قصة تحرير مدينة الرها على يد عماد الدين زنكي
نظرا لموقع هذه المدينة المميز، فقد كانت محطة للعديد من الغزاة عبر التاريخ، وتأسست هذه المدينة في العهد المتأخر، وتم تسميتها بأسماء مختلفة في العديد من المصادر، بما في ذلك راغس وآذاسا وأديسا، ولكن الاسم الذي اعتمد عند العرب هو الرها، والذي أطلقه الخليفة عمر بن الخطاب بعد فتحها الإسلامي، واشتهرت هذه المدينة بخصوبة أرضها وغزارة مياهها، وكانت محل تصارع الكثيرين عليها .
الصراع حول مدينة الرها
– كان من أشهر الصراعات التي دارات حول هذه الأرض ، ذلك الصراع الذي حدث من جانب الأمبراطورية البيزنطية ، و الذي أدى إلى أن أغلب سكان هذه المدينة ، قد اعتنقوا المسيحية إبان القرن الرابع الميلادي .
– في ذاك الوقت كانت الأوضاع الإسلامية ، لم تستتب في منطقة شبه الجزيرة العربية ، و كان هناك الكثير من الصدمات بين المسلمين و الفرس و البيزنطيين ، إلى أن قرر الخليفة عمر بن الخطاب ، التوسع و الوصول إلى مصر بعدها انتقلت الرها للخلافة الإسلامية ، و ظلت أربعة قرون تحت إمرة المسلمين .
الرها تحت الحكم الإسلامي
– على الرغم من أن حكم المسلمين ، لها امتد لقرون طويلة إلا أن هذه المدينة ، لم تتمكن من الانصهار تماما في الحضارة العربية الإسلامية ، فقد أرجع المؤرخين السبب في ذلك ، لارتباطهم الشديد بالحضارة البيزنطية ، و عقيدتها مما أدى إلى أنها كانت من أهم المدن ، التي خرجت تماما من حكم المسلمين ، لتخضع للصليبيين أيام الحروب الصليبية .
كان السلطان السلجوقي ألب أرسلان من بين الملوك الرائدين في مواجهة هذا الأمر، وأرسل حملة إلى مدينة الرها وحاصرها لطرد الروم منها. وبعد حصار طويل، تمكن من عبور الفرات، وخلال هذه الفترة وقعت موقعة ملاذكرد .
الرها أيام الحروب الصليبية
– حين بدأت الحروب الصليبية ، توجهت إلى العديد من البلدان المسلمة ، و قد كان من أهم هذه المدن مدينة الرها ، و تمكن وقعتها الصليبيين من إقامة إمارات لهم ، في بلاد المشرق ، و كان من أشهر هذه الإمارات ، إمارة بيت المقدس و طرابلس و سوريا و الرها .
تعاقبت الأعوام ووصلت الحكمة إلى العديد من الأشخاص ، بما في ذلك عماد الدين زنكي ، والذي كان واحدًا من أشهر القادة والملوك في عصره ، والذي نجح في مواجهة الحملات الصليبيةنظرًا لمهاراته العسكرية والحربية .
عماد الدين زنكي
كان هدف عماد الدين زنكي التصدي للحروب الصليبية، وكانت الرها وقتها هدفًا لا بد من الوصول إليه، لذلك عمل على توحيد الجبهة الإسلامية وعلاج أهم الثغرات فيها، ورأى أن هذه الوحدة هي طريقة لطرد الصليبيين تمامًا .
استهدفت هجماته العديد من الحصون، بما في ذلك إمارة أنطاكية التي أربكتهم كثيرًا وجعلتهم سهلي المنال .
– بعد ذلك توجه زنكي إلى العديد من البلدان ، الواقعة تحت سطوتهم ، و منها دمشق و بيت المقدس و غيرها .
تعرضت مدينة الرها للحصار ، وكان المعتدي يعلم جيدًا أنها نقطة نزاع قوية في هذه الحرب .
استمر حصار الرها لمدة 28 يومًا، وفي هذه الفترة نفذ المسلمون العديد من الهجمات، حتى تمكنوا من إحداث ثغرة في السور الذي يحيط بالمدينة، وكان زنكي يهدف في تلك الأثناء إلى استخدام كل وسائل الضغط عليهم، من أجل إجبارهم على الاستسلام .
تمكن زنكي حينها من تحقيق هدفه وإنقاذ المدينة من غزو الصليبيين واحتلالهم، وكان ذلك في عام 429 هجريًا .