من هم كهنة الدرويد
معلومات عن كهنة الدرويد
ليس لدى المؤرخين الكثير من المعلومات عن طبقة الدرويد الاجتماعية، التي عرفت باسم كهنة الدرويد. ومع ذلك، فإن ذلك لم يمنع الباحثين من البحث عن أصلهم وتاريخهم وربطهم ببعضهم البعض. وتعني كلمة “درويد” (DRUIDS) شبكة البلوط باللغة الأيرلندية، وكانت شجرة البلوط رمزا للحكمة والمعرفة في الماضي. وترجع هذه التسمية إلى اهتمام الكهنة بهذه الشجرة المقدسة والطبيعة المحيطة بها. ويعتقد معظم علماء التاريخ أن أصل كهنة الدرويد يعود إلى بلاد السلتيك، على الرغم من وجود فرضيات أخرى تشير إلى أن أصلهم يعود إلى بلاد الشرق القديمة، وهذا يرجع إلى اختلاف بعض ثقافاتهم. وتشير بعض الفرضيات إلى عودة نسبهم إلى بلاد أطلانتس
إن رجال الدرويد يمثلون رجال الطب في بلاد الغال -فرنسا سابقًا- وبريطانيا، ولقد كانوا يمارسون الطب قديمًا باستخدام الأعشاب، ولقد قاموا بالسيطرة على عقول البشر من حولهم بسبب شعائرهم الدينية الخاصة، والتي كانت تقوم على عبادة الشمس، كما أنهم قد اعتقدوا بخلود روح الإنسان، كما أنهم كانوا معادين للمسيحية، فقد أطلق عليهم المسيحيون جماعة السحرة الأشرار، وذلك لأن معتقداتهم كانت تخالف معتقدات الدين المسيحي، ولقد كانوا يمثلون طبقة من المجتمع رفيعة الثقافة، كما أعتمد عليهم رجال الطبقات الراقية في تعليمهم، ولقد كانوا يقومون بإثارة عامة الناس ضد روما ونظم الحكم.
شعب السلتيك القديم لم يكتب تاريخهم أو أي معلومات عنهم، ولم يتم تدوينهم بشكل شفهي بدلا من ذلك، ولذلك فإن جميع المعلومات المتاحة حولهم اليوم هي من مصادر ثانوية وليست مباشرة من مصادر معاصرة. تشمل هذه المصادر كتابات الرومان وتفسيرات لهذه الكتابات، وكانت هذه المصادر تحتوي على العديد من محاولات التشويه للكهنة السلتيك. يقول كونليف، أستاذ علم الآثار في جامعة أكسفورد في كتابه (الدرويد – DRUIDS): إن أول إشارة لشعب السلتيك تعود إلى حوالي 2400 عام، ولكن يؤكد أن تاريخهم أبعد من ذلك بكثير، ولكن لا يمكن تحديد تاريخ محدد لهم بسبب عدم توفر سجلات مكتوبة لتلك الفترة الزمنية البعيدة
ديانة كهنة الدرويد
كهنة الدرويد هم كهنة الطبيعة في بلاد الغال، وهم الذين يدعون إلى عبادة إله واحد وتكريم آلهة النجوم والعناصر والهضاب والأشجار، تماما كما فعل القدماء المصريون في ذلك الوقت. وكان لإله الدرويد مذبح قد بنوه بأنفسهم من الحجر الخام، ودون استخدام المطارق، وأقاموا طقوسهم في الحقول الزراعية المفتوحة، وكانوا يؤمنون بالجحيم للأشرار والسماء للأخيار، وهذا يشبه تماما العقيدة الإسلامية. وكانوا يؤمنون بالثالوث الإلهي في ثلاثة صفات، وكانوا يكرمون كل واحدة من هذه الصفات.
يمكن وضع وصف واحد لهذه الديانة وهو الدين الشاماني، وهو ظاهرة دينية تتضمن الطقوس الخاصة بما يعرف بالشامان، وهي منتشرة في معظم دول قارة آسيا حتى الآن، وذلك لأنها تعتمد بشكل كبير على المزيج بين اتصال عالم الأرواح بعالم التداوي، وقد كانت هذه الفكرة سببا لفتح مصدر دخل وفير عليهم وجني ثروات طائلة. وبسبب هذا المبلغ، قاموا ببناء مجتمع هرمي خاص بهم يتكون من العديد من الطبقات الاجتماعية، حالهم مثل حال أي مجتمع دولي آخر.
كان الدرويد يتنبأون بالمرض قبل أن يصيبهم وكانوا يقومون بالتداوي منه، ولقد كانت لديهم الكثير من العبارات التي تعمل على شفاء الأمراض، كالتالي وعلى سبيل المثال: (الجذل، والقناعة والنهوض باكرًا يجلب الصحة والسعادة)، وكانت لديهم العديد من النظريات الفلسفية، وواحدة من أعظم هذه النظريات هي التالي: (القواعد الثلاثة للأساتذة: أن ترى، وأن تدرس جيدًا، وأن تتألم كثيرًا)، وقاعدة فلسفية أخرى تقول: (القواعد الثلاثة للفكر: الصفاء، والرحابة، والدقة).
كان لمجتمع الدرويد العديد من الطقوس والاحتفالات الخاصة بهم بدون غيرهم، ومن أشهر هذه الاحتفالات هو احتفال يعرف باسم (سمحين- Samhain)، وبناء على هذا الاحتفال جاء الاحتفال المشهور باسم عيد الهالوين الذي يقام كل عام في الواحد والثلاثين من شهر أكتوبر، أي في نهاية كل موسم حصاد، وكان هذا اليوم الوحيد الذي كان فيه الأحياء والأموات قريبين من الكشف عن أنفسهم، فكانوا يقيمون الطقوس الروحانية والصوفية لذلك الغرض سنويا
كانت هذه هي الحالة التي كان عليها كهنة الدرويد وديانتهم في بلاد الغال وخاصة السلتيك. ومع ذلك، تغيرت الأمور عندما بدأت الديانة المسيحية في الانتشار نحو بلاد الغال والجزر البريطانية في بداية القرن الأول الميلادي. ومن هنا بدأت طقوس الدرويد في التغير، واشتهر أتباعهم بأنهم سحرة يمارسون العلاج الروحي. ومع ذلك، لم تدم هذه الحالة لفترة طويلة، حيث سادت معتقدات المسيحية واستبدت معظم معتقدات الدرويد تدريجيا. ومع ذلك، على الرغم من جهود المسيحية وحملاتها ضدهم، استمر أتباع هذا الدين ومعتقداتهم في البقاء، ولكن أصبحت تقتصر على عدد قليل من الأشخاص. وانحصرت تلك الأشخاص القلة في بعض الأماكن واختفوا تماما من الساحة. ومع ذلك، لاحظ عالم الآثار كونليف من بعض المصادر الثانوية أنهم ظهروا مرة أخرى في القرن الثامن الميلادي في دولة أيرلندا، ولكن بشكل ضعيف بالمقارنة مع تأثيرهم القديم القوي. وقد تم إحياء العديد من طقوسهم في عصرنا الحالي، بعد ما يقرب من ألف عام من انقراض معتقداتهم وتشكيلتهم القديمة.
المصادر التاريخية عن كهنة الدرويد
وكما ذكر سابقا، فإن المصادر الوحيدة التي وصلتنا عن كهنة الدرويد هي الكتابات القديمة اليونانية، نظرا لأنهم لم يقموا بتدوين أي شيء عن تاريخهم أو معتقداتهم الدينية أو أي شيء يتعلق بهم، وإنما كانوا يتوارثون هذه المعلومات شفهيا. وكان يوليوس قيصر هو الأكثر شهرة في الكتابات التي وصلت إلينا، لكن كان له طابع غريب في كتاباته عنهم، فلا يمكن تحديد موقفه منهم؛ إذ كانت هذه الكتابات تتباين بين المدح والذم، وبين الإعجاب بهم والتشويه لهم. وقد وصف يوليوس قيصر هؤلاء الكهنة عام 50 قبل الميلاد بأنهم كانوا يدرسون الفلك، وأنهم مهتمون بالفنون، ويتمتعون بالاحترام والوقار، وكانوا يمثلون الوسيط الروحي بين الإله والبشر
وصفهم في أماكن أخرى بشكل سيء يتعارض تماما مع وصفه المبدئي الإيجابي لهم الذي ذكرناه، إذ قال إنهم كانوا شعبا لا يهتم بالكتابة والتدوين، وأن تعليمهم كان محدودا للتداول الشفوي فقط، ووصفهم بأنهم كانوا وحشيين ويقدمون البشر كقرابين للآلهة، كما يقول إنهم كانوا يقتلون مواطني بلاد الغال ويقطعون بطونهم ويشعلون النار فيهم، وكانت هذه الأوصاف الرهيبة حول الدرويد ليست مقتصرة على كتابات يوليوس قيصر فقط، بل كتب عنهم المؤرخ الروماني بلينيوس قائلا: “إن قتل الإنسان بينهم هو أعلى درجات الوفاء، وأكل جسده هو أعلى درجات الصحة والعافية
الأصول السلتية
الشعب السلتي أو السلتيك هم سكان منطقة وسط أوروبا وإلي وصلوا منها إلى بلاد الغال والتي هي منبع ظهور كهنة الدرويد، ولقد قام الشعب السلتي بالانتشار من هذه البقعة حتى وصلوا إسبانيا وذلك في القرن السادس قبل الميلاد، وبعد حوالي 300 سنة من هذا التاريخ كان وصولهم لبلاد الغال وجزر بريطانيا محتمًا.
تميزت الشعوب السلتية أو السلتيك ببناء حصون قوية ومنيعة للدفاع ضد الأعداء، وكانوا يعيشون في هذه الحصون التي تم بناؤها على التلال طوال الوقت، ولكنهم كانوا يخرجون في أوقات معينة لممارسةطقوسهم الدينية والاحتفالات.