بحث عن القصاص
يقول إن الله خلق الإنسان على أحسن تصور وأتم صورة، وأن جميع الشرائع السماوية اتفقت على حرمان الإنسان من أي اعتداء عليه وعلى محاسبة المجرمين ومعاقبتهم بحسب جريمتهم، ولذلك شرع الله القصاص في جميع الشرائع السماوية، وذكرت قصة قتل قابيل لأخيه هابيل وكتابة الله تعالى لبني إسرائيل أن من قتل نفسا بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وأيضا ذكرت شريعة التوراة التي أقرها الإسلام في القتل والعدوان وقال الله تعالى “وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص”، والقصاص هو العدل الذي لا يمكن للعقل تصور أفضل منه وذلك كما جاء في جميع الأديان .
تعريف القصاص
يشير مصطلح القصاص إلى القطع، ويمكن أن يكون مشتقا من الأثر أو التصغير، ويشير إلى القتل أو الجرح كعقاب للجاني، ويستخدم أيضا للإشارة إلى التناصف في القصاص والحصول على الحساب .
لم يذكر فقهاء المذاهب الإسلامية الأربع رحمهم الله تعريفًا بعينه للقصاص، ولكن غلب لفظ القود عليه عندهم، وذلك يتضح من خلال أقوالهم، وأما معنى القصاص اصطلاحًا
-الحنفية : قال القصاص بمعنى القود بفتح الواو .
-المالكية : قال الإمام مالك رحمه الله إن الحر والعبد لا يختلفان في شيء بالنسبة للجراح، وإذا قتل العبد الحر عمدًا فإنه يجب أن يقتل، ولكن لا يجوز قتل الحر بالعبد إذا قتله عمدًا .
– الشافعي : من قال “لا يقاد بغيره في النفس” فإنه لا يقاد به في أمور أخرى غير النفس، ومن أقيد بغيره في أمور أخرى غير النفس، فإنه يقاد به أيضا في النفس، لأن ما هو دون النفس يشبه النفس في أنه يجب تطبيق القصاص، وإذا كانت الجريمة واضحة، يجب تطبيق القصاص بحسبها بالكامل، والقصاص هو المماثلة، ولا يتم تطبيق القصاص في كسر العظام بسبب عدم الثقة في المماثلة في هذا الأمر، إلا إذا كان السن هو الطريقة المناسبة لذلك وفقا لأهل الخبرة .
-الحنابلة : قال إن شروط القتلة هي القود الأربعة .
توافق الأئمة الأربعة على أن القصاص هو العقاب الذي يستيفيء صاحب الحق حيث يتم إعاقة المعتدي سواء بالقتل أو الجرح، ويصف الإمام الطبري المعنى الشرعي للقصاص بأنه يتم فعل ما فعله الجاني به .
أدلة مشروعية القصاص
القصاص هو أمر مقرر به في جميع الشرائع السماوية ومسلم به، وتضافرت الأدلة على مشروعيته في الكتاب والسنة والإجماع، وفيما يلي بعض الأدلة:
-قوله تعالى :{يا أيها الذين آمنوا، فقد كتب عليكم تطبيق القصاص في القتلى، حيث يجب أن يقتل المحرر وفقا لقانون القصاص، وكذلك المسلم وفقا لقانون القصاص، والأنثى وفقا لقانون القصاص. فمن تمت عفوه من أخيه عن قتله، يجب عليه أن يتبع ذلك بالإحسان وأداء حقوقه بإحسان. هذا هو تساهل من ربكم ورحمته، وأما من اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم. ولكم في تطبيق القصاص حياة يا أولي العقول، لعلكم تتقون}” (سورة البقرة 178-179).
يقول الله تعالى في سورة البقرة الآية 194: “الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين.
– قوله تعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ۖ ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} سورة النحل 126.
في السنة الشريفة، ذكر في حديث نقله الإمام البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن “الربيع عمته” حطموا ثنية جارية، وطلبوا العفو لكنهم رفضوا، وعرضوا الأرش لكنهم رفضوا، وتوجهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفضوا غير القصاص، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر: “يا رسول الله، أتكسرون ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسروا ثنيتها”. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا أنس، كتاب الله يأمر بالقصاص، والقوم رضوا، فعفوا”. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره .
أنواع القصاص
يتم تطبيق القصاص إما في جرائم الاعتداء على النفس، مثل جرائمالقتل، أو في جرائم الاعتداء على الأموال والممتلكات عندما يكون الدليل كافيًا وآمنًا ولذلك ينقسم القصاص إلى نوعين:
القصاص في النفس : القصاص يكون عندما يتم القتل عمدًا، حيث يتم إعدام الجاني إذا توفرت شروط وأركان الجريمة، وتشمل الجرائم التي تستحق القصاص القتل العمد والقتل شبه العمد والقتل الخطأ
قال تعالى في سورة النساء الآية 93: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما}
فيما يتعلق بالقتل الخطأ، فإنه يجب على الشخص المسلم أن يدفع فدية، وفقا لقوله تعالى في سورة النساء الآية 9: `وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله، إلا أن يصدقوا. فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن، فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق، فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، توبة من الله. وكان الله عليما حكيما.
قصاص فيما دون النفس : يتمثل في قطع الأطراف أو تسبب الجروح .