الفرق بين سب الدهر ووصفه بالأمثلة
سب الدهر
هناك فرق واضح بين السب ووصف الدهر، حيث إن السب يتمتع بالعديد من الأدلة والأحاديث التي تحذر منه وتثبت تحريمه. والدليل على ذلك هو حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: يؤذيني ابن آدم بسب الدهر وأنا الدهر الذي يدار الليل والنهار. ولذلك فإن سب الدهر يعتبر من المحرمات، إذ أن الدهر هو مصطلح إسلامي تم ذكره كثيرا في القرآن الكريم والسنة النبوية. يشير الدهر إلى فترة الحياة الدنيا بأكملها أو الزمن بشكل عام. لذا، سب الدهر يعني الدخول في المحظورات، وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر.
يتحدث الحديث السابق عن كثرة سب الدهر في أيام الجاهلية، حيث اعتقد العرب آنذاك أن الدهر هو المسؤول عن كل المصائب التي تحدث لهم، وكانوا يسبونه. ولكن جاء هذا الحديث ليوضح لهم أن الله هو الذي يدير الدهر ويسبب كل الأحداث التي تحدث، وأنه هو المسؤول الحقيقي عن كل شيء
فهو المتحكم في أمور الكون والبشر يسندون إليه في جميع أمور حياتهم لذلك لا يجب أن يسب الكون والدهر من قبل البشر، وتفسير الأدلة عن سب الدهر جميعها تعود إلى أن الله صاحب الدهر ومدبر وجميع شئون البشر تسير تحت تحكمه لذلك حين يعترض الأشخاص على أحداث الدهر التي لا تناسبهم ويبدأون في سب الدهر فذلك يعني سب الرب فهو المسئول عن جميع أحداث الدهر.
حكم سب الدهر
– “لا شك أن سب الدهر والزمان يعد إثمًا عظيمًا وكبيرًا، ويجب على الشخص الذي يسب الدهر أن يدرك هذا الأمر، حيث أن جميع الأحاديث والأدلة تشير إلى ثلاثة مفاسد محددة لسب الدهر، والتي يتحملها الشخص الذي يسب الزمان، وتتمثل هذه المفاسد في:
- الأول: يجب توخي الحذر عند السب على الدهر، حيث إن الدهر هو من صنع الله، والله عز وجل ليس مستحقًا للسب أو اللفظ بكلمات خاطئة، لذا يعتبر ذلك إثمًا عظيمًا وذنبًا كبيرًا. وتأتي جميع الأحاديث لتؤكد أن الدهر والكون من عمل وتسخير الله عز وجل، لذا لا يجوز السب أو الذم.
- الثاني: بعض أصحاب العلم يرون في سب الدهر جزءًا من الشرك، حيث يعتبر الشخص الذي يسب الدهر كمن أشرك بالله عز وجل، والبعض يظن أن سب الدهر مجرد لفظ يتفوه به ولا يضر ولا ينفع، ولكن هذا اللفظ يعد سببًا للشركة.
- الثالث: يعتبر السب والغضب شركًا بالله عز وجل، مما يجعل السب واستخدام هذه الألفاظ التي تعبر عن الغضب إثمًا على الشخص الذي يقوم بهذه الأفعال فقط.
الله عز وجل هو المدير العام لجميع أمور الكون، ولذلك فإن معنى الحديث `أنا الدهر` يعني أن الله عز وجل هو المسير للأمور التي يغضبون ويسبون فيها. وعلى الرغم من أن الدهر ليس من أسماء الله الحسنى، إلا أن المعنى يكمن في أن الله هو المسيطر على الكون وبالتالي فإنه يعتبر إشراكا بالله.
الفرق بين سب الدهر ووصفه
هناك فرق كبير بين سب الدهر ووصفه، فعندما نسب العيب ونلقي اللوم والعتاب على الدهر والزمان الطويل الذي تنظمه إرادة الله العزيز، فإن ذلك يعتبر سبا للدهر. أما الوصف فهو نقل الأخبار والمعلومات بين الناس، وهذا هو الفرق بينهما
وكذلك عند إضافة فعل إلى زمن محدد أو يوم معين، يكون ذلك من باب الوصف الجيد وإثبات سوء هذا الموقف، وليس السب أو إلقاء اللوم على الزمان، لأن الشخص الذي يقوم بالوصف يعلم أن الكون بأكمله يتم تسخيره من قبل الله، وإنما السب هو الاعتقاد بأن الكون يتم إدارته من قبل نفسه.
قام العَلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ بالإجابة عن عبارة: عندما لا تسمح الظروف لي بذلك، يعتقد الكثيرون أن الظروف والأحداث هي التي تسمح أو لا تسمح بحدوث شيء معين، وأن بعضهم يعتقد أن الكون والدهر يتحكمان في نفسيهما ولا يوجد من يتحكم فيهما. لذلك، عند حدوث حادثة ما، يجد الكثيرون أنفسهم يلومون الدهر ويسبون الظروف التي لم تسمح لهم بذلك. ولكن السماح والعفو والتوفيق جميعها من عند الله عز وجل فقط، ولا يجب شكك في ذلك. والكون وكل من فيه يتم إدارتهما من قبل الله فقط.
أشار العالم محمد بن إبراهيم آل الشيخ إلى أن وصف الدهر بالخير والشر والتجاوز هو من باب التوسيع في الكلام وتأكيد المعلومة، وأن ذلك لا يعد شركا بالله عز وجل، بل هو مجرد وصف للدهر فقط، وذكر الدكتور عبد الرحمن المحمود في كتابه “فصل العقيدة” أن سب الدهر يشمل شركا بالله عز وجل، وأن سب الدهر ليس له علاقة بوصفه، وأن هناك فرقا كبيرا بينهما.
وفقا لما ذكره الشيخ صالح آل الشيخ في كتابه `كتاب التوحيد`، عندما يصف الشخص الدهر أو السنين بالشدة أو الصعوبة، فإن ذلك لا يعتبر إساءة للدهر، بل هو وصف وتعبير من الشخص نفسه عن الصعوبات التي واجهها خلال تلك السنين. كما قام الشيخ بتصنيف الأيام بالنحس أو السواد، وهذا لا يعتبر إساءة أو ذم للدهر، بل هو مجرد وصف أيضا. استدل الشيخ على ذلك من كتاب الله عز وجل بقوله: `في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي`، وهنا المقصود بالنحسات هو وصف الأيام بالنحس بسبب وجود أحداث غير محببة. لذلك، لا يعتبر ذلك إساءة للدهر، بل مجرد وصف لتلك الأيام حيث يتم إضافة الأحداث في تلك الأيام إلى الزمن، وهو الدهر والأيام.
في حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، تم التحذير من الاعتقاد بأن الأحداث الزمانية أو الليل أو النهار أو الساعة أو اليوم أو الأفعال القبيحة التي تحدث في هذا الوقت هي التي تؤدي إلى عواقب سيئة وتشتيت الناس، لأن الله هو الذي يتحكم في هذه الأمور. وقد كان هذا الاعتقاد شائعا في الجاهلية، حيث كانوا يقولون “وما يهلكنا إلا الدهر”. ويعتبر هذا الاعتقاد إثما كبيرا وحذر الرسول منه في أحاديثه.
أغلب التفاسير والأدلة جاءت أن الأشخاص الذين يقومون بسب الدهر نتيجة للأحداث التي جرت في هذا الوقت يكون سبب اعتقادهم أن الدهر هو المسئول عن هذه الأحداث ويجهل الكثيرون أن الله عز وجل هو المدبر وأن من يسب الدهر كمن سب الله عز وجل لذلك يجب الحذر أثناء التفوه بأي من أنواع هذا الكلام لأنها تندرج تحت الشرك بالله عز وجل.
تم التأكيد أيضًا من قبل العلماء أن وصف الأيام مثل قول يوم حار أو بارد أو جيد أو سيء لا يعتبر إساءة، وإنما هو نوع من أنواع الوصف والتأكيد على الكلام، وتم استدلال على ذلك من قول الله عز وجل: ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) صدق الله العظيم.