اسلاميات

الصبر على الابتلاء

من بين عادات الله العز والجل في خلقه هي الابتلاء، وعلى الرغم من تنوع الابتلاءات مثل الضيق في الرزق أو المرض أو الابتلاء بالنقمة أو النعمة ، فإنها جميعا من أنواع الابتلاء التي تصيب جميع الخلق، وذلك يؤكد قول الله العز والجل في كتابه العزيز “إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا، وإما يشكر وإما يكفر”، فعلينا فهم هذه العادة التي تحدث لجميع الخلق وعدم الاستسلام أو الغضب.

ما معنى الصبر

الصبر، لغويا، هو الكلمة التي تعاكس الجزع، أي المنع والحبس، إذ يقال إنه صبر صبرا ولم يجزع، ويقال صبر نفسه، أي ضبطها وحبسها، أو حبس النفس عن الجزع، والصوم يكون صبرا، لأنه حبس النفس عن الطعام والشراب والزواج، وهو كذلك حبس اللسان عن الشكوى ومنع الجوارح عن اللطم وشق الجيوب، والصبر من المصدر صبر يصبر صبرا، فهو صابر وصبار وصبير وصبور، وهو على كل الأحوال حبس النفس عن الجزع.

والصبر اصطلاحياً هو حبس النفس على ما يقتضيه الشرع والعقل و يطلبه، أو هو ما يقتضيه الشرع والعقل على النفس أن تحبسه، وبالتالي هو حبس النفس عن كل المحرمات وعلى كل الفرائض وعدم الشكوى من القدر سواء الخير أو الشر، ولكن الشكوى لله جائزة ولكن دون اعتراض كي لا يقع الفرد فيما لا يحسن.

من فوائد الصبر أنه يعيد البشر إلى تحمل الصعاب والتفوق فوق البلاء، وبالتالي يبعدهم عن الحرام والمعاصي ويدفعهم نحو الطاعات والاستمرار فيها، ويبتعدون عن كل ما يغضب الله ويسعون لرضاه.

آيات قرآنية تدل على فضل الصبر عند البلاء

يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين”، ويقول “ونبلوكم بالشر والخير فتنة”، ويقول “وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون”، ويقول “ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير”.

فالمولى عز وجل يبتلي الخلق للحكمة وسر لديه وحده، إلى جانب أنه يختر العبد ومنهم من يشكر ومنهم من يكفر، والأول يكون له الخير وعاقبته حميدة والثاني يكون له العاقبة الوخيمة، لأن الابتلاء ما هو إلا اختبار وعلينا اجتياز الاختبار والعمل على طاعة الخالق والرضا بما يكتب علينا من بلاء، ولا نجزع إلا إذا كان البلاء في الدين لأنه هو البلاء الحق.

بعض الأحاديث النبوية حول الابتلاء

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم “من يتصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر”، والمقصود من الحديث أن التمرين على الصبر والاستعداد يكونا الحل السليم لحل المشاكل والخروج من الابتلاءات، وذلك عن طريق الأخذ بالأسباب وفعل بعض الأشياء التي تهون البلاء وتساعد الإنسان على أن يفوز بالثواب.

يقول عمرو بن العاص رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء”. وعلينا، إذا انتابتنا غضبة على حكم الله، الذي هو خالقنا وأعلم بنا، أن نتطلع إلى مكافأة الصبر في المحن، سواء كانت بحب المولى للعبد أو بالثواب أو برفع البلاء بالدعاء.

يقول صلى الله عليه وسلم: `أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل، فالأمثل، يبتلى المرء علىقدر دينه، فإذا كان في دينه صلابةً، شُدَّ عليه البلاء`.

من أقوال الصحابة والسلف الصالح في الصبر

يروى أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه كان إذا عزى قوما قال: `ليس مع العزاء مصيبة ولا مع الجزع فائدة، والموت أشد مما قبله، وأهون مما بعده، فذكر نفسك بمصيبتك برسول الله لتهنأ مصيبتك`، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: `إن الخير كله في الرضا؛ فإن استطعت أن ترضى، فاصبر، وإلا فاصبر`، ويقول على كرم الله وجه: `الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له`.

فوائد الصبر عن البلاء

عندما يصبر المخلوق على الابتلاء والاختبار الذي يعيشه بيده الخالق، فإن الجزاء النهائي يكون دائمًا إيجابيًا، وهذا ما تجسد في قصة النبي أيوب الذي صبر واحتسب، وأصبح القدوة الحسنة لكل من يتعرض للاختبارات في حياته.

عندما يصبر الفرد على المصائب والابتلاء في الدنيا، يكشف المولى عز وجل هذه المصيبة ويجزي صاحبها خير الجزاء في الآخرة. وعند الرضا بما قسمه الله وما أعطى أو منع، يشعر الإنسان بقوة الإيمان ويصبح سعيدا وينعم بالأمن النفسي، وعلى العكس، عند الجزع، ينتاب الفرد البؤس والشقاء والبكاء واليأس.

يجب عند الشكوى والمعاناة في البلاء أن توجه إلى الله عز وجل، كما فعل أيوب عليه السلام، فكان يتضرع إلى ربه ويطرح عليه ما يعانيه من فقر وفقدان للأولاد والأموال، ويقول إن كان أمري يا رب يرضيك فهو يرضيني، ويجب أن يكون الدعاء مؤدبا وبدون تجاوز عند الدعاء إلى الخالق، ومن أشهر الأقوال في الصبر: “إذا صبرتم نلتم، وأمر الله نافذ، وإذا لم تصبروا فقد كفرتم، وأمر الله نافذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى