الفتح الأعظم فتح مكة
غادر الرسول صلى الله عليه وسلم مكة هاجرا إلى المدينة لإقامة الدولة الإسلامية. وعند خروجه، قال: `لولا أن أهلك أخرجوني منك، ما خرجت، فإن مكة هي أعز البلاد إلى قلبي`. خرج الرسول متطلعا للفرصة للعودة إليها مرة أخرى، وفتحها وتحريرها من عبادة الأصنام. وحدث ذلك في العام الثامن للهجرة، في العشرين من رمضان، الموافق العاشر من يناير عام 630 ميلادية .
أسباب غزو مكة:-
كان من بنود صلح الحديبية أنه من شاء أن يدخل في حلف محمد صلّ الله عليه و سلم دخل و من شاء أن يدخل في حلف قريش دخل فدخلت خزاعة في حلف محمد صلّ الله عليه و سلم أما بنو بكر فدخلوا في حلف قريش و مرت الشهور و السنين حتى إعتدت بنو بكر على خزاعة و قامت قريش و ساعدت بنو بكر بالمال و السلاح و الرجال و ظنوا أنه لا أحد سوف يوصل الأمر لرسول صلّ الله عليه و سلم و كانوا يخرجون بالليل يقاتلون معهم حتى إحتمت خزاعة بالحرم و مع هذا ما كفت بنو بكر عندها فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة و الرسول صلّ الله عليه وسلم جالس في المسجد فدخل عليه يقول له شعرًا ينشده الله أن ينصره فقال له رسول الله أمام الناس نصرت يا عمرو بن سالم و رأي سحابة و قال هذه السحابة تستهل بالنصر يا عمرو .
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن قريش خرقت العهد بينها وبينه، ثم قال كأنهم يتوقعون أن يأتيهم أبو سفيان يبحث عن تقوية العقد وزيادة مدته. صدق النبي صلى الله عليه وسلم. في ذلك الوقت، اجتمع كفار قريش وخشوا أن يصل الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويخرقوا العهد بينهم. فقالوا: دعونا نرسل أحدنا ليطمئن النبي بالعهد الذي بيننا وبينه. وقال أبو سفيان: دعوني أذهب إليه .
ذهب أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، والتقى بالنبي ليطلب منه أن يقبل منازلته، ولكن النبي لم يرد عليه، وكلما كلم الرسول لم يرده. فذهب إلى أبي بكر ليطلب منه أن يشفع له عند الرسول، ولكن الرسول لم يرد عليه. ثم ذهب إلى عمر بن الخطاب، وقال له: `سيدنا عمر، والله لم أجد إلا الصداع في محاولاتي مع النبي`. فذهب إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وطلب منه أن يشفع له عند النبي. فقال له علي: `أنا لست بصاحب نفوذ، ولا أعتقد أن هذا سيفيدكم. النبي قد أمرنا بأمر لا رجعة فيه، وعليك أن تسرع إلى مكة لتحذرهم`. وصل إلى مكة ونقل الخبر للناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخافت مكة كلها .
الزحف لفتح مكة:-
جمع النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج لمكة ومقاتلة أهل مكة لأنهم خرقوا العهد الذي تم بينه وبينهم، وتحمل النبي مسؤولية تجهيز الجيش واستعد للخروج وحدد الوقت والزمان، وقال: اللهم اعمر عيوننا بالغيب والأخبار لنفاجئهم، وحدث ذلك. دخل شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بجيش يضم عشرة آلاف مقاتل، متجها إلى مكة ومتوجها لفتحها في الطريق. قابل عمه العباس رضي الله عنه مع أهله وعائلته القادمين من مكة، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم حتى وصل إلى الأبواء واجتمع مع ابن عمه أبو سفيان بن حارث وابن عمته عبد الله بن أبي أمية، اللذين أتوا مسلمين، فلم يستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قسوة معاملتهم. تقدم الجيش حتى وصلوا إلى أطراف مكة، وكانت الليلة قد حلت عليهم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشعلوا مشاعل من النار. خرج أبو سفيان بن حرب من مكة وتأمل هذا المنظر وقال: “ولله ما رأيت نيرانا ولا جيشا مثل هذا.
إسلام أبو سفيان :-
دخل أبو سفيان إلى جوار العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الصباح قال رسول الله: `يا أبا سفيان، ويلك، ألم تعلم أنه لا إله إلا الله؟` فقال أبو سفيان: `والله، لو كان هناك إله غيره لنفعني.` فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: `أفلا تشهد أني رسول الله؟` فقال له أبو سفيان: `في نفسي ما يقين من ذلك.` وظل العباس يلهمه ويشجعه حتى قال أبو سفيان الشهادة، ثم قال العباس وهو يحذر أبو سفيان: `انطلق إلى قومك وحذرهم، فالجيش سيدخل مكة فاتحا.
فتح مكة :-
إنطلق أبو سفيان لقريش محذرًا قال يا معشر قريش جاءكم محمد بما لا قبل لكم بيه الجيش يدخل من كل مكان في كل مكان كتبيه من الكتائب قال من دخل دار أبو سفيان فهو آمن و من دخل البيت الحرام فهو آمن و ينتظرون جيش النبي صلّ الله عليه وسلم يقبل إلى البيت الحرام كما أخرجوه منه وصل خالد بن الوليد إلى المنطقة التي أمره النبي صلّ الله عليه وسلم بها و صل الزبير إلى الحجوم نصب الراية فيها و بنى القبة لرسول الله وفر المشركين إلى دورهم يرقبون النبي صلّ الله عليه وسلم داخل بيت الله الحرام .
دخل الجيش مكة من كل أبوابها ليمؤها بالإيمان بعدما ملئت بالكفر و تقدم أصحاب النبي صلّ الله عليه وسلم إلى الأصنام و يقدمهم رسول الله لهدمها قال الرسول صلّ الله عليه وسلم جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا كلما مر النبي صلّ الله عليه وسلم على صنم نكته و ضربه بعصى عنده و هو يقرأ قول الله عزوجل جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا و تهد الأصنام كلها إلى الأرض و تهد صنامًا صنامًا و لم يبق في هذة البقعة المباركة صنامًا واحد من مظاهر الوثنية .
بعد أن نقى النبي صلى الله عليه وسلم ما حول البيت من الأصنام، دخل داخل البيت ليطهره وينظفه ويأتي إلى كل زاوية من زوايا البيت يكبر. ثم، بعد أن تم تطهير البيت من الداخل، أخذ النبي ببعض زوايا الباب وكبر وهلل وحمد الله وأثنى عليه وهو يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، نصر عبده وصدق وعده وهزم الأحزاب وحده، والناس كلهم ينظرون إليه ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم كيف سيحكمهم. قال الرسول لهم: يا أيها الناس معشر قريش، إن الله قد أزال عنكم كفركم بالآباء وطعنكم في الأنساب. فالناس هم أدام وأدام من تراب. وقرأ قول الله تعالى: `يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير`. ثم قال: يا أيها الناس، ما تظنون أني سأفعل بكم؟ فقال المشركون: أخ كريم وابن أخ كريم. فقال لهم الرسول: لا ينبغي لكم أن تثريبونني، اذهبوا فأنتم الطلقاء. فخرج الجميع بأمان، إلا الأكابر من المجرمين الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحاربتهم حتى وإن تعلقوا بأستار الكعبة. ثم حانت الصلاة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ببلال رضي الله عنه أن يصعد فوق الكعبة ويؤذن للصلاة
نادى النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة وأعطاه مفتاح الكعبة وقال له إنها لكم ولن ينزعها عنكم أو منكم إلا ظالم. وبقي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لمدة تسعة عشر يوما، يعلم الناس ويدعوهم للدين والإسلام. وفي اليوم الثاني من وقوف النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، خطب الناس وقال إن مكة هي مدينة محرمة منذ يوم خلق السماوات والأرض، وستظل محرمة حتى يوم القيامة، ولم تكن حلالة لأحد قبلي ولن تكون حلالة لأحد بعدي. وأباحها الله لي لبعض الوقت في يوم لا يسفك فيه دم ولا يعبد فيه شجرة، ولا يصاد فيها ولا تلتقط فيها صيدها. وعلم النبي صلى الله عليه وسلم الناس أحكام الحرم وشرح لهم بعض الأحكام الشرعية والإسلامية، ثم بدأت مراسم البيعة .
بدأ الناس يدخلون في دين الله بتدافع، وكان النبي يبايعهم عند الصفا، حتى قضى الرجال، وبدأت بيعة النساء على ألا يشركن بالله شيئًا، وأمر النبي الناس بتحطيم الأصنام في بيوتهم، وانتشر الإسلام في جميع أنحاء مكة بعد الفتح .