قصة نجاح عميد الأدب العربي طه حسين
طه حسين هو أديب وناقد مصري يلقب بعميد الأدب العربي، وانتشرت شهرته في جميع أنحاء العالم، حيث يعتبر مثالا للإرادة وتحدي الظروف الصعبة وقسوتها، حيث عاش حياته كسجين للظلام، وتمكن من التغلب على جميع تلك الظروف بقوة إيمانه وثقته بالله.
مولده ونشأته
ولد الأديب العربي الكبير طه حسين عام 1889، وعاش طفولته في قرية صغيرة تقع على بعد كيلومتر واحد من مغاغة بمحافظة المنيا، وهي قرية صغيرة في وسط صعيد مصر تسمى عزبة الكيلو. فقد بصره طه حسين عندما كان في الثالثة من العمر، وكانت هذه الإعاقة سببًا كبيرًا في كشف إرادته وبداية مسيرته الطويلة .
كان والده حسين علي موظف في إحدى شركات السكر وأنجب 13 ولد ، كان طه هو سابعهم من حيث الترتيب أصابه الرمد في عينيه فعالجه حلاق المدينة ، مما أدى إلي فقدان بصره، قد نوه طه حسين في كتابه (الأيام ) أنه قد فقد بصره بسبب الجهل، و التخلف فكانت كلمات صديق والده بعد ذلك بأن طه لا يصلح إلا أن يكون مقرئا للقرآن عند المقابر ،ويتصدق عليه الناس.
أصيب طه بالإكتئاب، وصدمة عنيفة وجعلته طفلا إنطوائيا لا يتكلم مع أحد ، حفظ القرآن الكريم كاملا و هو ابن السابعة من عمره، وأصر علي حضور الدروس في القرية ، وبرز بين أصدقائه من المبصرين بحفظه ،وإدراكه لعلوم القرآن، كان جيد الإستماع في طفولته إلي القصص، والأحاديث ،و أنضم إلي رفاق ابيه لحضور الندوات ،و الإستماع إلي الآيات ،وقصص ،و غزوات القرآن .
بداية قصة نجاحه
بدأ نجاحه عندما غادر بلدته في سن الرابعة عشرة متوجهاً إلى الأزهر لطلب العلم، حيث حضر محاضرات معظم شيوخ الأزهر، ولم يقتصر تعليمه على الأزهر فقط، بل توجه أيضاً إلى الأدب، وكان جيد الحفظ للمقالات والخطب .
انتقاله للجامعة المصرية
في عام 1908، تقدم طه حسين إلى الجامعة المصرية، بتركه الأزهر الشريف، وحضر دروس أحمد ذكي (باشا) في الحضارة الإسلامية وأحمد كمال (باشا) في الحضارة الجغرافية، بالإضافة إلى العديد من الدروس الأخرى .
اكتملت مهمة طه حسين في هذه الفترة بإعداد رسالة الدكتوراه، وكانت عن أبي العلاء، وتمت مناقشة الرسالة في الخامس عشر من شهر مايو عام 1914، حيث حصل فيها على أول درجة دكتوراه تمنحها الجامعة المصرية لأحد طلابها .
السفر لباريس
دفعه طموحه واجتهاده لإتمام دراسته في باريس وبالرغم من الكثير من المعارضات إلي أنه أعاد تقديم الطلب أكثر من 3 مرات، ونجح في نهاية المطاف إلي للسفر لباريس، وكانت هذه الرحلة لها أثر كبير في حياته. عام 1914 ألتحق بجامعة ( موتيلييه ) حيث درس اللغة الفرنسية، و علم النفس، و الأدب ،و التاريخ، و لأسباب مالية أعادت الجامعة المصرية مبعوثيها في العام التالي 1915، و في نهاية العام عاد طه حسين إلي باريس هذه المرة إلتحق بكلية الآداب جامعة باريس.
تعلم التاريخ والاجتماع، وأعد رسالة أخرى حول الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون بمساعدة إيميل دوركايم، وأكملها مع يوجيليه بعد وفاة دوركايم، وناقشها للحصول على درجة الدكتوراه في عام 1919، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية في نفس العام .
تعرف طه حسين علي السيدة سوزان عندما كانت تقرأ مقطعا من الشعر و كان حبه لهذه الفتاة الفرنسية بمثابة تزواج روحي وإلتقاء بين حضارتي الشرق و الغرب ، و كان للسيدة سوزان أثرا عظيما في حياته، فقد عبر عن يوم لقائه بها ( كانه تلك الشمس الذي اقبلت في ذلك اليوم من أيام الربيع فجلت عن المدينة ما كان قد أطبق عليها من ذلك السحاب الذي كان بعضه يركب بعضا و الذي كان يعصف ويقصف حتى ملأ المدينة اشفاقا واشراقا و نورا) .
أصبح طه ممتنا لزوجته حيث كان يعاني من نوبات اكتئابية بسبب حساسيته الشديدة لإعاقته البصرية، ولكنها ساعدته على التغلب على هذه النوبات بشكل أفضل. في عام 1919، عاد طه حسين إلى مصر وتم تعيينه كأستاذ للتاريخ اليوناني والروماني، واستمر في هذا المنصب حتى عام 1925 عندما تحولت الجامعة المصرية إلى جامعة حكومية، ثم تم تعيين طه حسين كأستاذ لتاريخ الأدب العربي في كلية الآداب .
تعد محطة طه حسين (رائعة الأيام) واحدة من أهم محطاته، حيث نشر الجزء الأول من كتابه (الأيام) في مقالات متتالية عام 1926. وفي هذه الرائعة، كتب طه حسين عن الشعر الجاهلي ووصف هذا الكتاب بأنه طراز فريد من السيرة التي تسلط الضوء على حياتنا في الماضي وتحديات الحاضر، وتحلم بالمستقبل الواعد الذي يخلو من عقبات الماضي وتحديات الحاضر .
من مؤلفات طه حسين: دعاء الكروان، شجرة البؤس، حديث الأربعاء، الوعد الحق، جنة الشوق، على هامش السيرة… وغيرها.
الجوائز التي حصل عليها
حقق طه حسين العديد من المناصب البارزة والجوائز في مصر وخارجها، وتم انتخابه عضوًا في المجلس الهندي الثقافي والإشراف على معهد الدراسات العليا، وحصل على قلادة النيل، ومنحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية في عام 1968 .
وفاته
توفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973 بالتقويم الميلادي .