سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم
قال تعالى في محكم آياته :” إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ” ليلة القدر هي الليلة الأعظم التي سميت إحدى سور القرآن العظيم باسمها، تكريما لها ولعلو منزلتها عند الله جل شأنه وتقدس اسمه .
هذه هي الليلة التي أنزل فيها الله القرآن من السماء إلى الأرض، وهذه الليلة تحقق فيها الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى، وهي ليلة بدء نزول القرآن على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الليلة التي لا يمكن للإدراك البشري القاصر أن يحيط بها بالكامل .
سبب تسمية ليلة القدر
ليلة القدر هي الليلة التي جعلها الله خيرا من ألف شهر، وفقا للنص القرآني، وذلك بسبب أهميتها ومكانتها العالية عند الله تعالى. يفسر العلماء سبب تسميتها بهذا الاسم بأنها تعود إلى قدرها وترفعها ومكانتها العظيمة. ويرى آخرون أن “القدر” يعني التضييق أو الإخفاء (إخفاء موعدها)، وهذا التفسير يرتبط بمعنى كلمة “القدر” والأحداث العظيمة التي وقعت في تلك الليلة. ويبرر هؤلاء القائلون ذلك بأن هذا التفضيل مشابه ليوم عرفة كأعظم الأيام وشهر رمضان كأعظم الشهور .
ويرى علماء أخرون أن سبب تسميتها بليلة القدر يعود لكونها الليلة التي تكتب فيها أقدار العباد وتقدر الأرزاق، والآجال، والأعمال، وفى ذلك قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: ” يكتب في أمّ الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنَة من الخير والشرّ والأرزاق والآجال، حتى الحجاج، يقال: يحج فلان، ويحج فلان ” .
وهناك رأي آخر يرى أن سبب التسمية يعود إلى أن الله تعالى يقدر العمل العظيم في تلك الليلة، واستدلوا على هذا الرأي بأن المسلم يستحق أجر ما فعله في تلك الليلة حتى وإن لم يكن يعلم بقدرها ولم يكن يدركها، ويعتقد فريق آخر أنها سميت بذلك لأن الله تعالى نزل فيها القرآن، أو لأنها ليلة الحكم والفصل .
أي ليلة هي ؟
يعتقد بعض المسلمين بشكل خاطئ أن ليلة النصف من شهر شعبان هي ليلة القدر، وهذا غير صحيح. كما يعتقد الكثيرون بشكل خاطئ أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان. والحقيقة هي أن ليلة القدر تحدث في العشر الأواخر من شهر رمضان، ولا يوجد أي دليل على أنها تحدث في ليالي الوتر .
ويرى الحافظ ابن حجر في كتابه `فتح الباري`، أنَّ أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخيرة وأنها تنتقل، فقد رويعن عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ` .
توجد توجهات علماء كثيرون حول تحديد هذه الليلة، وأكثر الآراء المؤيدة تشير إلى أنها تقع في العشر الأواخر من الشهر الرمضاني، وتحديدا في السبع الأواخر منها. وبالتالي، يمكن أن تكون الليلة السابعة والعشرون، أو الليلة الخامسة والعشرون، أو الليلة الثالثة والعشرون، أو الليلة التاسعة والعشرون .
التعبد في ليلة القدر
بناء على أهمية ومكانة هذه الليلة المباركة، يجب أن نكون متدينين ونبذل جهودا فيها حتى نستحق ونحصل على نصيبنا من بركتها العظيمة. إذا كانت صحيحة ما ذكره العلماء بأن الأقدار والمدد الزمنية والرزق يقدر في هذه الليلة، فمن الضروري أن نرفع الدعاء ونكثر الصلاة. ومن الأمور المستحبة التي أوصى بها الشرع قراءة القرآن، وكثرة ذكر الله، والتسبيح، والصلاة، وإطالة القيام؛ لأن هناك أجرا كبيرا في هذه الليلة .