التقشف الاقتصادي وكيفية تطبيقه رسميا
في السنوات الأخيرة ظهرت العديد من المشكلات الاقتصادية التي أطاحت بعدد كبير من دول العالم وتسببت في الكثير من المشكلات والأزمات، مما استدعى الحكومات لاتخاذ قرارات أسمتها بالتقشف كمحاولة جادة لحل تلك المشكلات الاقتصادية، وهنا نستعرض تعريفات التقشف وكيف يتم تطبيقه في الحكومات.
تعريفات التقشف
1- التقشف هو مصطلح يعني تحجيم الإنفاق والتقليل منه، وفي علم الاقتصاد غالبا يشير إلى تلك السياسات والقرارات الحكومية التي تقرها الدولة من أجل خفض الإنفاق في الموازنة العامة، وغالبًا ما يكون ذلك من خلال تقليص الخدمات العامة، وأيضا في كثير من الأحيان، تلجأ الحكومات إلى إقرار تلك الإجراءات التقشفية بهدف خفض العجز في الموازنة، كام أنها ترتبط في الغالب مع زيادة الضرائب.
2- هناك معنى عام للتقشف بعيدا عن السياسات الحكومية، وهو المعنى اللغوي للتقشف الذي يشير إلى مدى صعوبة العيش وقسوته بسبب عدم كفاية احتياجات ومتطلبات الإنسان. أما في الاقتصاد السياسي، فإنه يشير إلى برنامج حكومي اقتصادي حاد يهدف إلى تقليل الإسراف في زيادة الإنفاق على السلع الاستهلاكية، وتشجيع الادخار وزيادة الإنتاج، وذلك بهدف معالجة الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
كيفية إقرار عملية التقشف الحكومي
1- قد تلجا الحكومات لتطبيق عملية التقشف من خلال اتجاهها للتخفيف من الخدمات الاجتماعية والصحية العامة التي تقدمها السلطات الرسمية وتكبدها مبالغ كبيرة، وتلك الخدمات غالبا ما يتم تقديمها لملايين المواطنين؛ وهذا يعني أن أي توفير فيها سيوفر الكثير جدا من الموازنة العامة للبلاد.
قد تقوم الحكومات بتطبيق التقشف عن طريق خفض مصاريف الوزارات، خاصة تلك التي يمكن الاستغناء عنها، مثل الديكورات وأعمال الزينة في المصالح والإدارات المختلفة وبعض الندوات والمؤتمرات الثانوية والهامشية التي لا تعبر عن واقع عمل الوزارة.
3- قد تلجأ الحكومات في سبيل انتهاجها لعملية التقشف إلى إغلاق باب التوظيف في القطاع العام أو تقليصه إلى حدوده الدنيا، وذلك لتخفيف الأعباء المالية التي تتكبدها الخزينة العامة للبلاد، وفي مثل هذه الحالات تتجنب الحكومة المعنية تصحيح الأجور في القطاع العام كي لا تزيد من نفقاتها على هذا البند.
تشمل بنود التقشف التي تنتهجها الحكومات تحجيم الإنفاق على المشاريع الغير ضرورية وغير الأساسية في البنية التحتية للباد، والتي تكلف الحكومات الكثير.
وترتبط جميع الإجراءات السابقة الذكر في كثير من الأحيان بزيادة الإيرادات، ويتم ذلك عن طريق فرض ضرائب جديدة لتعزيز الخزانة العامة، بالإضافة إلى ما تصفه الحكومات بـ “توسيع دائرة الاستثمارات” التي تساعد على زيادة الإنتاجية، وهذا يتم عن طريق فتح مجالات للاستثمار وجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم للاستثمار في البلاد بدون فرض الضرائب ومع تسهيلات عديدة لفترة محددة، والهدف من ذلك هو تقليل معدلات البطالة وتعزيز العملة الصعبة.
تعتبر عملية التقشف الاقتصادية التي انتشرت مؤخرا في عدة بلدان أوروبية وأفريقية، بما في ذلك إسبانيا وفرنسا وبريطانيا والمغرب والجزائر والسودان واليونان، من الأمور الملحوظة. وكانت اليونان هي الأكثر شهرة بتطبيقها لسياسة التقشف، وشهدت العديد من الانتقادات والاعتراضات الداخلية والموجات العارمة من الغضب الشعبي حول تطبيق هذه السياسة وحرمان الشعب من جزء من الرفاهية المرغوبة.
عندما ننظر إلى المسألة بعيون خبراء، نجد أن سياسة التقشف لا تزال الخيار الوحيد لأي دولة تعاني من مشكلة اقتصادية مثل العجز في الموازنة وتراجع الإيرادات مقارنة بالنفقات العامة، حتى تتمكن هذه الدول من زيادة الإنتاجية وبالتالي زيادة إيراداتها والخروج من تلك الأزمة، مع الحرص على تنفيذ مشاريع وتسهيل الاستثمار في البلاد.