهذه الأمور، مما يؤدي إلى تقليل عدد أصدقائهم وإدراكهم لأنفسهم بأنهم غير كفء اجتماعيا أو أقل من المستوى.

  • فقدان الثقة في النفس

إن الأشخاص المصابون بشخصية تجنبية يعانون من فقدان ثقتهم في أنفسهم ويخافون من ابتعاد الناس عنهم، وبالتالي يتجلى ذلك في أنشطتهم المرتبكة والمضطربة، إذ يعتقدون دائما أنهم تحت المراقبة وأن الناس سيتخلىون عنهم بسبب أدنى خطأ يرتكبونه. وبالتالي، ينعكس ذلك على تصرفاتهم وتفاعلاتهم ويزداد خوفهم الشديد من الفقد. يتجنبون التصادم مع الآخرين وحتى التعبير عن آرائهم إذا كان ذلك سيؤدي إلى نزاع، ولا يستطيعون التفاعل في أي بيئة محيطة ويرفضون الترقيات لأنهم يعتقدون أنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية ويثقون بقراراتهم وأفكارهم.

  • الشعور بالحرج الدائم

يتجنب هؤلاء الأشخاص المواقف أو الأحداث الاجتماعية بسبب شعورهم بالقلق بشأن أفعالهم وأقوالهم في أي موقف يمكن أن يتعرضوا له، مما يؤدي إلى تعرضهم للإحراج.

  • الخوف من النقد:

الأشخاص المصابون بإضطراب الشخصية التجنبية يميلون إلى الانعزال عن الآخرين بسبب خوفهم من التعرض للانتقاد، وبالتالي لا يرغبون في تجربة أي شيء جديد، حتى لو كان ذلك يتعلق بالملابس أو أي شكل من أشكال التغيير في المظهر، ويميلون حتى لتفسير المواقف المحايدة على أنها مواقف سلبية تجاههم.

  • عدم القدرة على تكوين صداقات

يشار إلى أنه لا يمكن لهؤلاء الأشخاص تكوين صداقات نظرًا لعدم قدرتهم على بدء أي اتصال اجتماعي بسبب تركيزهم الشديد على أنفسهم وحاجتهم إلى الحصول على حب الآخرين، وبالتالي يصعب عليهم محاولة فهم الآخرين أو التعاطف معهم أو بدء الحديث معهم.

  • فقدان الحميمية في العلاقات

يميل الأفراد المصابون بضعف الشخصية التجنبية إلى تجنب العلاقات الحميمة أو مشاركة المشاعر الحميمة، ويسيطر عليهم الخوف والتوتر من ذلك، وذلك بسبب عدم ثقتهم في الآخرين وتقديرهم المنخفض لأنفسهم.

أسباب الإصابة باضطراب الشخصية التجنبية

يشبه اضطراب الشخصية التجنبية الاضطرابات الشخصية الأخرى في أنه من الصعب تحديد سببه المباشر. وتؤثر العديد من العوامل على الإصابة به، بما في ذلك العوامل الوراثية أو المكتسبة من البيئة المحيطة. لا ينتج هذا الاضطراب عن اضطرابات في النواقل العصبية في الدماغ، كما يحدث في العديد من الأمراض النفسية الأخرى. وتعتبر العوامل المؤثرة في الإصابة بهذا الاضطراب من بينها

  • العوامل الوراثية

إذا نشأ الطفل في عائلة لديها تاريخ مع اضطراب الشخصية التجنبية، فإن ذلك يشير إلى احتمالية تعرض الطفل لهذا الاضطراب في المستقبل، بسبب وجود عوامل وأسباب قد تجعله عرضة للإصابة به، لذلك يجب على العائلة توفير بيئة صحية لنمو الطفل وتعزيز صحته النفسية ليكبر كطفل طبيعي خال من أي اضطرابات نفسية.

  • البيئة المحيطة

إن لم ينشأ الطفل في بيئة سوية وسليمة فهذا قد يسبب له تشوهًا خُلقيًا مما يكون سبب مباشر في إصابته باضطراب الشخصية التجنبية، فقد تكون لديه تجربة تعرض فيها للسخرية أو التنمر أو النقد أمام عائلته أوأصقائه في المدرسة بالتالي يحاول أن يتجنب التعامل مع الناس من حوله مما يُفاقم الأمر.

  • العوامل النفسية

عندما يتعرض الطفل في صغره لصدمات من الأبوين بسبب تجنبهم تكوين أي علاقة عاطفية مع أبنائهم، أو بسبب ابتعاد الوالدين عنه، أو عدم فهمهم لاحتياجاته العاطفية وتقديمهم فقط للاحتياجات الأساسية، يمكن أن يتسبب ذلك في مشاكل عاطفية لدى الطفل فيما بعد.

  • العوامل المرضية

قد يكون الطفل يعاني من مرض مزمن منذ طفولته مما يجعله يضطر للجلوس في المنزل وتجنب التعامل مع الآخرين، أو يمكن أن يعاني من اضطرابات في هرمون الذكورة مثل زيادته عند النساء أو نقصانه عند الرجال، وهذا يزيد من احتمال تعرض الطفل للحرج والتجنب الاجتماعي.

علاج اضطراب الشخصية التجنبية

هناك العديد من الوسائل العلاجية التي تساعد المريض على التخفيف من حدة أعراض اضطرابه النفسي، ومن بين هذه الوسائل الأكثر فعالية

  • العلاج الدوائي

يتم اللجوء إلى العلاج الدوائي بعد استشارة الطبيب المختص، الذي يحدد نوع الدواء المناسب وجرعته الصحيحة. من بين هذه الأدوية، هناك مضادات الاكتئاب التي تكون مفيدة في حالة تعرض الشخص لحالة مزاجية سيئة أو تساعد في تقليل أعراض الحزن. كما يمكن استخدام مضادات القلق في حالة تعاني الشخص من القلق والتوتر، حيث يعمل هذا الدواء على علاج الأعراض وليس الشفاء من المرض نفسه.

  • العلاج النفسي والسلوكي

في حال كان الشخص المصاب بإضطراب الشخصية التجنبية قادرا على الارتباط بالآخرين، فمن الممكن استخدام العلاج النفسي والسلوكي لمنعه من الانخراط في حياة العزلة والوحدة التي يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات نفسية أخرى أو تسبب في اللجوء إلى المخدرات، وبالتالي يعد العلاج النفسي والسلوكي عاملا مهما للشخص المصاب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى