صحة

تاريخ وباء الكوليرا في العالم

يعد وباء الكوليرا واحدا من أكثر الأمراض المعدية التي تسببت في دمار البشرية على مر الزمن الطويل. إنه مرض من الجهاز الهضمي ينتج عن عدوى حادة ببكتيريا الكوليرا التي تنتشر أصلا في الهند وانتشرت في جميع أنحاء العالم بواسطة حركة التجارة. يمكن لهذه البكتيريا العيش في مياه الأنهار المالحة قليلا وعادة ما ينتشر العدوى في المناطق التي لا تتم معالجة مياه الصرف الصحي وإمدادات المياه الشرب. يصيب الأطفال والبالغين على حد سواء، وغالبا ما لا يظهر أعراض المرض مباشرة، وتستمر البكتيريا في الجسم لمدة تتراوح بين 8 و 14 يوما .

جدول المحتويات

تاريخ انتشار وباء الكوليرا عالميًا

يعتقد الباحثون في مجال الوباء أن انتشار بكتيريا الكوليرا يعود إلى شبه القارة الهندية بسبب وجود نهر الغانج الذي يعتبر واحدا من الأنهار الملوثة. انتشرت العدوى من خلال التجارة بين البر والبحر إلى روسيا، ثم انتقلت إلى غرب أوروبا وأمريكا الشمالية. يعتبر الكوليرا تهديدا خطيرا للصحة في الدول النامية. بدأت الوباء الأول للكوليرا في الفترة بين عامي 1816 و1826، حيث كانت تركز الحالات في البنغال ثم انتشرت في جميع أنحاء الهند بدءا من عام 1820. توفي حوالي 10 آلاف فرد من القوات البريطانية وأعداد لا تحصى من الهنود. ثم انتقل الوباء إلى الصين وإندونيسيا، حيث توفي 100 ألف شخص في جزيرة جاوة فقط. تم حصر عدد الوفيات من عام 1817 إلى 1860 في 15 مليون شخص، ومن عام 1860 إلى 1917 في 23 مليون شخص. في روسيا، تجاوز عدد الوفيات 2 مليون. بدأ الوباء الثاني للكوليرا في عام 1829 واستمر حتى عام 1851، حيث وصل الوباء إلى روسيا والمجر، وتوفي فيهما 100 ألف شخص، وفي ألمانيا توفي 55 ألف شخص في عام 1830. في باريس في عام 1832، توفي 20 ألف شخص من أصل 600 ألف، وفي مصر توفي 150 ألف شخص، وفي مكة المكرمة 15 ألف شخص .

كان التفشي الثاني للمرض عام 1849 في باريس ومنه إلى لندن حصد المرض فيه حوالي 14 ألف روح وانتشر بعدها في ايرلندا حيث لقى العديد في المجاعة الايرلندية الموت وانتشر المرض في أمريكا الشمالية في هذه الفترة من حياة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمس بولك حيث جاءت العدوى من السفن البريطانية عبر نهر المسيسبي مما أسفر عن موت 4 ألاف شخص في سانت لويس وثلاث ألاف في نيواروليانز والآلاف في نيويورك فضًا عن انتقال المرض إلى المكسيك عام 1849 م عن طريق ولاية كاليفورنيا ، في الفترة من 1849-1855م لقى 150 ألف أمريكي مصرعهم .

أما الوباء الثالث لمرض الكوليرا، فقد حدث في الفترة من 1852 إلى 1890م، وأثر هذا الانتشار بشكل مباشر على روسيا، حيث أودى بحياة أكثر من مليون شخص، وانتشر من روسيا إلى إندونيسيا، ثم الصين واليابان. انتقلت العدوى أيضا إلى الفلبين وكوريا الجنوبية، وحتى في بلاد البنغال عام 1859م، ومن ثم انتقل إلى العراق والسعودية وإيران. أما الوباء الرابع، فحدث في الفترة من 1863 إلى 1875م، انتشر في أفريقيا وأوروبا، وتوفي فيه من 30 ألف إلى 90 ألف حاج في مكة المكرمة. انتشر المرض أثناء الحرب البروسية النمساوية، وقتل 165 ألف شخص في إمبراطورية النمسا والمجر، وبلجيكا فقدت 30 ألف شخص. توفي أيضا 113 ألف شخص في إيطاليا خلال هذه الفترة

وفقا لصحيفة وول دكتور، بدأ وباء الكوليرا الخامس في عام 1881-1869 م، وأودى بحياة 250 ألف شخص في أوروبا و50 ألف شخص في أمريكا و269 ألف شخص في روسيا و120 ألف شخص في إسبانيا و90 ألف شخص في اليابان و60 ألف شخص في بلاد فارس و58 ألف شخص في مصر. بدأ وباء الكوليرا السادس في الفترة من 1899 إلى 1923 م، ولم يكن له تأثير يذكر في أوروبا بسبب التقدم في مجال الصحة العامة، لكنه أودى بحياة 500 ألف شخص في روسيا وأثر بشكل سلبي على الدولة العثمانية في الفترة من 1902 إلى 1904 م، حيث أودى بحياة 400 ألف شخص و20 ألف حاج. وانتشر الوباء السادس في الهند وأودى بحياة 800 ألف شخص .

بدأ الوباء السابع في إندونيسيا، ولكن حدث تطور في سلالة البكتيريا، وسميت هذه السلالة باسمها. وانتشرت إلى بنغلاديش في عام 1963، وإلى الاتحاد السوفيتي في عام 1966، وإلى شمال أفريقيا في عام 1973. وانتشرت في أمريكا الجنوبية في الفترة من 1991 إلى 1994 بسبب سفن التفريغ الثقيلة. وحدث مليون إصابة في بيرو وتوفي حوالي 10 ألف شخص. والعامل المسبب لهذا الوباء هو O1، وهو سلالة مختلفة قليلا عن سلالة الوباء السابع. ظهرت سلالة جديدة في روسيا في عام 1992، وسميت O139 بنغال، وانخفضت معدلات انتشار المرض اعتبارا من عام 1995، بسبب انتشار العقاقير وتحسن النظافة الصحية في عدد من الدول حول العالم .

الإصابات الحديثة لانتشار الكوليرا:  وفقا للإحصاءات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، كان هناك 140 ألف حالة وفاة في أفريقيا عام 2000، وكانت أفريقيا تشكل 87٪ من هذه الحالات. انتشر الوباء في العراق عام 2007، وأعلنت الولايات المتحدة عن وفاة 4,569 شخصا. ظهر الوباء أيضا في ولاية أوريسا في أغسطس من نفس العام في الهند. في عام 2008، تم تأكيد وفاة 644 حالة في العراق وانتشار الإصابة في مخيمات اللاجئين في الكونغو. لا يزال المرض منتشرا في البلدان النامية التي تعاني من نقص الخدمات الصحية، خاصة في دول أفريقيا.

أعراض الكوليرا

: تتألف البكتيريا من سلالات متنوعة، حيث لكل سلالة تنوع جيني، وقد تم تطوير أول لقاح للكوليرا عام 1900 م على يد العالم فالديمار هافكارين، ولم يكن لهذا اللقاح نتائج معروفة في العالم، والكوليرا هي عدوى بكتيرية تتسبب في الإسهال وتتميز بجرثومة سالبة الجرام، والذيقان المعوي هو الذي يعمل على تبطين الأغشية المخاطية في الأمعاء الدقيقة وهو المسؤول عن انتشار المرض، ويمكن أن تشمل الأعراض الإسهال المائي الحاد، والتقيؤ الشديد، والتقلصات العضلية، وقد يحدث انخفاض في ضغط الدم، وعند عدم تقديم الدعم الطبي يمكن أن تظهر الأعراض الخطيرة مثل الإسهال المائي الحاد والإفرازات السائلة، وتستمر الأعراض منذ بداية الإصابة وتختلف الشدة من شخص لآخر وتؤدي الإصابة إلى فقدان السوائل في الجسم مما يمكن أن يؤدي إلى الجفاف الشديد وحتى الموت في حالة عدم تقديم الدعم الطبي

طرق انتقال الكوليرا

: يتم نقل العدوى بواسطة تناول المياه الملوثة بالبكتيريا أو الاتصال بالبراز الملوث للمصاب أو التعرض للأمراض التي تتراكم فيها النفايات والملوثات. يتم علاج المرض أولا بمعالجة الجفاف من خلال إعطاء المريض الماء والسوائل لتعويض النقص، وأيضا بإعطاء حقن وريدية تحتوي على محاليل ومضادات حيوية. تحذر منظمة الصحة العالمية من انتشار وباء آخر بسبب عدم توفير الخدمات الصحية في المناطق المكتظة بالسكان والتي تشهد حركة تجارية كبيرة مثل الهند وأفريقيا، وأيضا بسبب مخيمات اللاجئين .

لا شك أن الكوليرا هي واحدمن أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان على مدار القرنين التاسع عشر والعشرين، ولذلك فإن الاهتمام بالخدمات الصحية في الدول النامية يعود بالفائدة على العالم بأسره من خلال الحد من انتشار هذا المرض الخطير والوقاية منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى