ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار
كلما وردت كلمة في كتاب الله تعالى فمن الواجب علينا التفكير فيها والعمل بها، حيث جاهد المفسرون والعلماء في تفسير بعض آيات القرآن الكريم، وسوف نتعرف اليوم على واحدة من تلك الآيات العظيمة التي لها أكثر من معنى.
قال الله تعالى
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار آيات لأولي الألباب، بارك الله فيكم.
تفسير الآية العظيمة التي تحدثت عنها عدد كبير من العلماء الكبار، فقد قال الطبراني: حدثنا الحسن بن إسحاق التستري عن يحيى الحماني عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن الجبير عن ابن عباس، قد جاء اليهود إلى قريش وسألوهم كيف جاء موسى؟ فقالوا إنه جاء بعصاه ويده البيضاء التي يراها الناظرون، ثم ذهبوا إلى النصارى وسألوهم كيف كان عيسى؟ فقالوا إنه كان يشفي الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، ثم ذهبوا إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يدعو ربه لجعل جبل الصفا ذهبا، فدعا النبي ربه ونزلت تلك الآية على الفور: “إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب.
معنى الآيات
ان في خلق السماوات والارض، السماء ومعناها أي ارتفاعها واتساعها وكبرها، والأرض في انخفاضها وكثافتها، كل تلك المساحة المهولة لما فيها من آيات لله عز وجل من الجبل الثابتة الشامخة، والبحار الكبيرة وكثرة الأشجار والنباتات والنجوم والكواكب والمجرات، وايض الثمار الرائعة والحيوانات وغيرها من الأشياء التي توجد في السماء وأيضا في الأرض من معادن وغيرها من المنافع التي تنتشر حول الانسان، فالألوان نعمة والرائحة نعمة والطعم نعمة.
تعاقب الليل والنهار، أي تبادلهما في الحضور والغياب، وتفاوتهما في المدة، فنجد في بعض الأيام أن النهار أطول من الليل، وفي أيام أخرى نجد أن الليل أطول بكثير من النهار، وفي أيام أخرى يتساوى النهار والليل في طولهما، ولذلك قال الله تعالى “لأولي الألباب”، أي لأصحاب العقول الحكيمة والذكية القادرة على تمييز الحقائق، كما أنهم لا يتساوون مع الصم والبكم الذين لا يفهمون شيئا في هذه الحياة.
تفسيرات بعض العلماء
1_ ان في خلق السموات والارض
أظهر الله سبحانه وتعالى عظمة الخلق في أكبر مخلوقاته وهما السماء والأرض؛ فنرى السماء الشاهقة والواسعة، والأرض الكبيرة والأشياء الموجودة فيها وآياتها الكبيرة، وهي دلائل على عظمة خلق الله في الكون. وفي السماء، نجد النجوم والشمس والقمر، وحتى الآن تم اكتشاف الكواكب والمجرات وغيرها من الأشياء التي تدل على عظمة خلق الله في الكون. وفي الأرض، هناك العديد من الأشياء التي نجدها في حياتنا اليومية، مثل الأشجار والبحار والمحيطات والأنهار والجبال الشاهقة والثمار والحيوانات والنعم العظيمة الأخرى التي توجد في الأرض.
2_ واختلاف الليل والنهار
تتعاقب الليل والنهار وتختلف في المدة والقصر، ونجد أيامًا يصبح النهار أقصر وأيامًا يطول، والعكس صحيح. وفي بعض الأيام يكون النهار والليل متساويين في المدة. وكل هذه الظواهر تدل على عظمة وقوة الخالق سبحانه وتعالى.
3_ لآيات لأولي الالباب
يعني أن تلك الآيات موجودة لأصحاب العقول المنيرة والعقول الذكية والتي يسهل عليهم معرفة حقيقة الأشياء، فهم ليسوا كالصم والبكم الغير عاقلين.
في بعض التفاسير، صرح سليمان الداراني بأنه عندما يخرج من بيته ويرى شيئًا، فإنه يرى فيه نعمة من الله ويستفيد منها في العبرة.
كما قال الحسن البصري: “تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وقال أيضا الفخر الرازي، دلائل التوحيد محصورة في قسمين: دلائل الآفاق، ودلائل الأنفس.
الآيات
بسم الله الرحمن الرحيم، إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض، لآيات لقوم يعقلون (164)، ومن الناس من يتخذ أندادا من دون الله يحبونهم كحب الله، ولكن الذين آمنوا أشد حبا لله، ولو يرى الظالمون عندما يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب (165)، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166)، وقال الذين اتبعوا: لو كان لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا، كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (167)، يا أيها الناس، كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين (168)، إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (169)، صدق الله العظيم.