اسلامياتقصص اسلامية

قصة الصحابي الذي وأد ابنته

قصة الصحابي الذي دفن ابنته وهي حية

كان بعض العرب في الجاهلية يقتلون البنات وهم أحياء، وقد أخبرنا القرآن الكريم عن هذا. قال تعالى: `قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء على الله. قد ضلوا وما كانوا مهتدين.` وقال تعالى أيضا في سورة التكوير: `وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت`. ويقال إن الصحابي الذي دفن ابنته وهي حية هو عمر بن الخطاب، ولكن هذه الرواية التي رويت عن سيدنا عمر في قتل بناته باطلة وغير صحيحة. في هذا المقال، سنؤكد عدم صحة هذه القصة المروية على النحو التالي:

  • هذه قصة باطلة عن سيدنا عمر بن الخطاب، لأنه من المعروف أن زينب بنت مظعون هي أول امرأة تزوجها عمر رضي الله عنه، وهي أخت عثمان وقدامة، ولديهما من الأولاد حفصة وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر. وقد ورد في كتاب “البداية والنهاية” لابن كثير أن “عمر تزوج في الجاهلية زينب بنت مظعون، وولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة”. ولقد ولدت حفصة قبل البعثة بخمس سنوات، وقد جاء في “المستدرك” أن “حفصة ولدت وتبنى قريش البيت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنين”. والسؤال المطروح هو: حفصة هي أكبر بنات الصحفصة بنت عمر هي أحد بنات الصحابي عمر بن الخطاب، وليست أول زوجة له. ولدت حفصة قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، وتزوجت من النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها الأول خالد بن الوليد. ولقد كانت حفصة من الصحابيات الجليلات، ولها مكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي، حيث كانت من النساء القويات العاقلات والمؤمنات الصادقات، وقد ساهمت بشكل كبير في الدعوة الإسلامية ونشرها.
  • لم تذكر هذه القصة في كتب السنة والحديث، ولم يتم ذكرها في أي مصدر إلا ما ينفيه الرافضة والأشخاص الحاقدين من دون وجود أي دليل أو إثبات.
  • وقد استنتج العلماء بأن هذه القصة غير صحيحة في واقعة عمر بن الخطاب مع ابنته، وذلك استنادا إلى ما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنه. فقد قال: `سمعت عمر بن الخطاب يقول: وسئل عن قوله: (وإذا الموءودة سئلت) في سورة التكوير/8. قال: جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: `إني أديت ثماني بنات لي في الجاهلية`. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `أعتق عن كل واحدة منهن رقبة`. قلت: `أنا لي صحبة إبل`. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `(أهدي إن شئت عن كل واحدة منهن بدنة)`. هذا الحديث رواه البزار والطبراني في “المعجم الكبير”، وقال الهيثمي: `ورجال البزار رجال الصحيح غير حسين بن مهدي الأيلي وهو ثقة`. هذه نهاية الحديث. وقد صححه الألباني في “السلسلة الصحيحة”. ويشير هذا الحديث، الذي رواه الصحابي عمر بن الخطاب، إلى كفارة لمن أدي الوأد في الجاهلية. ونجد أنه لم يذكر عمر بن الخطاب نفسه هذا الأمر، بل تمت روايته من قبل قيس بن عاصم.
  • يقول الدكتور عبد السلام بن محسن آل عيسى: `بالنسبة لعمر رضي الله عنه، لا يوجد أي تسجيل عنه أنه وأدب ابنته في الجاهلية، ولم أجد أي مصدر يذكر ذلك عن عمر فيما راجعته، ولكن وجدت الأستاذ عباس محمود العقاد قد أشار إليها في كتابه `عبقرية عمر` (صفحة 221)، حيث يروي قصة وحديث يتحدث فيهما عمر رضي الله عنه عن وأدبه لابنته. ومع ذلك، فقد أبدى العقاد شكوكا في صحة هذا السرد بسبب عدم انتشار تلك العادة في قبيلة عدي ولا في عائلة الخطاب التي عاشت فيها فاطمة، أخت عمر، وحفصة، وهي الابنة الكبرى لعمر. ولقد كانت تلقب بأم حفص تيمنا بها، إذا لم يكن للكبرى فلماذا يكون للصغرى؟ ولهذا السبب، فإن هذه القصة بأكملها لا أساس لها ولا وجود لها في المصادر.

بكاء وضحك عمر بن الخطاب

الكاتب الشهير عباس محمود العقاد قد ذكر في كتابه عبقرية عمر أن الصحابي عمر رضي الله عنه قد أرضع ابنته، ولكن هذه القصة ذكرت بشكل غير موثوق ودون مصدر موثوق. وسنناقش هذه القصة التي بكى فيها عمر رضي الله عنه وضحك في الوقت ذاته

  • كان رضي الله عنه يجلس مع بعض أصحابه، ثم ضحك قليلاً، ثم بدأ بالبكاء، فكان بكاؤه وضحكه سبباً في إثارة فضول الحضور حول السبب.
  • فقال: في الجاهلية، كانوا يصنعون صنمًا من التمر ويعبدونه، ثم يأكلونه، وهذا كان يضحكني، أما السبب في بكائي فكان لأن لدي ابنة وأردت أن أحفر قبرًا لها وأدفنها فيه، فحفرتُ لها قبرًا وبدأت تنفض التراب على لحيتي، ولم أستطع التحمل فدفنتها حية.

وكانت هذه القصة سبب بكاء عمر رضي الله عنه وسبب ضحكه، ولكن كما أشرنا سابقًا، لم يتم توثيقها في أي من المراجع الثقات ولم يتم ذكر هذا الأمر في سير الصحابة بإسناد صحيح.

دفن البنات في الجاهلية

كانت قصة دفن البنات في الجاهلية تسبب غضب الرجال عندما ينجبون النساء بنات ويعتبرونهن عارا عليهم، فيقومون بدفنهن ووأدهن وهن مازلن حية. وتعتبر واحدة من القصص التي حدثت في الجاهلية فيما يتعلق بدفن البنات، ومن بين تلك القصص هي ما رويت عن قيس بن عاصم، الذي كان شريفا وزعيما لقبيلة بني تميم في العصر الجاهلي. ومع ذلك، قبل الإسلام، جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام في يوم ما وقال له: “كان آباؤنا يدفنون بناتهم وهن أحياء، ولقد دفنت أنا 12 بنتا، وعندما ولدت لي زوجتي البنت الثالثة عشرة، أخفت أمرها وأدعت أنها توفت عند الولادة، ثم أودعتها لآخرين، وعندما اكتشفت الحقيقة بعد فترة، أخذت شقيقتها إلى مكان بعيد ودفنتها وهي حية دون أن أهتم ببكائها وتضرعها”. فأثار ذلك استياء النبي عليه الصلاة والسلام، وقال ودموعه تسيل: “من لا يرحم لا يرحم”. ثم التفت إلى قيس وقال: “سيأتيك يوم سيء”. فسأل قيس: “ماذا يمكنني فعله لتكفير ذنبي؟” فقال النبي: “حرر عددا من العبيد يعادل عدد البنات التي دفنتها.

يروى أيضا أن صعصة بن ناجية، الذي كان رجلا شريفا في الجاهلية وهو جد الفرزدق، قد حارب في تلك الفترة العادات السيئة، منها عادة قتل البنات الرضع، وقد قام بشراء 360 بنتا من عائلاتهن وآبائهن لإنقاذهن من الوأد والقتل، ومرة أخرى قدم لأحد الآباء دابته وبعيرين حتى لا يقتل ابنته، وقد قال له رسولنا الكريم: “ما أحسن ما صنعت، وأجرك عند الله.

وأد البنات في القرآن

تناول القرآن الكريم في بعض آياته قضية قتل البنات ودفنهن وهن على قيد الحياة، وأن الله سيراقب من يرتكب هذا الفعل في يوم القيامة. ومن الآيات التي تنتقد القتلة: `وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت` في سورة التكوير، وفي سورة النحل قال الله: `وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون`. واتفق المفسرون على أن معنى `يدسه في التراب` هو دفنه فيه.

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى