الحضارة الفرعونية وانجازاتها
تمثل الحضارة الفرعونية وإنجازاتها العظيمة دليلا واضحا على قوة مصر القديمة وتمييز الفراعنة، حيث تعد واحدة من أقدم الحضارات في العالم التي أثبتت عظمتها بجدارة وتركت خلفها تاريخا لامعا، وعلى مر العصور، يعود الازدهار الحقيقي والإنجازات الملموسة إلى تاريخ 3000 قبل الميلاد وقبل 31 قبل الميلاد، حيث حققت الحضارة الفرعونية تقدما ليس له مثيل ولم يشهده أي حضارة أخرى، سواء في الرياضيات، أو الطب، وكذلك في العلوم والعمارة.
مظاهر الحضارة المصرية القديمة
تشتهر الحضارة الفرعونية القديمة بالعديد من الإنجازات الرائعة التي تمت على مدار فترة طويلة، حيث تميز حكام الدولة خلال سنوات عديدة بالحكمة التي ساعدت الثقافة المصرية على التطور والاختراع، وتتمثل أهم إنجازات الحضارة الفرعونية في:
الزراعة على ضفاف النيل
بالنظر إلى خريطة مصر تتمركز الدولة حول نهر النيل وبالرغم من أساليب الزراعة التقليدية إلا إن المزارعين المصريون تميزوا بطرق ري لم يشهدها العالم من قبل كما نظموا العديد من الطرق الفنية للمحافظة على المحاصيل الزراعية أطول فترة ممكنة، وبسبب الزراعة تم تقديم السنة إلى أثنى عشر شهرًا وثلاثين يوميًا حيث يعود الفضل إليهم أيضًا في التقويم الشمسي، وكذلك هم أول من استخدم أسلوب المقايضة بفائض الزراعة داخل العلاقات الدبلوماسية.
الكتابة والأدب
اللغة الهيروغليفية هي إحدى أقدم اللغات في العالم، حيث يعود تاريخها لأكثر من 3000 عام قبل الميلاد. تتألف اللغة من رموز كثيرة، وكل رمز يرمز إلى صوت مختلف وطريقة نطق متغيرة حسب السياق. على الرغم من انتشار الكتابة من اليمين إلى اليسار، يمكن الكتابة أيضا في صفوف أو أعمدة. تنتشر الكتابات المصرية القديمة في المقابر الحجرية وعلى أوراق البردي القديمة.
مع انتشار الهيروغليفية قد تظن إنها اللغة الوحيدة في مصر القديمة إلا أن الحضارة الفرعونية وانجازاتها الكثيرة والتطور الملحوظ أدى إلى ظهور شكل كتابي أخر يُعرف بالهيراطيقية وهو نوع من الكتابة يتميز بالسرعة والسهولة بالمقارنة مع الهيروغليفية، وظهر أيضًا نوع آخر من الكتابة يُعرف بالديموطيقية تميز بكونه شبه أبجديًا.
الفن الفرعوني
من أروع المظاهر في الحضارة الفرعونية هو الفن، واشتهر الفنان المصري بمهارته الفريدة في تصوير نمط الحياة الفرعونية بالتفصيل. يمكننا رؤية ذلك في الرسوم والنحت على المعابد. في الماضي، كان يتم رسم أو نقش بعض المعلومات عن حياة المتوفى وتخليدها على المقبرة، وليس ذلك فقط، بل كانوا يرسمون الطعام والخدم على المعابد، معتقدين أن الميت سيحتاجهم في الحياة الأخرى، إذ كانوا يؤمنون بالحياة بعد الموت.
كانت الرسومات القديمة ملونة بألوان الأزرق والأحمر والأبيض والبرتقالي، حيث تم استخدام المعادن لتصنيع هذه الألوان، ولم يتم تجاهل دور النحاتين الكبير في الحفرف الفن والعبادة في الحضارة المصرية القديمة، حيث كان النحت مهمًا جدًا لغرضي العبادة والفن، ويمكن رؤية المجوهرات المنحوتة من المعادن والحجارة القديمة.
الهندسة المعمارية
يعتبر فن العمارة الفرعونية القديمة من أكبر الإنجازات التي نشهدها حتى يومنا هذا، وعند ذكر مصر أو الحضارة الفرعونية وإنجازاتها، تأتي المعابده والمقابر وأيضا الأهرامات الكبيرة في خيالنا، خاصة مع ضخامتها وتميزها الملحوظ، تم بناء الأهرامات كمقابر للملوك، حيث تم تحنيطهم وهذا يعد إنجازا في تاريخ الحضارة الفرعونية من حيث الطب والعلوم.
الرياضيات والجبر
طوّر المصريون القدماء عدة قواعد رياضية ووضعوا الأساس للكثير من القوانين الهندسية والجبرية، ويجدر الإشارة إلى أنّهم كانوا من أوائل الشعوب التي قامت بتطوير المعادلات الجبرية، مما منحهم مكانة متميّزة في عالم الرياضيات، فقد تمّ ذلك في عام 1300 قبل الميلاد.
الطب وعلم الفلك
سجل المصريون القدماء أقدم أدلة على وجود الأورام في العالم، وكان الأطباء في الحضارة الفرعونية القديمة متميزين بمهارات طبية متفوقة في الخياطة والجروح وبتر الأطراف وعلاج العظام. استخدموا الطب البديل والأعشاب بكثافة، خاصة منقوع الكتان والعسل. بالإضافة إلى ذلك، كان المصريون القدماء مهتمين بعلم الفلك ودراسة السماء، بالإضافة إلى علم الطاقة.
تاريخ الفراعنة الحقيقي
يعود أصل الفراعنة إلى حضارة تزيد عن 30 قرن، بداية من توحيدها في 3100 قبل الميلاد إلى الغزو الأكبر في 332 قبل الميلاد، مرت مصر فيها بالعديد من الفترات التي زادت من تميز الحضارة الفرعونية وانجازاتها وظلت الدولة البارزة على ضفاف النيل والبحر الأبيض المتوسط، وتتمثل فترات تاريخ الحضارة الفرعونية القديمة فيما يلي:
العصر الحجري (5000-3100 قبل الميلاد)
هي الفترة ما قبل الأسرات لذلك نجد إن تاريخ تلك الفترات لم يوثق كاملًا في العصر الحجري الذي كان يشمل فقط مهارات الصيد وبعض الحرف اليدوية وبداية الأديان واحترام الموتى والإيمان بالبعث بعد الموت، وعُرف في تلك الفترة مملكتين إحداهما في الشمال في دلتا نهر النيل والأخرى في الجنوب.
عصر بداية الأسرات (3100-2686 قبل الميلاد)
أسس الملك مينا عاصمة مصر القديمة، ووحد القطرين، ونشأت المجتمع المصري القديم، وانتشرت فكرة إلهية الملك كرمز للآلهة على الأرض، وبدأت الكتابة الهيروغليفية في تلك الفترة. وكان الزراعة، وخاصة زراعة القمح والشعير، مهما للمصريين.
عصر بناة الأهرامات (2686-2181 قبل الميلاد)
طلب ملك الأسرة الثالثة زوسر بناء تمثال تذكاري لقبره، وكانت هذه أول بناية من الحجر في العالم. واشتهر الهرم المدرج في سقارة، ثم الهرم الأكبر للملك خوفو. وعلى الرغم من نجاح وعظمة الأهرامات، فإنها استنزفت ثروة الدولة، خاصة بعد الأسرتين الخامسة والسادسة.
أولى فترات الانتقال (2181-2055 قبل الميلاد)
نتيجة الفوضى في الفترة السابقة، انهارت المملكة القديمة وحدثت بعض المقاطعات والحروب الأهلية، وظلت هذه الفترة مستمرة حتى تمكن أحد أمراء طيبة الأقصر الآن من توحيد مصر مرة أخرى، مما أنهى فترة الفوضى والمرحلة الانتقالية الأولى.
الأسرة الثانية عشر
تعود الحضارة الفرعونية وإنجازاتها مرةً أخرى إلى الساحة العامة، حيث استمرت طيبة في كونها عاصمة الدولة الدينية، ومن ثم استعمرت مصر النوبة والبدو وأقامت بعض العلاقات الدبلوماسية مع دول أخرى مثل سوريا وفلسطين.
الانتقالية الثانية (1567-1786 قبل الميلاد)
على الرغم من عظمة الحضارة المصرية القديمة، إلا أنها مرت بفترات كثيرة من عدم الاستقرار بسبب الانقسامات الداخلية والحروب الأهلية. استغل الهكسوس هذه الفترات وسطوا على مصر وأجبروهم على دفع الضرائب، لكن المصريين انتصروا عليهم وطردوهم في عام 1570 قبل الميلاد.
المملكة الحديثة (1567-1085 قبل الميلاد)
في تلك الفترة، قام أول ملوك الأسرة الثامنة عشر بتوحيد المملكة الفرعونية مرة أخرى ونجحت مصر في استعادة سيطرتها على بلاد النوبة، وظهرت دور المرأة لأول مرة بوجود حتشبسوت، حيث تم إنشاء العديد من المعالم العظيمة، ولكن بخلاف الفترات السابقة، دفنت ملوكهم في الضفة الغربية لمملكة طيبة، التي كانت عاصمة مصر القديمة.
غزو الإسكندر والفترة المتأخرة
ظل تاريخ مصر العظيم وحضارتها الفرعونية وإنجازاتها العظيمة لأكثر من قرنين، ولكن انتهى العصر الفرعوني على يد الإسكندر المقدوني، ثم تبعته كليوباترا السابعة، ودخلت المسيحية وبعدها الإسلام إلى مصر، مما أدى إلى نهاية الحضارة الفرعونية وإنجازاتها وبداية عصر التوحيد الحديث، وانتهت العديد من جوانب الحياة الرومانية التي تأثرت بها مصر بعد احتلالها من الإمبراطورية الرومانية