التعرض لمادة الرصاص يزيد من خطر الوفاة المبكرة
تشير التقديرات الجديدة إلى أن 256,000 حالة وفاة مبكرة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية – بما في ذلك 185,000 حالة وفاة بسبب مرض نقص تروية القلب – في الولايات المتحدة، قد تكون مرتبطة بالتعرض السابق للرصاص لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن (الأشخاص الذين يبلغون الآن من العمر 44 عاما أو أكثر)، وذلك وفقا لدراسة قامت بها ومستندة إلى الملاحظة استمرت لمدة تقريبية 20 عاما، والتي تم نشرها في مجلة “ذا لانسيت للصحة العام .
حول الدراسة
وجدت هذه الدراسة الجديدة أن التعرض للرصاص منخفض المستوى ( ما بين 1-5 ميكروجرام من الرصاص في كل ديسيلتر من الدم ) يزيد من خطر الوفاة المبكرة، وخاصة من أمراض القلب والأوعية الدموية، ويرتبط التعرض للرصاص بارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين ومرض القلب الإقفاري ( الشريان التاجي )، ويحدث التعرض للرصاص الذي يبقى في البيئة من الاستخدام لكلا من الوقود والطلاء والسباكة، وكذلك التعرض المستمر للأطعمة الغنية بالرصاص والانبعاثات من المصادر الصناعية والتلوث من مواقع صهر الرصاص وبطاريات الرصاص، وغيرها .
تعد هذه الدراسة الأولى التي تقوم بتقدير عدد الوفيات في الولايات المتحدة الناتجة عن التعرض للرصاص منخفض المستوى باستخدام عينة تمثيلية وطنية .
يعد بروس لانفيير الباحث الرئيسي في الدراسة
يقول الباحث الرئيسي بروس لانفيير من جامعة سيمون فريزر في كندا : ” تقدر دراستنا أثر التعرض للرصاص عبر التاريخ للبالغين الذين تبلغ أعمارهم الآن 44 عاما أو أكثر في الولايات المتحدة الأمريكية، والذين تعرضوا للرصاص في السنوات التي سبقت بدء الدراسة، واليوم يكون التعرض للرصاص أقل بكثير بسبب اللوائح التي تحظر استخدام الرصاص في البنزين والطلاءات والمنتجات الاستهلاكية الأخرى، وبالتالي فإن عدد الوفيات الناجمة عن التعرض للرصاص سيكون أقل في الأجيال الشابة، ومع ذلك يمثل الرصاص سبب رئيسي للمرض و الموت، ومن المهم مواصلة جهودنا للحد من التعرض للرصاص البيئي ” .
ما فعلته الدراسة
استخدمت الدراسة البيانات المأخوذة من المسح الوطني الثالث لفحص الصحة والتغذية ( NHANES-III ) لـ 14.289 شخصا في الولايات المتحدة الأمريكية، والذين تتراوح أعمارهم بين 20 عاما أو أكثر بين عامي 1988 و 1994، وبنهاية عام 2011 كان جميع المشاركين يخضعون لفحص طبي، بما في ذلك فحص الدم لاختبار الرصاص – قياس التعرض الماضي والمستمر له – و اختبار البول للكادميوم في بداية الدراسة .
ما كشفت عنه الدراسة
بعد 19.3 سنة بالضبط، توفي 4422 شخصا، بينهم 1801 من جراء مشاكل في الأوعية الدموية، و 988 من أمراض القلب بشكل عام. في البداية، كان متوسط مستوى الرصاص في دم المشاركين 2.7 ميكروغرام/ديسيلتر، ولكنه ارتفع إلى ما بين أقل من 1 وحتى 56 ميكروغرام/ديسيلتر في وقت لاحق. وكان لدى واحد من كل خمسة مشاركين (3632 شخصا) مستويات رصاص بمقدار 5 ميكروغرام/ديسيلتر أو أكثر. وكان الأشخاص الذين يحتوي دمهم على أعلى مستويات الرصاص أكبر سنا وأقل تعليما، وأكثر احتمالا أن يكونوا ذكورا مدخنين ويستهلكون كميات أكبر من الكحول، ويتناولون وجبات غذائية أقل صحة، ولديهم نسبة عالية من الكوليسترول وأكثر عرضة لارتفاع ضغط الدم أو الإصابة بمرض السكر .
وكان لدى واحد من كل 10 مشاركين مستويات من الرصاص غير قابلة للكشف عنها في اختبار الدم، لذلك أعطيت مستوى مرجعي 0.7 ميكروغرام / ديسيلتر ( وكانوا حوالي 8 % أي 1150 من 14289 مشارك )، وعموما فإن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الرصاص ( 6.7 ميكروغرام / ديسيلتر ) كانوا أكثر عرضة بنسبة 37 % للوفاة المبكرة، وخطر أكبر بنسبة 70 %من الوفيات القلبية الوعائية، ومضاعفة خطر الوفاة بسبب مرض نقص تروية القلب، مقارنة بالناس مع مستويات أقل من ( 1 ميكروغرام / ديسيلتر ) .
توصل الباحثون إلى أن ما يصل إلى 18% من جميع الوفيات السنوية في الولايات المتحدة الأمريكية ( 412000 من 2.3 مليون )، يحدث بين الأشخاص الذين يعانون من مستويات رصاص تزيد عن 1 ميكروغرام / ديسيلتر، وتقدر نسبة 28.7% من حالات الوفاة المبكرة بأمراض القلب والأوعية الدموية ( 256000 من 892000 ) بأنها يمكن أن تكون بسبب التعرض للرصاص، وتشمل ذلك نسبة عالية من وفيات أمراض القلب الإقفارية، وتم ترتيب هذه النتائج بناء على العمر والجنس ودخل الأسرة والأصل العرقي والسكري ومؤشر كتلة الجسم وحالة التدخين واستهلاك الكحول والنظام الغذائي والنشاط البدني، وكمية الكادميوم في البول .
نتائج الدراسة
يقول لانفيير : تشير دراستنا إلى ضرورة التشكيك في افتراض أن المواد السامة المحددة مثل الرصاص لها `مستويات آمنة`، وتشير أيضا إلى أن التعرض للرصاص البيئي على مستوى منخفض يعتبر عاملا رئيسيا في الوفيات المبكرة في الولايات المتحدة، وخاصة من أمراض القلب والأوعية الدموية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقدير مساهمة التعرض للرصاص على مستوى منخفض ضروري لفهم اتجاهات وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية وتطوير استراتيجيات شاملة للوقاية منها .
ويتابع : في الوقت الحالي، يعتبر تعرضنا للرصاص في مستويات منخفضة عاملا خطيرا، ولكنه يهمل إلى حد كبير فيما يتعلق بالوفيات المرتبطة بالأمراض القلبية الوعائية. من المهم بشكل كبير اتخاذ تدابير صحية عامة مثل تقليل المساكن القديمة والتخلص التدريجي من وقود الطائرات المحتوي على الرصاص واستبدال خطوط السباكة وتقليل انبعاثات المصانع ومرافق البطاريات الرصاصية، وذلك لمنع تعرضنا للرصاص. يمكن استخلاص هذا التحليل منه أن للرصاص تأثيرا أكبر بكثير على الوفيات القلبية الوعائية مما تم الاعتراف به سابقا، ويقترح الباحثون أنه حان الوقت لإنهاء إهمال الانبعاثات التي تسببها التلوث في الأمراض غير المعدية وإعادة النظر بعناية في دور الرصاص في تغيير الأنماط العالمية لأمراض القلب والأوعية الدموية .