تفسير الضحك بدون سبب في علم النفس

الضحك بشكل عام

قد يكون الضحك تجربة عاطفية معدية للغاية، على الرغم من أنه يعتبر سمة مميزة للإنسان، إلا أننا لا نعرف الكثير عن الآليات الداخلية له. فالضحك ليس مقتصرا على التواصل المرح، بل يمكن أن يحدث بسبب الإحراج أو المضايقات الاجتماعية وغيرها، وربما تطور الضحك لتسهيل الارتباط بين مجموعات كبيرة من الناس في الرئيسيات. فعملية الاستمالة تفرز موادا كيميائية تساعد في بناء الروابط الاجتماعية، وجاء البشر في النهاية للعيش في مجموعات كبيرة تتجاوز العدد الذي يسمح به الحد الأقصى للقبائل. والضحك، بالإضافة إلى الكلام، يمكن أن يساعدنا على الارتباط بالمجتمع بسهولة وسرعة .

فوائد الضحك

• على الرغم من أن الضحك لا يخضع بشكل عام للسيطرة الطوعية ، إلا أن له فوائد صحية عديدة ، يمكن لنوبات الضحك أن تعزز جهاز المناعة وترخي العضلات ، وتساعد على الدورة الدموية ، وتحمي من أمراض القلب ، يمكن أن تحفز الصحة العقلية أيضًا ، يمكن أن يقلل الضحك من القلق ويطلق التوتر ويحسن الحالة المزاجية ويعزز المرونة .
• تفرز الضحكة الخافتة الإندورفين، وهي مواد كيميائية في الجهاز العصبي تسبب السعادة ولها تأثير مشابه للمخدرات، والإندورفين هو جزء من السبب في أن الضحك معدي للغاية، وللضحك العديد من الفوائد الصحية مثل زيادة تدفق الدم وتحسين المرونة العقلية والجسدية، في الواقع لا تختلف عن جلسة التمرين الشاقة .
• على الرغم من أننا مشغولون جدًا أو متشائمون جدًا أو غاضبون جدًا، فإننا لا نبذل الكثير من الجهد لإيجاد البهجة والضحك، على الرغم من أنه يجب علينا ذلك. ومع ذلك، فإن الضحك البسيط يمكن أن يجعل الحياة أكثر سهولة من خلال إخفاء الألم وتحسين الذاكرة وتخفيف ضغوط الحياة اليومية.

الضحك بدون سبب

عندما تسمع شخصا يضحك خلفك، فمن المحتمل أن تتخيله يتحدث عبر الهاتف أو يكون برفقة صديق ويشعر بالسعادة والغموض في داخله. الاحتمالات تشير إلى أن صوت الضحك ببساطة قد يجعلك تبتسم أو حتى تضحك، ولكن تخيل أن الشخص الذي يضحك يتجول بمفرده في الشارع أو يجلس خلفك في جنازة، فجأة لا يبدو الأمر جذابا، فالضحك بدون سبب والبكاء بدون سبب من الظواهر الغريبة التي لا يمكننا تفسيرها .

في الواقع، لا يكون الضحك دائما إيجابيا أو صحيا وفقا للعلم. يمكن تصنيفه إلى أنواع مختلفة، بدءا من الضحك الحقيقي والعفوي إلى الضحك المتظاهر (المزيف) أو المحفز (عن طريق الدغدغة) أو المستحث (عن طريق الأدوية) أو حتى الضحك المرضي. ومع ذلك، لا يزال الأساس العصبي الفعلي للضحك غير معروف تماما، ومعرفتنا عنه تعتمد بشكل كبير على الحالات السريرية المرضية.

تعد الضحكة وتقدير الفكاهة أحد المكونات الأساسية للتكيف الاجتماعي والعاطفي والمعرفي، ومن المدهش أنها ليست خاصة بالبشر فقط، حيث يتمتع القردة والرئيسيات أيضا بقدرة على الضحك. قد يكون ذلك تطورا يساعدهم على البقاء على قيد الحياة. في النهاية، الضحك هو نشاط اجتماعي يعزز الروابط ويقلل من التوتر والقلق، لكنه يفقد سرعان ما يتلاشى عندما يحدث بشكل فردي (فالضحك الفردي قد يكون له دلالات سلبية) .

تفسير الضحك بدون سبب في علم النفس

• تتضمن إحدى المتلازمة الموثقة جيدًا ، والتي يعتقد أن تشارلز داروين تحديدها لأول مرة، عرضًا مقلقًا للعاطفة غير المنضبطة ، يتميز سريريًا بنوبات متكررة لا إرادية ولا يمكن السيطرة عليها من الضحك والبكاء ، هذا اضطراب مؤلم في التعبير العاطفي يتعارض مع المشاعر الكامنة لدى الشخص ، تُعرف الحالة باسم متلازمة التأثير البصلي الكاذب ويمكن التعبير عنها في عدة حالات عصبية مختلفة .
• باختصار تنشأ الحالة من الانفصال بين “المسارات الهابطة” الأمامية في جذع الدماغ – التي تتحكم في الدوافع العاطفية ، والدوائر والمسارات التي تحكم تعبيرات الوجه والتعبير العاطفي ، تشمل بعض الاضطرابات المصاحبة للحالة على وجه التحديد إصابات الدماغ الرضية ومرض الزهايمر ، ومرض باركنسون والتصلب المتعدد والسكتة الدماغية .
• في الواقع، توصلت دراسة أجريت العام الماضي إلى أن الشعور المتزايد بالفكاهة والضحك في أوقات غير مناسبة يمكن أن يكون مؤشرا مبكرا على الخرف. تعد متلازمة التأثير البصلي الكاذب أيضا من أكثر الآثار الجانبية شيوعا للسكتة الدماغية، من حيث التغير العاطفي. نظرا لزيادة معدل حدوث السكتة الدماغية كل عام، من المرجح أن تكون هذه الحالة منتشرة بشكل كبير في المجتمع .
• هناك حالات محددة أخرى يمكن أن ترتبط بتوصيلات الدماغ غير الطبيعية، ومن بين هذه الحالات هو الخوف المفرط من السخرية المعروف باسم Gelotophobia، بينما Gelotophilia هي الاستمتاع بالضحك، وتشير الكاتاجلاستيكية إلى الفرح بإسعاد الآخرين عند الضحك عليهم .
• يمكن أن يتطور خوف الجلوتوفوبيا، بشكل خاص، إلى قلق شديد يقلل من السعادة ويتراوح بين ضعف الكفاءة الاجتماعية والاكتئاب الشديد، وقد يؤدي إلى التحسس الزائد للمحيط بحثا عن أي علامات للسخرية. ينشأ هذا الخوف غير الطبيعي من تجارب الحياة المبكرة السلبية، مثل التعرض للمضايقة أو السخرية. تشير البيانات الصورية إلى ارتباط خوف الجلوتوفوبيا بضعف التواصل بين مناطق الدماغ الأمامية والوسطى والشبكات المسؤولة عن مراقبة ومعالجة الاستثارات العاطفية .
• نحن نعلم أيضًا أن دوائر الدماغ الأمامية تمكننا من تفسير المعنى الحرفي اللغة في سياق اجتماعي وعاطفي ، هذا يساعدنا على تقدير الدعابة اللطيفة مثل السخرية ، ومن المثير للاهتمام أن هذه القدرة غالبًا ما تُفقد بعد إصابة الدماغ الأمامية ، أو في الحالات المرتبطة بخلل وظيفي أمامي، مثل التوحد .

القهقهات المعدية

القهقهة هي أحد أنواع الضحك الأساسية، وقد يفسر ذلك لماذا يمكن للأزواج أن يتفاعلوا مع بعضهم البعض بشكل طبيعي ويفشل المشاهدون في الاستجابة، وعندما يقول شخصا ما إنه يمتلك روحا مرحة، فهو يعني أنه يتخيل الضحك ويظهر حبه للآخرين عن طريق الضحك عندما يكون بجانبهم

في الواقع ، قد يكون المرح هو الطريقة الأساسية للحفاظ على العلاقات ، تشير إلى البحث، على سبيل المثال ، الذي يُظهر أن الأزواج الذين يضحكون مع بعضهم البعض يجدون أنه من الأسهل بكثير تبديد التوتر بعد حدث مرهق وبشكل عام ، من المرجح أن يبقوا معًا لفترة أطول ، أظهرت دراسات حديثة أخرى أن الأشخاص الذين يضحكون معًا على مقاطع الفيديو المضحكة هم أيضًا أكثر عرضة للانفتاح على المعلومات الشخصية مما يمهد أرضية مشتركة أكثر بين الناس.