ظاهرة النينو ومدى تأثيرها على السعودية
يبدو أن الشخص الذي صاغ مصطلح `الكوكب المائي` للأرض ليس مخطئا في تسميته بهذا الاسم، فنسبة الماء فعلا تشكل أكثر من 70% من إجمالي مساحة الأرض، وهذا واضح من وفرة المحيطات والبحار التي تحيط بالأرض. وقد تكون هذه النسبة، التي تشكل غالبية المساحة الأرضية، هي السبب الرئيسي لحدوث ظواهر الماء الطبيعية المختلفة التي تؤثر بطرق متعددة على النظام المناخي الذي يتغير من حين لآخر. قد تكون ظاهرة `النينو` التي ظهرت مؤخرا في المحيط الهادي واحدة من أبرز الظواهر التي تعكس ذلك. فما هي ظاهرة النينو التي تؤثر في المحيط الهادي؟ وما هي علاقتها بالجزيرة العربية وما هو مدى تأثيرها على المملكة العربية السعودية بشكل خاص؟ دعنا نتعرف على إجابات هذه الأسئلة التي قد تدور في أذهان معظم قرائنا منذ ظهور اسم الظاهرة في وسائل الإعلام المختلفة .
ماهي النينو ؟
سبب التسمية :
تعود تسمية ظاهرة النينو إلى الصيادين في البيرو والاكوادور الذين كانوا يستخدمون مصطلح ” نينو ” عند حدوث التيار الدافئ المسبب للاضطرابات المناخية التي تحدث في المنطقة وذلك لأنه كان يتزامن حدوثها مع ميلاد السيد المسيح عليه السلام فقاموا بتسميتها ” نينو ” أي الطفل المقدس أو الولد .
تاريخ :
تم تسجيل أول ظاهرة للنينو في عام 1997 و 1998 ، حيث تسببت تيارات النينو في حدوث جفاف شديد وزيادة في حرائق في مناطق إندونيسيا وأستراليا، مما أدى إلى وقوع العديد من الضحايا وتكبد تلك المناطق خسائر مالية هائلة. كما تسببت في ابيضاض الشعاب المرجانية وتأثر التنوع البحري الحيوي بشكل كبير .
النينو 2015 :
ظهرت علامات عودة ظاهرة النينو إلى المحيط الهادئ منذ بداية شهر أبريل الماضي. لاحظنا ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية في الجزء الشرقي من المحيط في المنطقة المدارية، وتراجعت قوة الرياح الغربية التجارية بشكل واضح. هذا يشير إلى حدوث الظاهرة بشكل مؤكد. وهذا هو ما يفسر زيادة درجات حرارة البحر على سواحل بيرو الشرقية بفارق 1.8 درجة مئوية عن المعدل الطبيعي لهذا العام في شهر يوليو الماضي. تسبب هذا في زيادة التغيرات المناخية في المحيط، مثل الأعاصير الكبرى التي ضربت الجانب الغربي للمحيط خلال تلك الفترة، مثل إعصار ساودلور على السواحل الشرقية للصين، والذي تسبب في خسائر اقتصادية وأضرار بالبنية التحتية .
من المتوقع أن تستمر هذه الظاهرة حتى نهاية عام 2015، وسيتم عرض شدتها حتى نهاية فصل الخريف، مع احتمال زيادتها في المستقبل وربما تكون الأعنف في التاريخ .
النتائج المترتبة على ظاهرة النينو :
عند حدوث ظاهرة النينو، يحدث تقلب مناخي متناقض في جميع أنحاء العالم، حيث تشهد بعض القارات ارتفاعا في درجات الحرارة، مثل القارة الأوروبية، وتشهد البعض الآخر انخفاضا شديدا في درجات الحرارة، مثل المناطق الشرقية لآسيا وبعض أجزاء شرق وجنوب شرق أوروبا. تتسبب هذه الظاهرة أيضا في نقص هطول الأمطار في بعض المناطق، مما يؤدي إلى الجفاف كما ذكر سابقا. وفي المقابل، تحدث أمطار غزيرة في مناطق أخرى، مما قد يتسبب في حدوث فيضانات. ويلاحظ بشكل واضح حدوث عدة أعاصير، حيث تتركز غالبيتها في المحيط الهادئ، في حين تظل المناطق الاستوائية في المحيط الأطلسي هادئة .
تأثير النينو على المملكة العربية السعودية :
أعلن الباحث الفلكي ومحلل الظواهر المناخية “زياد الجهني” في الصحف المحلية أن تأثير النينو على الجزيرة العربية سيكون إيجابيًا، حيث سيسبب تساقط أمطار غزيرة في الجزيرة العربية وأمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا، بينما سيتسبب في موجات جفاف هائلة في أستراليا واندونيسيا .
وقد تم تفسير هذا التأثير الإيجابي عند حدوث الظاهرة في عام 1982، والتي سجلت خلالها النينو رقما قياسيا كأعنف الظواهر الطبيعية، حيث شهدت منطقة القصيم في ذلك الوقت هطول أمطار غزيرة ووفيرة استمرت لأكثر من ثلاثة أسابيع متتالية، وشهدت بقية المدن السعودية تحسنا رائعا في المحاصيل الزراعية نتيجة هطول تلك الأمطار التي أحضرت معها الرزق في الأرض .
أما لهذا العام فقد ذكر الجهني أن وقوع الظاهرة لهذا الموسم سيشهد خيرات كثيرة في منطقة الجزيرة العربية حيث بدأت بوادر الخير تظهر في مطلع أغسطس حيث شهدت شمال المملكة هطولا للأمطار الغزيرة وهذا ما يشير إلى أن تأثيرات النينو بدأت تظهر بوادرها في المنطقة ، ومن المتوقع أن يحدث هطول للأمطار مرة أخرى في أواخر شهر أغسطس وشهر سبتمبر ، أما على صعيد درجات الحرارة فيتوقع الجهني أن تستمر درجات الحرارة بالارتفاع عن معدلها الطبيعي حتى نهاية السنة الهجرية ثم تعود إلى معدلها الطبيعي بشكل تدريجي حيث ستشهد البلاد تأخرا في دخول البرد في فصل الشتاء لهذا الموسم حيث سيبدأ أولا بإذن الله في شمال غرب المملكة .
فيما يتعلق بالمسطحات المائية مثل البحر الأحمر وبحر العرب، ستشهد درجات الحرارة ارتفاعًا ملحوظًا في هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، مما سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في المناخ، خاصةً في غرب المملكة التي تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات المناخية .