اساليب تنمية الرقابة الذاتية
مفهوم الرقابة الذاتية موجود في الأدبيات الإسلامية، وهو مفهوم عرفه الإسلام قبل التشريعات والتنظيمات الحديثة، حيث إنه من الأساسيات في التربية للأطفال منذ الصغر، ويبقى المفهوم الرقابي موجودًا في الإنسان حتى يكبر.
الرقابة الذاتية
عند تكليف الشخص أو الموظف أو العامل بأداء مهمة معينة التي يجب الاعتماد عليه فيها، يجب عليه أن يكون مسؤولا عنها ويتحمل المسؤولية دون الحاجة إلى شخص آخر يذكره أو يشجعه على أداء واجبه. هذا المبدأ مأخوذ من قول رسول الله الشريف `كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته`، والرعاية تشمل أي مسؤولية سواء كانت لفرد أو عمل.
أهمية الرقابة الذاتية من القرآن والسنة
يجب على كل مسلم أن يتأكد في قلبه أن الله تعالى معه ويعلم تفاصيل كل ما يفعله، فقد قال تعالى: `ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ`، وقال تعالى أيضًا: `إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا`.
– في حديث أبي برزة الأسلمي: وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: `لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه.` رواه الترمذي.
الرقابة الذاتية تم تعريفها من خلال حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام، حيث سئل جبريل عن معنى الإحسان، فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: `أن تعبد الله كأنك تراه، وإلا فإنه يراك.` هذا الحديث رواه البخاري.
أساليب تنمية الرقابة الذاتية عند الموظف
يتمثّل الحرص في تشجيع الموظفين على الاقتراب من الله، حيث إن الموظف المؤمن هو الأكثر إخلاصًا في عمله، إذ لا يقصر فيه بل يؤديه بكل جدية واهتمام.
تزيدالمسؤولية التي تشعر بها الموظف في العمل من الالتزام بالعقد المتفق عليه والعمل بأقصى قدر من الكفاءة دون مراقبة، مما يشجعه على الأداء المثالي
– أن يزيد لديه الإدراك بأهمية المصلحة العامة، فإذا انتبه الموظف لضميره وبذل جهودا لتحسين أدائه عند خدمة الناس من خلال وظيفته، فيتحقق الفائدة لنفسه وصاحب العمل والمجتمع، على النقيض من الموظف الذي يستغل الوظيفة لصالحه الشخصي ولا يهتم بمصالح الآخرين.
كيفية تنمية الرقابة الذاتية عند الأطفال
من الضروري أن نمارس الرقابة على أنفسنا عندما نكون أمام الأطفال، حتى نتحول إلى قدوة لهم ويقلدوا أفعالنا، وذلك يساعد في غرس مفهوم الرقابة داخلهم.
– نعيد للأطفال قصصا دينية تحثهم على عدم الغش والكذب لأن الله يراقبنا ونريد زرع رقابة داخلية داخلهم، ومن أهم هذه القصص قصة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما سمع الفتاة تقول لأمها التي خلطت الحليب بالماء: `إذا كان عمر لا يرانا، فإن رب عمر يرانا`، لأن هذه القصة لها تأثير كبير في ترسيخ مبدأ الرقابة الذاتية.
يتضمن تنمية الرقابة الذاتية تعزيز مبدأ المصارحة والاعتراف بالأخطاء، والاعتذار عنها بمنح المكافأة، ويجب تجنب استخدام التعنيف والضرب كعقوبة، لأن العقوبة الشديدة والمفرطة ستؤدي إلى تنمية الكذب والتحايل ولن تنمي الصدق والوضوح
– تعزيز حب الله عز وجل وحب نبيه صلى الله عليه وسلم وتنمية شعور حب الله لديهم والشوق إلى الجنة والخوف من النار بشكل معتدل دون ترويعهم، لأن زرع حب الله والخوف منه في قلوبهم هو أحد أسس تنمية مفهوم الرقابة الذاتية.
أساليب تنمية الرقابة الذاتية عند الأطفال
يجب علينا أن نعرف الطفل بالله وبالرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا هو أول شيء يجب أن نعلمه للأطفال عندما يكونون في سن الوعي والقدرة على التمييز. إذا تم تعزيز الإيمان الإسلامي في داخلهم، سيكون الطفل قويا في إيمانه، وسينمو وهو يعتقد بأن الله يراقبه ويخاف منه في الخفاء قبل العلن.
تحفيظ القرآن للأطفال سيكون له أكبر تأثير في نفوسهم حتى يتعلموا مبادئ الدين الإسلامي وتترسخ في قلوبهم تقوى الإيمان التي تعتمد على الرقابة الذاتية للنفس.
التدريب على الرقابة الذاتية في الشعائر الدينية
أولًا، عند أداء فريضة الصوم، فإن الامتناع عن الأكل والشرب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس أمام الناس هو أكثر الأمور التي تظهر فيها الرقابة الذاتية. وإذا انعدمت، فسنجد المسلم يفطر في الخفاء لأنه مهتم برقابة الناس ولا يهتم برقابة الله. لذلك، يجب عليه تدريب نفسه على أداء هذه الفريضة بإتقان
– الصلاة تعد أحد أهم طرق تجسيد الإنضباط الذاتي، لذا يجب أن يكون الانضباط نابعا من القلب ويتم تدريب النفس عليه من خلال أداء الصلاة في أوقاتها وتحسين أدائها.