ما هي ضوابط التفسير واقسامه
نزل الله تعالى القرآن الكريم كدليل ورحمة للعالمين، وليوجه الذين يتبعونه من الظلمات إلى النور. في هذا الصدد، قال الله سبحانه (يا أهل الكتاب، قد جاءكم رسولنا يبين لكم الكثير مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، وقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. يهدي الله به الذين يتبعون رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى طريق مستقيم).” (المائدة: 15،1) ويعتبر علم التفسير من أعظم وأهم علوم القرآن الكريم. وقد قيل أن شرف العلم يعتمد على شرف المعلوم، وذلك لأن علم التفسير يستند إلى فهم كلام الله وآياته في القرآن الكريم، والتعرف على المقصود منه، بالإضافة إلى احتياج المسلمين لفهم القرآن الكريم بشكل كبير. [1]
تعريف التفسير
يساعد التعرف على مفهوم التفسير والمقصود منه الباحث في علوم القرآن الكريم على اكتشاف مناهج التفسير، أنواعه ومدارسه التي تم الاعتداد بها لدى أهل العلم، إذ أنه يمر بالعديد من التطورات والمراحل إلا أن استقر به الحال ليصير علم مستقل بذاته له أحكام وفنون، وقد تم تعريفه بالاصطلاح الشرعي واللغة كما في التالي:
في لغة العرب، التفسير يهدف إلى التوضيح والكشف، وهذا ينطبق أيضا في المصطلح الذي لا يختلف كثيرا عن المعنى اللغوي. وقد وصف الإمام الجرجاني التفسير بأنه توضيح لمعنى الآية وبيان لشأنها وكشف لقصتها ومعرفة سبب نزولها، ويتم ذلك من خلال الكلمات التي تشير بوضوح إلى المقصود. وقد صنف هذا العلم كأهم العلوم، حيث يساهم في فهم القرآن الكريم وتفسير الألفاظ واللغويات بشكل مفصل وبسيط. فهو يساعد على فهم الكلام الذي نزل من عند الله تعالى على رسوله الحبيب، ويساعد في استخراج الحكم والأحكام وتوضيح المعاني. ويعتمد على علمي النحو والصرف، ويساعد أيضا على معرفة المسائل المنسوخة والناسخة وأسباب نزول الآيات
ضوابط التفسير
عند إجراء بحث عن ضوابط التفسير، يتم التعرف بالتبعية على هدفه وأهميته في الشريعة الإسلامية، وتنقسم هذه الضوابط إلى ضوابط متعلقة بطريقة التفسير، وضوابط متعلقة بالمفسر.
الضوابط المتعلقة بطريقة التفسير
وضع الفقهاء وعلماء الدين في الإسلام العديد من الطرق التي يمكن اتباعها لفهم ألفاظ ومقاصد القرآن الكريم وتفسير ما يتضمنه من آيات، وتلك التفاسير تشمل التفسير باللغة، والتفسير بالرأي، والتفسير المعاصر.
ضوابط التفسير باللغة
ففي الحالة التي تحمل الكلمة المُرغوب في تفسيرها أكثر من معنى دون وجود تعارُضٍ بينها أو تناقُضٍ فإنّه من الجائز حَمل الكلمة عليها كلّها، مثل كلمة: (إلّاً) التي تم ذكرها في قوله سبحانه (لا يَرقُبونَ في مُؤمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولـئِكَ هُمُ المُعتَدونَ) “سورة التوبة: الآية 10″، أمّا الحالة الأخرى تتمثل في اللفظ الذي لا يحتمل إلّا أحد المعاني مثل العهد أو القرابة، وبالتالي يتبين أن هناك بعض الضوابط لا بُدّ من مراعاتها حينما يتم اختيار معنى واحدٍ لا يوجد له ثاني. [3]
ضوابط التفسير بالرأي
تعد طريقة التفسير بالرأي من الطرق المعتمدة من قبل فقهاء وعلماء الدين الإسلامي لشرح المقصود بالنص، وذلك يأتي بناء على موقف سئل فيه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- عن الكلالة، فأجاب بأنه سيعبر عن رأيه، وإذا كان صوابا فهو من الله، وإذا كان خاطئا فهو منه ومن الشيطان، ورغم ذلك يجب مراعاة العديد من الأمور عند استخدام هذا النوع من التفسير
- يتم الالتزام بالمعنى الذي يعبر عنه اللفظ، واستخدامه في اللغة العربية بما يتماشى مع السياق.
- تجنب التكلُّف وعدم إساءة الفَهم.
- الحَذَر من الاستحسان، ومُوافقة الهوى.
- تحذير من الاحتيال عن طريق التأويل لتتفق مع المذهب.
ضوابط التفسير المعاصر
تشمل التفاسير المعاصرة التفسير العلمي الشهير بالإعجاز العلمي، إضافة إلى الآراء الجديدة حول الآيات التي يمكن أن تحتوي على العديد من المعاني، ولذلك، فإن هذا النوع من التفسير يتبع الضوابط التالية
- تجنب الاقتصار على تفسير الآيات بما قد يفهمه المفسر وإسقاط الأقوال السابقة له.
- يجب الامتناع عن إبطال ما أتى به السلف من قول، فلا يجوز للقول المعاصر أن يسقط ما أتى به السلف من قول كامل، وهذا هو الأمر الذي يجب اتباعه.
- يمكن التأكد من صحة القول الحادث في الآية الكريمة من خلال تحديد دلالتها على الحدث، ويمكن ذلك من خلال عدة طرق مثل المطابقة أو اللزوم أو التضمن، وقد يكون القول صحيحًا من حيث جهة وقوعه بالخارج، ولكن الخلل يتعلق بصلته بالآية.
- يتم تفسير القرآن الكريم وفقاً للمدلولات لغة العرب، ولا يجوز تفسيره بمصطلحات علمية لاحقة لزمن نزوله، وينبغي الامتناع عن تفسير القرآن بما يخالف الأحكام الشرعية الصريحة، حيث لا يمكن للقرآن الكريم التعارض مع الشريعة الإسلامية.
ضوابط التفسير المتعلقة بالمفسر
هناك بعض الشروط التي يجب توفرها في المفسر وأهمها: [6]
- العقيدة الإسلامية السليمة.
- الامتناع عن اتباع الأهواء.
- المقدرة على تفسير القرآن بالقرآن.
- يمكن تفسير القرآن باستخدام السنة النبوية الشريفة.
- يعتمد التفسير على قول الصحابة الكرام.
- الاستعانة في التفسير بأقوال التابعين.
- الإلمام بقواعد اللغة العربية وفروعها.
- الفهم الدقيق لمعاني الآيات.
- التحلي بالإخلاص للدين الإسلامي وحسن الخلق.
- الجهر بالحق، والتواضع والصدق.
أقسام التفسير
هناك العديد من العوامل التي تتحكم في تقسيم التفسير وتؤدي إلى اختلاف هذه الأقسام، وتؤثر على مراحل تطور علم التفسير، وتشمل هذه العوامل:
من حيث إمكانية التحصيل
يتألف ذلك القسم من التفسير من أربعة أقسام متفرعة، حيث يتضمن الأول منها تفسير ابن جرير الطبري، الذي استند إلى سفيان الثوري الذي استند بدوره إلى ابن عباس
- تفسير يعلمه العلماء.
- تفسير لا يعذر أحد بجهالته.
- تفسير مطابق لكلام العرب.
- تفسير لا يعلمه إلا الله.
من حيث جهة استمداده
يعني الاستمداد بتطبيق الطرق التقليدية والمأخوذة من القرآن الكريم، أو المصادر الأخرى للتشريع مثل السنة وما ورد عن الصحابة الكرام والتابعين، أو التفسير بطريقة الاجتهاد والرأي الشخصي، أو عن طريق الوحي والإلهام. وبذلك ينقسم التفسير إلى ثلاث فئات
- تفسير بالرواية، ويعرف بالتفسير بالمأثور.
- تفسير بالدراية، ويعرف بالتفسير بالرأي.
- يقدم التفسير الأثري النظري تفسيرًا بالرواية والدراية.
- تفسير بالإشارة والفيض، ويعرف بالتفسير الإشاري.
التفسير من حيث اعتباره شرحاً
ينظر إلى هذا الجزء من التفسير على أنه مجرد شرح للمعنى اللفظي في اللغة، تليه شرح المعنى العام للآية أو الجملة، وفي هذا الجزء، يتم تقسيمهإلى:
- تفسير تحليلي.
- تفسير إجمالي.
التفسير من حيث تناوله لموضوعات القرآن
يتناول هذا القسم من التفسير موضوعات مختلفة في القرآن الكريم بشكل عام، سواء كانت متعلقة بالأحكام أو العقيدة، أو بشكل خاص يتعلق بالوحدانية والصلاة وغيرها، وينقسم إلى أقسام مختلفة
- تفسير عام.
- تفسير موضوعي.