الثرثرة وكثرة الحديث من بين العادات الأكثر إزعاجا للإنسان، وعادة ما يتم وصف بعض الأشخاص في مجتمعاتنا بأنهم ثرثارون ويلمز الناس عليهم ويقولون فلان ثرثار أو فلانة ثرثارة
الثرثار هو الشخص الذي لا يستطيع السيطرة على جودة كلامه ومدة حديثه، إذ يجده صعبًا التحكم في نوعية الكلام الذي ينطق به، ويتحدث بما يخرج منه في أي مكان وزمان دون أن يلتفت لآداب الحديث أو مشاعر الآخرين.
على الرغم من أنه من المعروف أن النساء يفوقن الرجال في هذه الصفة، إلا أن ذلك لا يعني وجود رجال يتمتعون بنفس التصرف السيء. الثرثرة هي عادة سيئة تنفر الناس من الأشخاص الذين يعانون منها، ومن الممكن أن تكون هذه الثرثرة اضطرابا نفسيا، حيث يقوم الشخص بالتحدث بكثرة وتكرار الكلام بدون فائدة
الإسهال الكلامي
هناك الكثير من الاضطرابات العقلية والنفسية والعاطفية التي يعاني منها الإنسان نتيجة لخلل هرموني أو تجارب سابقة، وقد تكون هذه الاضطرابات مزعجة بالنسبة للمريض في بعض الأحيان، وبعضها الآخر قد يكون مزعجا للآخرين، وفي هذا السياق، يكون الاضطراب مزعجا للطرفين
قد تصادف من بين أفراد عائلتك أو أصدقائك أو معارفك، أشخاص لا يستطيعون التوقف عن الحديث، تدعي هذه الحالة في علم النفس بـ “logorrhea” ويمكن ترجمتها بالإسهال الكلامي أو الثرثرة المرضية، ولكن هذه الثرثرة تختلف فهي ليست سلوك إنساني مختار أو مكتسب بل هو حالة مرضية.
أمثلة واقعية للثرثرة المرضية أو الإسهال الكلامي
-التحدث كثيراً ولمدة زمنية طويلة.
-عادةً ما يكون كلامهم غير مترابط، ومن الممكن أن نقول عليه تسرب لأفكاره.
-هناك أيضاً حالة معروفة في علم النفس تسمى بالكلام السريع أو تسرع الكلام “tachyphemia” وهي حالة قد تكون شبيه لحالة الإسهال الكلامي.
-من الممكن أن تصيب هذه المشكلة الفرد لعدت أسباب من بينهم مثلاَ بعض الأورام الدماغية، ومن الممكن أن تحدث بسبب بعض الحالات العصبية الأخرى، أو مرور الشخص بعملية جراحية في الدماغ.
الثرثرة
الثرثرة هي كثرة الكلام في غير موضعه والترديد فيه، وقد نهى رسول الله (صل الله عليه وسلم) عن هذه العادة الذميمة.
الثرثرة هي عادة خاطئة قد يقع فيها الناس دون أن يشعروا، ويمكن أن تتسبب في مشاكل وأذى للآخرين وللثرثار نفسه أيضًا.
أكثر الناس بغضا لقلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هم الثرثارون، وهم أبعد الناس عن مجالس رسول الله (صلى الله عليه وسلم). وقد روى جابر بن عبد الله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: “إن أحب الناس إلي وأقربهم مني يوم القيامة أخلاقا أحسنهم، وإن أبغضهم إلي وأبعدهم عني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتكبرون.” فقالوا: يا رسول الله، نحن عرفنا الثرثارين والمتشدقين، فمن هم المتفيهقون؟ فأجاب: “هم المتكبرون
حذر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من التثرثر ووصفه بأنه قسوة للقلب، حيث قال: `لا تتكلموا كثيرا بغير ذكر الله، فإن الكلام الكثير بغير ذكر الله يجعل القلب قاسيا، وإن أبعد الناس عن الله القلب القاسي`.
الثرثار هو الشخص الذي يتجسس على ذنوب الآخرين ليتحدث وينشرها في المجالس، وهو من أشنع الأشخاص الذين يؤذون الناس بلسانهم. وقد قال الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): `المسلم من أمِن المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه`.
روي مالك أنه بلغه عن نبي الله عيسى ابن مريم أنه قال “لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّ الْقَلْبَ الْقَاسِيَ بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ. وَلَا تَنْظُرُوا فِي ذُنُوبِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ وَانْظُرُوا فِي ذُنُوبِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ فَإِنَّمَا النَّاسُ مُبْتَلًى وَمُعَافًى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلَاءِ وَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى الْعَافِيَةِ”.
وقد يتجاوز الثرثرة مع بعض الأشخاص إلى الاستهزاء بالشرع واستهانة المؤمنين، وفي هذه الحالة يصبح الثرثار منافقا، فقد قال الله تعالى: `إذا سألتهم ليقولوا إنما كنا نخوض ونلعب. قل: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون` (سورة التوبة الآية 65).
فإذا كانت الثرثرة دليل علي سوء الخلق كما قال رسول الله، فهم أيضاً من شرار الناس بسبب سوء صفاتهم، لقول رسول الله (صل الله عليه وسلم): “خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الموطؤون أَكْنَافًا، وإِنَّ شِرَارَكُمُ الثَّرْثَارُونَ، الْمُتَفَيْهِقُونَ، الْمُتَشَدِّقُونَ“
التخلّص من الثرثرة
تقول المقولة الشهيرة “إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب”، فعلى الفرد الثرثار أن يدرك أن السكوت أفضل وأهم من الكلام. فالسكوت يعلم الناس الصبر ويزيد حكمتهم، وكلما قل كلام الفرد زاد استماعه لحديث الآخرين، مما يزيد من خبراته وحكمته، كما يجعله يتأمل ما حوله من الأمور والاختيارات ويتحسس مشاعر الآخرين حتى لا يجرحهم بكلامه. وإذا كان الثرثرة عادة للفرد وليست مرضا يستدعي التدخل الطبي، فليجتهد الثرثار نفسه على فهم فوائد الصمت وتطبيقها
يجب عليه أن يشغل نفسه بالأعمال الصالحة ومساعدة الناس في تخفيف همومهم، فالإنسان الذي يملأ وقته ويكون مشغولا في خدمة الناس لن يجد الكثير من الوقت للثرثرة.