كيفية الاستنجاء وشروطه
يشترط عند أداء أي عبادة أن يكون المسلم طاهرا، والطهارة تعني التخلص من الحدث أو النجاسة، أو رفع الحدث وإزالة النجاسة، أو ما يشابه ذلك. وقد وصف المالكية الطهارة بأنها صفة حكمية تجعل الشخص الذي يتمتع بها مؤهلا لأداء الصلاة بحرية وسلامة.
معنى الاستنجاء وشروطه عند مذاهب العلماء
الاستنجاء هو إزالة مخرج من أحد الممرات بالماء أو الحجر أو ما شابه ذلك، وهو واجب لكل مخرج من الممرات.
قال في كشاف القناع: يجب القيام بالاستنجاء أو الاستجمار بعد الخروج من كل من السبيلين.
ينبغي التطهر بالاستنجاء عند الرغبة في الصلاة وما شابه ذلك، وهو ما يشترط له الطهارة.
قال النووي في المجموع: لا ينبغي الإسراع في الاستنجاء، ويجوز تأخيره حتى يريد الشخص الطهارة أو الصلاة. اهـ.
هو شرط ضروري لصحة الوضوء عند الحنابلة ومن وافقهم.
قال في كشاف القناع: إذا توضأ الشخص الذي يجب عليه الاستنجاء أو تيمم قبله، فإن وضوؤه أو تيممه لا يُعتد به، وذلك بسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المقداد المتفق عليه: ((يغسل ذكره ثم يتوضأ)). ولأن الوضوء هو طهارة يُبطل بالحدث، فقد شُرط تقديم الاستنجاء عليه كما هو الحال في التيمم. .
لا يجوز الاستنجاء من الريح، ولا يُعتبر شرعًا، ومن علماء الدين اتفقوا على أن من فعل ذلك معتقدًا بجوازه فقد ارتكب بدعة.
قال الإمام أحمد: لا يوجد في كتاب الله أو سنة رسوله أي إشارة إلى استنجاء في الريح.
إذا فسد وضوؤه بخروج الغازات، فإنه يلزمه إعادة الوضوء فقط.
الاستنجاء وشروطه
يجب الاستنجاء إذا وجد بول أو غائط أو جاء في الصلاة. يقوم المسلم بغسل ذكره إذا بال، ويستنجي من الغائط. وهذا يكفي في أي وقت. عندما يحين وقت الصلاة، يتوضأ وضوء الصلاة. يبدأ بالمضمضة والاستنشاق وهذا يكفيه. لا حاجة للإستنجاء إذا قد غسل ذكره من البول أو غسل دبره من الغائط أو استجمر بالحجارة أو اللبن ثلاث مرات أو أكثر حتى يكون المحل نظيفا. لا يلزمه أن يعيد ذلك عندما يحين وقت الظهر وقد استنجى بالماء وغسل ذكره وغسل دبره أو استجمر بالحجارة في الضحى وتنظيف المحل ثلاث مرات أو أكثر.
إذا حدث حالة غائط أو بول، ولم يتم التبول أو الغائط مرة أخرى، يتم تنظيف المنطقة بالماء والتمسح، وهذا ما يسمى بالوضوء الشرعي، ويبدأ بغسل اليدين ثلاث مرات، ثم يتم المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه، وهكذا..
لا يعيد الاستنجاء ولا …، إذا غسل الضحى مثلا لا يعيده، وهكذا لو غسل ذكره من البول واستنجى من الغائط وغسل دبره حتى ينقى المحل، ثم جاء وقت المغرب ولم يأته بول ولا غائط بعد ذلك، فإنه يتوضأ الوضوء الشرعي، يتمسح، أي يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ولا يعيد الاستنجاء، وهكذا لو نام أو خرج منه ريح أو أكل لحم الإبل، لا يستنجي، بل يتوضأ وضوءا شرعيا، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، لأن النوم وأكل لحم الإبل ومس الذكر لا يحتاج إلى استنجاء، أما الاستنجاء فهو للبول والغائط خاصة، أما الأشياء التي تنقض الوضوء مثل الريح والفساء والضراط ومس الفرج وأكل لحم الإبل فلا يوجب الاستنجاء، بل يتوضأ وضوءا شرعيا، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ولا يغسل دبره ولا ذكره إلا إذا كان بولا أو غائطا.
الاستنجاء كما فعل الرسول صل الله عليه وسلم
أولا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث على عدم الإسراف في كل شيء، وكان يتقنى استخدام الماء في طهارته دون إسراف فيه، حتى كان يتوضأ بالمد كما روى أنس رضي الله عنه. هذا ما جاء في صحيح مسلم.
والمد : ما يسع كفي ابن آدم متوسط الخِلْقة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسرف في استخدام الماء أثناء الاستنجاء، فلا يستخدم أكثر من الحاجة، والحد الذي يزيل النجاسة عن الموضع هو الكمية المناسبة .
ثانيا : كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه عندما يحتاج إلى الاستنجاء أو إزالة القذر أو الضرر، يقوم بذلك مباشرة بيده اليسرى
روى أبو داود عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى مخصصة للطهور والطعام، بينما كانت يده اليسرى مخصصة للنظافة الشخصية، ولم يكن يتعرض لأي ضرر.
وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
وروى البخاري ، ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: ذكرت ميمونة: `وضعت ماء للرسول الله صلى الله عليه وسلم ليغتسل به، وأفرغ على يديه، ثم غسلهما مرتين أو ثلاثا، ثم أفرغ بيمينه على شماله وغسل مذاكيره، ثم دلك يده بالأرض.` وفي رواية أخرى: `ثم دلك يده بالحائط أو الأرض .
إذا كان بإمكانه سكب الماء بيدِه اليمنى وغسلها باليسرى، فليفعل ذلك .
حكى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قائلا: “عندما يذهب النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته، يأتيني ولد وأنا معي إداوة ماء ليتنجس بها
والْإِدَاوَة : إناء صغير مصنوع من الجلد يستخدم لحمل الماء، كما في كتاب `فتح الباري` لابن حجر.
قال ابن رجب رحمه الله :
” إذا كانَ الماء في مثل الإداوة ونحوها : يصب منه على فرجه ” .
انتهى من كتابة “فتح الباري” لابن رجب .
ثالثا : عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء، كان يدلك يده بالأرض، وفقا لحديث ميمونة: “ثم غسل الأعضاء التي يتبول منها، ثم دلك يده بالأر .
وروى النسائي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : ذكر في “صحيح النسائي” أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وعندما استنجى دلك يده بالأرض .
وهذا الفعل واضح ، مفهوم المعنى : تستخدم مسح اليد بالتراب لإزالة الأوساخ أو الروائح الكريهة التي قد تلتصق باليد بعد الاستنجاء، ولهذا سجل الإمام البخاري رحمه الله بابًا بعنوان: “مسح اليد بالتراب لتكون أكثر نظافة .
قال في “عون المعبود” .
” لِتُزِيلَ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ ، إِنْ بَقِيَتْ بَعْدَ الْغَسْلِ ” انتهى .
إذا غسل الشخص يديه بالصابون أو أي شيء يزيل هذا الأثر، فإن ذلك يعتبر أفضل من عدم فعل ذلك، وكأنه دلك يديه بالأرض، وقد قال النووي رحمه الله:
” يُسْتَحَبُّ لَلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَغْسِل يَدَهُ بِتُرَابٍ أَوْ أُشْنَانٍ أَوْ يَدْلُكُهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْحَائِطِ لِيَذْهَبَ الِاسْتِقْذَارُ مِنْهَا ” انتهى من ” شرح مسلم” (3/231) .
يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة بغسل يديه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في الجرة، ثم يتوضأ .
حكى الإمام البخاري والإمام مسلم – وهذا لفظه – عن ابن عباس قال: `حدثتني خالتي ميمونة، قالت: قربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماء لغسله بعد الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا، ثم أدخل يده في الإناء، ثم سكبها على فرجه واغتسل به بيده اليسرى، ثم ضرب الأرض بيده اليسرى وفركها بقوة، ثم توضأ وأخذ وضوءه للصلاة، ثم سكب على رأسه ثلاث حفنات ملأ كفه، ثم غسل بقية جسده، ثم انصرف عن موضع الغسل ذلك، ثم غسل رجليه.
وفي رواية لمسلم : ” فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ “
حكم عدم الاستنجاء من البول
عدم أداء الاستنجاء بعد التبول أمر خطير، فهو سبب لعذاب القبر، وقد تم تحذيرنا من ذلك في الحديث المتفق عليه، حيث ذكر في لفظ البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بعض الجدران في المدينة وسمع صوتين يعذبان في قبورهما، فقال إنهما يعذبان والذنب الذي يعذبان به كبير، فكان أحدهما لا يستتر بعد التبول والآخر ينشر النميمة، ثم طلب قصاصة وقطعها إلى قسمين أو أكثر، ووضع قسمة في قبر هذا وأخرى في قبر آخر، وقال لعله يخفف عنهما ما لم يجفا.