الفرق بين الفاشية والشمولية والاستبداد
الفاشية والشمولية والاستبداد” تعتبر ثلاثة مفاهيم مختلفة، رغم أنها قد تبدو للبعض متشابهة في المعنى. لكل مفهوم منها تعريف مختلف عن الآخر، ولكنها تشترك في بعض الجوانب. تصنف هذه المفاهيم على أنها مفاهيم سياسية، لأن معظم الدول مرت بتجارب هذه الأنظمة أو ما زالت تطبقها، وسنقوم من خلال السطور التالية بتوضيح الفرق بينها ووصفها بالتفصيل للوصول إلى الاختلافات والتشابهات بينها .
ما معنى كلمة الفاشية
ظهر الفاشية في أوروبا في بداية القرن العشرين وهي تيار سياسي متطرف يتميز بالديكتاتورية ويميل إلى قمع قوى المعارضة وتقليص التجديد في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام .
ظهرت الحركات الفاشية لأول مرة في إيطاليا مع بداية الحرب العالمية الأولى، ثم انتشرت فيما بعد في العديد من البلدان الأوروبية، كنوع من الحركات المناهضة للماركسية والليبرالية .
اعتبر الفاشيون الحرب العالمية الأولى ثورة أدت إلى حدوث تغييرات كبيرة في المجتمع والتكنولوجيا وشكل الحرب بشكل عام، حيث ساعدت الحرب والتعبئة المجتمعية في التفرقة بين العسكريين والمدنيين، وظهر مفهوم “المواطنة العسكرية”، حيث انضم جميع المواطنين إلى الجيش للمشاركة في الحرب بطرق مختلفة .
ساهمت الحرب العالمية الأولى في إظهار قوة الدول، حيث ظهرت قدرتهم على حشد الملايين وتجنيدهم في الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى توفير الدعم الاقتصادي واللوجستي لهم .
يرون الفاشيون أن الليبرالية ليست نظامًا مناسبًا للمجتمع، بل أنه من الضروري تجميع المجتمع ليكون الأمة مستعدة للنزاع المسلح في أي وقت، بالإضافة إلى التكيف بطريقة فعالة مع التحديات الاقتصادية المختلفة .
تقوم الفاشية على قيادة قوية للدولة، حيث يكون هناك ديكتاتور قوي، وتتألف الحكومة من أعضاء الحزب الفاشي والتي تحافظ على استقرار المجتمع وتنظيمه وتعزيز الوحدة الوطنية .
ولا تعترف الفاشية بأن العنف شيئًا سلبيًا ، بل يتم النظر إلى العنف سواء في الحرب أو السياسة على أنه وسيلة لتحقيق التجدد والاستقرار الوطني ، ويعد الاقتصاد المختلط من أهم الأشياء التي يدافع عنها الفاشيون ، لأنه يهدف من وجهة نظرهم إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي ، بواسطة سياسات اقتصادية تدخلية قوية .
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، أعلنت بعض الأحزاب الفاشية صراحة، ويستخدم المعارضون السياسيون الآن هذا المصطلح بشكل قوي، وتتبنى العديد من الدول أسس الفاشية الجديدة .
ويوضح والتر لاكوير المبادئ الأساسية للفاشية وهي :
- القومية .
- العنصرية .
- القيادة .
- الأرستقراطية .
- الطاعة .
- نفي المثل العليا للتنوير .
وفيما يتعلق بالفاشية الألمانية، فإن العنصرية كانت أحد السمات الرئيسية التي قامت عليها، وخاصة فيما يتعلق بالهولوكوست، حيث استهدفت ألمانيا القضاء على اليهود بصفتهم عرقا يجب التخلص منه، وليس بسبب دينهم، ورأى هتلر أن المجتمع المثالي في ألمانيا يجب أن يقوم على أساس العنصرية الموحدة وتنظيمها كهرم تحت مصالحه الشخصية، وعلى الرغم من اختلاف الفلسفات التي تنتهجها الأنظمة الفاشية في التطبيق، فإنها جميعها تتفق على التطرف .
ما معنى الشمولية
الشمولية هي نظام سياسي يعتمد على سيطرة الدول على المجتمع بأكمله، بما في ذلك الحياة العامة والخاصة للأفراد، حيث يتحكم النظام الحاكم في جوانب متعددة من الحياة، مثل التعليم والاقتصاد والأخلاق والفنون .
تعنى الشمولية بأنها تتضمن سيطرة السلطة الحاكمة والدولة على معظم مواطني المجتمع، وبالتالي يصبح الأشخاص جزءًا من النظام السياسي، ولا يجوز أن يكون أي شخص أو شيء ضد الدولة، بل يتفق الجميع على سياستها .
وبالنظر إلى هذا الأساس، يُعَدّ الشمولية نظاماً ديكتاتورياً يسيطر على كافة الأفعال والأفكار التي تنبع من مواطني الدولة، وبالتالي يصبح الشمولية جزءاً متطرفاً من أنظمة الحكم الاستبدادية .
وهناك عدة جوانب تميز الأنظمة الشمولية عن السلطوية أهمها :
في النظام الشمولي، يكون للقائد شعبية جماهيرية كبيرة، حيث يتم التلاعب بأفكار وأخلاق المواطنين، ويتم خلق صورة مثالية عن القائد. وعلى النقيض، في النظام الاستبدادي لا يحظى القائد بأي شعبية .
يرى أصحاب الشمولية أنفسهم بأنهم أساطير وليسوا ديكتاتوريين ، وأنهم يعيدوا رسم السياسات الكونية من جديد ، بينما على العكس تمامًا يتم النظر إلى السلطويين على أنهم أشخاص تمثل السلطة أولوية كبيرة لهم ، وأنهم يفتقرون إلى الأيديولوجيات وبالتالي يعتمدون على الخوف كوسيلة أساسية في الحكم .
بالنسبة للأنظمة السلطوية، فإنها تترك حرية كبيرة للفرد في حياته الخاصة، ولا تمارس سيطرة على الأفكار ولا توجهها، بالمقارنة مع الأنظمة الشمولية، وتفتقر الأنظمة السلطوية إلى القدرة على جمع الأفراد وتوجيههم نحو هدف وطني يجب تحقيقه .
ما هو الاستبداد
يستخدم مصطلح الاستبداد لوصف الحكم المطلق الذي لا يتقيد بالقانون، حيث يتجاوز الحاكم الشرعية ويتميز بالقوة والقسوة والطغيان. يستخدم الحاكم المستبد في ذلك ما يتاح له من وسائل القمع ليتمكن من السيطرة على كل شيء .
يعود أصل كلمة الاستبداد إلى تولي السلطة دون وجود أي حق دستوري، وقد عرف أفلاطون المستبد بأنه شخص يحكم الدولة بدون الالتزام بالقانون، ويستخدم في ذلك كافة أساليب القوة والتطرف ضد مواطني الدولة، ومن هنا يصبح المستبد مغتصبا للسلطة حيث يشبع شهوته الظالمة دون النظر إلى القوانين .
يعتبرأفلاطون أن الحاكم المستبد سيء، وأن المستبدين يسعون فقط إلى تحقيق مصالحهم ويسمحون بانتهاك القوانين بكل الأشكال الممكنة .
هناك من يفرق بين الاستبداد والطغيان، ويرى أن الشخص المستبد قد يكون عادلاً عندما يقوم بإصلاح المجتمع وتحقيق نتائج إيجابية على كافة المستويات، في حين يتحول المستبد إلى طاغية عندما يمارس الظلم .