العملاتمال واعمال

لماذا لا تطبع الدول النقود

يتساءل الجميع لماذا لا تطبع الدول النقود لإسعاد الجميع وجعلهم يمتلكون الأموال ويتمكنون من شراء احتياجاتهم؟ ومع ذلك، تم تطبيق هذه الفكرة في السابق من قبل الرئيس الأسبق صدام حسين، ولكن هل كان لهذه الخطوة تأثير إيجابي أم سلبي على اقتصاد الدولة وهل تحسنت معيشة المواطنين؟ سنجيب على هذه الأسئلة في السطور التالية.

الفرق بين النقود والثروة

الثروة ليست مجرد امتلاك الكثير من الأموال، بل تشمل الموارد المعدنية والبترول والغاز والأراضي والاستثمار في الاقتصاد، سواء للأفراد أو المجتمع. وبالتالي، زيادة النقدية أو طباعتها لن تزيد الثروة بالضرورة، بل ستؤدي إلى تقسيم الثروة وتقليل قيمتها السوقية.

كيف تُحدد قيمة العملة وعلى أي أساس يتم طباعتها

يجب أن تكون كمية النقود المتوفرة في الدولة متناسبة مع كمية الثروات الموجودة فيها، فالعلاقة بينهما هي علاقة طردية حيث تزداد كمية النقود بزيادة حجم الاقتصاد والعكس صحيح، فيجب أن تتناسب كمية الأموال مع حجم الإنتاج المحلي، أي أن أي كمية من النقود يجب أن تتوافق مع رصيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي أو رصيد من الذهب أو من السلع والخدمات الحقيقية التي يتم إنتاجها من المجتمع، حتى يمكن لتلك النقود أن تكون لها قيمة حقيقية.

لماذا لا تطبع الدول النقود

يمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال التفكير في حالة طباعة عملات نقدية بحجم يفوق الحجم الاقتصادي، حيث ينخفض القيمة الشرائية للعملة وترتفع الأسعار، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم وتدهور الاقتصاد، وقد يؤدي إلى انهيار تلك العملة أمام العملات الأخرى في سوق النقد الدولي، وذلك حسب أسعار صرف العملات .

لذلك يجب معرفة أن طباعة النقود هي عملية خاصة للبنك المركزي، وهي عملية معقدة وصعبة تتم بناء على أسس اقتصادية ودراسات جيدة لحالة الاقتصاد ومدى وجود غطاء قوي لها، حتى لا تؤدي إلى حدوث ارتفاع في الأسعار بسبب زيادة الكمية من النقود بدون وجود ما يكفي من السلع والخدمات، وعليه سيحدث انهيار اقتصادي إذا استمر ذلك، وبالتالي سيتم التخلص من تلك العملة والبحث عن الأصول أو العملات الأجنبية وشرائها والاحتفاظ بها، وهذا سيؤدي إلى حدوث التضخم وانهيار الاقتصاد.

على سبيل المثال، إذا كان اقتصاد الدولة `أ` يعتمد فقط على صناعة التفاح وكان هناك 100 تفاحة متاحة و 100 عملة محلية في السوق، فإذا قمنا بطباعة 100 عملة إضافية وأصبح هناك 200 عملة محلية في السوق، فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع سعر التفاح من 1 إلى 2 عملات محلية، وهذا يعني حدوث ارتفاع في الأسعار وتضاعف سعر التفاح.

لذلك، هذا مثال على كيفية أن طباعة النقود دون وجود ثروات فعلية يؤدي إلى حدوث تضخم في الأسعار، كما حدث في ألمانيا عام 1920، حيث كانت كمية النقود أكبر من الإنتاج المحلي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار في السوق لتتناسب مع عدد الأشخاص الذين يرغبون في الشراء.

الانهيار الاقتصادي في زيمبابوي

في عام 2008، حدث انهيار اقتصادي كبير في زيمبابوي، حيث تسبب في تفوق قيمة السنت الأمريكي على العملة المحلية بنسبة 500 مليار دولار زيمبابوي، مما دفع الحكومة إلى إيقاف التداول بالعملة المحلية واستبدالها بالدولار الأمريكي أو الراند الجنوب أفريقي.

حدث مثل هذا الأمر مع الجنيه المصري قبل عام 2011م، عندما تم تمويل عجز الموازنة عن طريق الاقتراض. زادت بهذا العمل الدين العام، وبناء عليه، قامت الحكومة بطبع المزيد من النقود دون تغطية. وبلغ سعر الدولار في ذلك الوقت 15 جنيها مصريا.

أزمة فنزويلا

أزمة اقتصاد فنزويلا تعد أحد الأزمات التي تظهر خطورة طباعة النقود بدون تغطية كافية، ففي الوقت الحالي تعاني فنزويلا من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها وتعمل على حلها. تسببت تلك الأزمة في انهيار البلاد بسبب التضخم الناتج عن طباعة حكومة فنزويلا المزيد من النقود بشكل غير محسوب للعملة الوطنية، مما أدى إلى انهيار قيمتها بنسبة 99 في المائة، وزاد من حدوث فقدان العملة ونفادها من السوق، حتى أصبحت رفوف المتاجر والصيدليات فارغة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى