قصة قطر الندى وعرسها الأسطوري
هي أسماء، ابنة خمارويه بن أحمد بن طولون، وكانت زوجة المعتضد بالله الخليفة العباسي. ولقد أطلق عليها لقب “قطر الندى” نظرا لمظاهر الثراء الفاحش التي اتصف بها موكب خروجها من القاهرة إلى بغداد. وتمت المصالحة بينها وبين المعتضد بعدما دخلت خمارويه حربا معه بسبب زيادة الخراج، والتي انتصرت فيها بانتصار ساحق. وبعد ذلك تم الاتفاق على المصالحة وزيادة الخراج، وتم التجهيز لإقامة هذا العرس الأسطوري الذي اشتهر بالثراء الفاحش في عهد الدولة العباسية، وظل حديث الناس لفترة طويلة.
عداء خمارويه والمعتضد بالله :
أراد الخليفة الموفق أن يرسل جيشه للمشاركة في الحرب، ولكن خزينة الدولة كانت فارغة. فقرر أن يطلب من والي مصر، خمارويه، زيادة قيمة الضرائب المفروضة، بما أن خزائنه ممتلئة. ومع ذلك، رأى المعتضد أنه ينبغي أن يرسل جيشا لمحاربة خمارويه واستيلاء الضرائب، وقال: `والله يا أبي، لو لم ترسلني في جيش لمواجهة هذا الرجل، فسأذهب لمواجهته بمفردي. فمن أي نسل البيت العباسي أنا إذا لم أخرج خمارويه من مصر والشام وأضمهم لحكمي
علم الخمارويه بما يجري في القصر العباسي في بغداد، خاصة بعد وفاة الموفق وتولي المعتضد بالله الخلافة، وقال: `رحم الله أبا الموفق، إنه كان أذكى من المعتضد بالله، لو طلب منا زيادة الضرائب لفعلنا ذلك، ولكن بما أنه عزم على الحرب فلا خيار لنا سوى الحرب`
الحرب بين المعتضد بالله وخمارويه :
خرج خمارويه بنفسه ليكون قائدا للجيش، وترك ابنه يدير شؤون مصر حتى يعود. ونصحه بالاهتمام بأهل مصر في حال وفاته، قائلا: `إنهم سيكونون عونا لك في الأوقات الصعبة`. فرد ابنه قائلا: `إن تحققت لك النصرة، فلن يدخل القاهرة إلا وهو مقيد بالقيود`. فأجاب خمارويه: `لا يا بني، بل إذا تحقق لك النصر، سأعيده إلى بغداد مكرما ومعززا. فإن الحل الجميل هو ما يزيل الكراهية. ولولا أنه أقام الحرب علينا، لما شناها عليه. إنه الخليفة`.
انتصر خمارويه بسهولة وأسر جيوش المعتضد، ومع ذلك، عامل المعتضد بكرامة واحترام يليق بمكانته كخليفة، ووعده بزيادة الخراج، وعرض عليه المصاهرة من خلال ابنته الوحيدة أسماء، وقبل المعتضد العرض بكل سرور.
جهاز قطر الندى :
يروى المؤرخون ان قطر الندى تم تجهيزها بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، فقد حملتها قافلة بها أربع قطع من ذهب كل قطعة محملة بقبة من ذهب مشبك وفي كل فتحة من التشبيك قرط معلق فيه جوهرة لا تقدر بثمن، ودكة من ذهب لراحة قدميها أثناء الرحلة وفي قصرها، وألف مبخرة من الذهب، ومائة هاون من الذهب لدق العود والطيب، وصناديق محملة بأجود وأغلى أنواع الأقمشة، وصناديق خاصة بمجوهرات العروس التي تضم فصوص من الأحجار الكريمة.
موكب قطر الندى :
وصف موكب العروس بأنه الأفخم والأكثر ثراءً في عصر الدولة العباسية، فقد كلف خمارويه والد العروس زوجها المعتضد بالله أن يبنى لابنته في الطريق من مصر إلى بغداد في كل محطة للراحة قصر، تشعر فيه العروس بالراحة والرفاهية وكأنها في قصرها وبالفعل تم إنشاء القصور بناءً على رغبة والي مصر.
عند وصول موكب العروس إلى بغداد ليلاً، تم استقباله بالمشاعل والشموع التي أنارت بغداد بأكملها احتفالاً بقدوم العروس. وتم تنظيم الاحتفالات والولائم في جميع أنحاء بغداد حتى الصباح، وظل الناس يتحدثون عن تفاصيل هذا العرس الذي يعكس منزلة العروس الرفيعة.