أسباب احتلال الرومان للمغرب القديم
تجسدت الممالك الأمازيغية في مملكتي نوميديا موريتانيا
لقد حكم دول المغرب القديم مجموعة من الممالك الأمازيغية قبل الاحتلال الروماني لدول المغرب، الحكم الأمازيغي هو عبارة عن عدّة أنظمة قام بتطبيقها الممالك الأمازيغ على دول شمال إفريقيا في القرن السابع قبل الميلاد،وحيثُ انقسم الأمازيغ إلى الليبيين، النوميديين، والموريين، كما انقسمت الممالك الأمازيغية إلى مملكتين كبيرتان وهما:
- مملكة نوميديا: تأسست هذه المملكة في عهد الملك ماسينيسا في عام 202 قبل الميلاد.
- مملكة موريتانيا: تأسست في العام 118 قبل الميلاد خلال حكم الملك باخوس.
ولقد تولى حكمها عدّة مماليك من أشهرهم يوغرطة، وبوغود، وأول من حكم مملكة نوميديا الملك ماسينيسا في الفترة ما بين (202-148 ق-م)، وبعده تولى الملك مسيبسا منذ (148-242 ق- م)، والملك يوغرطة تولى من منذ عام (108-105 ق- م)، وتولى حكم مملكة موريتانيا الملك باخوس الأول
وتمّ تقسيمها بعد وفاته إلى المملكة الشرقية بقيادة باخوس الثاني، أما مملكة الغرب وتولي قيادتها الملك بوغود، إلى أن قام الملك جوبا الثاني توحيد المملكتين عام (25 ق-م /23 م) ولقد تربى جوبا الثاني في العاصمة الإيطالية روما ولقد عُرف عنه علمه البالغ وموهبته في التآليف حيثُ كان يقوم بالتدريس لملك روما يوليوس قيصر.
بعد الملك جوبا، جاء ابنه بطليموس الذي قضى على ثورة تاكفاريناس في عام 16-24 م، وتوسع بطليموس في حكمته وتوسعت حدود مملكته، ما تسبب في غضب الإمبراطور الروماني في ذلك الوقت، كالكولا، الذي قتل الملك بطليموس في عام 40 م. ثم قام إمبراطور روما بتقسيم مملكة موريتانيا إلى طنجة ومملكة قيصرية، وبذلك أصبح المغرب القديم تحت طائلة الاحتلال الروماني
الاحتلال الروماني والمقاومة الأمازيغية
أسباب الاحتلال الروماني
قام الملك جوبا الثاني بتوحيد مملكة موريتانيا، واختار مدينتي تيباسا وليلي لتصبحا عاصمة المملكة، بهدف إنهاء الفوضى داخل البلاد. وأدى ذلك إلى زيادة خوف الرومان، الذين أصبح بطليموس حاكما بعد وفاة الملك جوبا الثاني، وزادت بسبب ذلك طموحات الرومان والأوروبيين في استغلال ثروات البلاد الزراعية والمعدنية والأشجار المختلفة. وبعد ذلك، احتلت روما البلاد واستولت على جميع مواردها لتلبية احتياجات الشعب الروماني، وأصبحت البلاد مركزا لتجارة روما بفرض الضرائب
المقاومة الأمازيغية للاحتلال الروماني
تدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في بلاد المغرب بسبب الاحتلال الروماني، مما دفع الأمازيغ للقيام بالعديد من الثورات وزادت مقاومة النوميديين للاحتلال الروماني من أجل التخلص منه، بعد أن قام الرومان باغتيال بطليموس. ومن أهم ثورات الأمازيغ ضد الاحتلال الروماني ما يلي:
- ثورة وزيرة أيدمون عام (40 -43 م).
- ثورة موريتانيا الطنجية عام 180م.
- حدثت ثورة إفريقيا الرومانية في الفترة من (235 -284 م).
- حدثت الثورة الدينية بقيادة القس دوناتوس في عام 429 م
تداعيات الاحتلال الروماني على وحدة الدولة بالمغرب
يٌعد الاحتلال الروماني لدول المغرب القديم من أصعب وأخطر أنواع الاحتلال التي شهدتها المنطقة على مدار العصور، ويرجع ذلك إلى السياسية التي فرضها الاحتلال على دول المغرب العربي حيثُ أثر هذا الاستعمار بالسلب على وحدة هذه الدول، كما أدي ذلك إلى حدوث العديد من الظواهر في المنطقة وتغيرات كبيرة في الأحوال الاقتصادية ونتج ذلك العديد من الانعكاسات حيثُ تمثلت هذه الانعكاسات في ظاهرتين هما ما يلي:
انتشار النمط الرعوي (NOMADISME)
نظرًا للطبيعة الجغرافية لدول المغرب العربي، فإن النشاط الرعوي ينتشر بشكل أكبر، بالإضافة إلى الظروف السياسية والتمرد على السلطة المركزية، وهذه هي الأسباب التي تجعل النشاط الرعوي ينتشر بشكل كبير في دول المغرب العربي
ومع ذلك، زادت هذه المسألة بشكل ملحوظ مع خريطة الاحتلال الروماني لبلاد المغرب بسبب سياسة الاستعمار التي اتبعها الاحتلال الروماني والتي أثرت سلبا على جوانب الحياة الزراعية والاقتصادية في بلاد المغرب، نظرا للضرائب العالية المفروضة التي أثرت على أعمال العديد من سكان بلاد المغرب ودفعتهم للانتقال إلى النشاط الرعوي
السياسة الفلاحية
من بين الأشياء التي زادت من طموح روما في غزو دول المغرب القديم هي ثرواتها الزراعية ورغبتها في تلبية احتياجاتها من القمح الذي كانت تنتجه دول المغرب القديم، بفضل وجود أراض زراعية خصبة في تلك الدول. هذا جعل إنتاج القمح بها مرتفعا، ولذلك لجأت روما إلى العديد من الوسائل للاستيلاء على تلك الأراضي، وقامت بالتالي بما يلي
- قامت بفرض السخرة على الفلاحين والمزارعين.
- تم سحب ملكية الأرض الزراعية وتحويل مالكي الأراضي إلى مستأجرين
- مصادرة كافة الأراضي الزراعية لمصلحة روما.
- تمت الاستيلاء على جميع الأراضي الرعوية في البلاد.
بعد كل ذلك، لا يوجد سوى خيارين أمام السكان: البقاء والعمل تحت نظام الاستبداد ودفع الضرائب، أو الهروب إلى الصحراء بحثا عن الحرية
السياسية الضريبية
نظام الضرائب الذي فرضته روما على دول بلاد المغرب القديم كان الأول من نوعه على مستوى العالم، حيث كان يمثل كارثة حقيقية على السكان ويجبرهم على دفع أنواع متعددة من الضرائب التي لم يسبق لها مثيل، بما في ذلك الضرائب الشخصية والعينية وضرائب العقارات
بالإضافة إلى الضرائب السابقة، كان يتطلب من السكان توفير الجنود في حالة وقوع حملة عسكرية على البلاد، حيث كان على السكان توفير جميع احتياجات الجنود من الطعام والشراب وتوفير أماكن للنوم أيضا
كما كانت روما تُجبر كل سكان دول المغرب القديم بالإضافة إلي كافة ما سبق تمويل خزائن روما بالقمح الأمر الذي تسبب في انخفاض مستوى المعيشة للسكان وتدني الأحوال الاقتصادية وتعرض العديد من السكان للفقر الشديد الأمر الذي جعل كرول يقول مقولته الشهيرة “معاناة السكان من تحكم روما وخاصة متطلبات سياستها الضرائبية القاسية جعلهم يتحينون أية فرصة للتخلّص نهائيًا من هذه الهيمنة”
يشرح هذا المقطع الخلفية السياسية لمشروع الليمس، الذي يشكل شبكة من الطرق تم إنشاؤها لوقف زحف القبائل والحد من الهجرة، حيث فكر الرومان في التخلص من بعض القبائل المغربية التي كانت تشعر روما دائما بالخوف، مما دفع روما إلى الحفاظ على أمنها واستقرارها في دول المغرب العربي القديم حيث قامت بالاستيلاء على أراضي هذه القبائل وإنشاء شبكة الطرق الليمس عليها
السياسة الطرقية
كما قامت روما على غرار ما فعلته من شبكة الطرق في دول شمال إفريقيا تشيد العديد من الطرق التي تقوم بربط السلطات الرومانية بكل أنحاء الأماكن التي قامت بفرض سيطرتها عليها واحتلالها وكان خلف هذا الأمر العديد من المصالح للإمبراطورية الرومانية في بلاد المغرب القديم ومن أهمها:
- يتمتع المنتج المغربي بسهولة نقله وتصديره إلى الدول المجاورة
- يوجد رابط بين المستعمرات الرومانية في جميع الدول التي تم احتلالها وموريتانيا
- سهولة السيطرة على القبائل المتمردة للحفاظ على أمن روما ومستعمراتها.
لقد أدت كل هذه السياسات التي فرضتها روما على بلاد المغرب إلى تضرر الحياة الحضرية في المنطقة بسبب عدة أسباب، منها:
- زيادة أعداد الهجرة بين السكان لمحاولة الفرار من النظام الروماني.
- عدم الاستقرار بين السكان وكثرة الترحال.
- عموم الفوضى وعدم الاستقرار.