الدوافع الشعورية واللاشعورية وطرق إشباعها
ما هي الدوافع
الدوافع هي القوى التي تحفز السلوكيات لتحقيق الأهداف والحفاظ عليها، وتشمل الدوافع المتطلبات الفسيولوجية مثل الطعام والشراب والنوم، بالإضافة إلى الدوافع العاطفية وربما الغير عاطفية. ومن الواضح أن بعض السلوكيات تحتاج إلى دافع واع، وتشمل الدوافع الغير عاطفية أيضا عمليات الجهاز الحركي الجسدي أو الجهاز العصبي اللاارادي والمهاد الجانبي للدماغ، والتي تكون ضرورية للبقاء على قيد الحياة. تشمل الدوافع الغير واعية أيضا الاحتياجات والغرائز والرغبات التي قد تؤثر على السلوكيات أو تقودها من دون أن يكون الناس على دراية بها، ويعتبر تحليل هذه الدوافع أمرا صعبا. ويعتقد العديد من علماء النفس أن السلوك يتأثر بمجموعة من الدوافع الواعية والغير واعية التي تعمل معا لتلبية الاحتياجات الفسيولوجية وتحقيق الأهداف
ما هي الدوافع الشعورية
هي الدوافع التي تعمل في مستوى الواعي، من خلال جميع عمليات التفكير لدينا، وأي دافع يتم التفكير فيه أو إدراكه أو فهمه يكمن في الدوافع الشعورية، وتحت مستوى الشعور، يأتي مستوى ما قبل الشعور، وهنا تكمن الذكريات والأفكار التي قد تهدد في أي لحظة باقتحام المستوى الواعي، والتي يمكن تذكرها بسهولة، وهي تؤثر بشدة على العمليات الواعية، وتحت مستوى الشعور وما قبل الشعور، يأتي مستوى اللاشعور، الذي يكمن فيه الرغبات والحاجات والذكريات والأفكار التي تمثل الجزء الأكبر من تجربة الفرد السابقة، وهنا تكمن الدوافع اللاشعورية والذكريات التي تهدد بإضعاف أو زعزعة استقرار عقل الفرد إذا اقتحموا اللاشعور، عن طريق القمع يحافظ العقل على توازنه الضعي.
ما هي الدوافع اللاشعورية
تشير الدوافع اللاشعورية إلى الرغبات الخفية غير المعروفة، وهي الأسباب الحقيقية لأفعال الأشخاص. مثلا، عندما يكون شخصا غير قادر على الاستمرار في علاقة طويلة الأمد ويجد دائما أسبابا لانقطاع العلاقات، قد يصر على وجود تفسير منطقي لانتهاء العلاقة، ولكنه في الواقع يتحرك بواسطة رغبة غير واعية في الحب والانتماء والخوف من الرفض. في أعماقه، يرغب ويحتاج إلى أن يكون في علاقة حب، ولكنه يجد طرقا وأسبابا لإنهاء العلاقة لتجنب التعرض للرفض
فكرة أن سلوكنا مدفوع بدوافع لاشعوريا طرحها سيغموند فرويد ، حيث يعتقد أن الدوافع اللاواعية تلعب دورًا محوريًا في السلوك البشري، وإن العقل اللاواعي معقد مثل العقل الواعي، مع دوافعه الخاصة التي تعتمد على أفكاره ورغباته وأهدافه، ولكنه قائم على الغريزة بدلاً من العقل الواعي المنفتح والمنطقي، كما أنه يعتقد أن الأفكار والرغبات والعواطف والمشاعر غير المقبولة يتم إجبارها أو قمعها باستمرار في العقل اللاواعي، وينتج معظم السلوك البشري عن الذكريات غير الواعية والرغبات والدوافع التي تم قمعها، الدوافع الشعورية لها تأثير أقل بكثير على السلوك، وبالتالي، فإن “الانزلاق الفرويدي” هو نتيجة دافع لاشعوري.
يعتقد فرويد أن الذكريات المكبوتة والرغبات الكامنة وراء الدوافع اللاواعية هي مصدر الأمراض العقلية، ويمكن للتحليل النفسي أن يساعد في جلب هذه الدوافع اللاواعية إلى الوعي وتعديل السلوكيات. ومع صعود السلوكية في القرن العشرين، تحول التركيز من الدوافع الداخلية إلى الخارجية، لكن الدوافع اللاواعية لا تزال تلعب دورا مركزيا في تحديد سلوك الأفراد، وفقا لأبراهام ماسلو، المعروف بعمله في التسلسل الهرمي للاحتياجات، وقال إن الدوافع الغير واعية تلعب دورا أساسيا في توجيه سلوك الأفراد، ويجب فهم أي فعل من خلال النظر إلى الاحتياجات الأساسية التي يلبيها الفرد
طرق إشباع الدوافع الشعورية واللاشعورية
يقوم الباحثون اليوم بدراسة الدوافع والأهداف، من أجل فهم النظرية المعرفية بشكل أفضل من الديناميكيات النفسية. وبالتالي، لا يولى اهتماما مفرطا للأهداف اللاشعورية والصراعات اللاواعية، على عكس سلفهم التاريخيين. حيث يركز الباحثون التحفيزيون المعاصرون أقل على الدوافع اللاشعورية وأكثر على طبيعة العملية المتعمدة. تتطلب العمليات المتعمدة موارد مقصودة، وتكون إرادية وشعورية، ومدفوعة بالأهداف. ولا تحتاج العمليات التلقائية إلى انتباه ولا نية، وتحدث خارج نطاق الوعي، وتدفعها المحفزات. وعلى الرغم من أنها غالبا ما يتم تصنيفها على أنها أضداد بشكل واضح، يعتقد العديد من الباحثين أن هذه العمليات تندرج في سلسلة متصلة من التنظيم الواعي والجهد والسيطرة إلى التنظيم اللاواعي والجهد والتلقائي.
ومن المهم أن ندرك أن عددًا من العوامل قد تؤثر على إشباع هذه الدوافع وعلى قدرة الأشخاص على الوصول إلى المعلومات ذات الصلة بالهدف، وليس جميعها عمليات دفاعية ذات دوافع، علاوة على ذلك، قد يتضح أن هذا المستوى من الوعي قد يكون بُعدًا للأهداف، مع توفر بعض الأهداف بشكل ديناميكي للوعي أكثر من غيرها، يستخدم باحثو الإدراك الاجتماعي مصطلح “تلقائي” لتمييز الأهداف اللاشعورية عن الأهداف الشعورية الهادفة، ويقترح نموذج، للتنشيط التلقائي للهدف أن الإشارات الظرفية تؤدي إلى تنشيط الأهداف المزمنة والكامنة خارج وعي الشخص، يضيفون هذه “الدوافع الذاتية” ثم توجه السلوك دون أن يكون الشخص مدركًا لتأثير أفكار الهدف التوجيه والإدراك والعمل والعاطفة، وهكذا غالبًا ما ينخرط الناس في أفعال موجهة نحو الهدف دون أن يختاروها أو يفكروا فيها بوعي.
العوامل التي تؤثر على الدوافع الشعورية واللاشعورية
تتأثر الدوافع بعدة عوامل مختلفة، وخاصة الأهداف، ولكن أيضا القيم والعواطف والشخصية التي بدورها تؤثر على الأهداف. ورغم أن السلوكيات لها عواقب مقصودة وغير مقصودة وغير ذات صلة، فإنه لا يمكن تحديد الدوافع فقط من خلال عواقب السلوكيات، ولا يمكن الافتراض بأن عواقب السلوك هي نتيجة الدافع الواعي. وبسبب هذه الصعوبات في دراسة الدوافع، فإن علماء النفس قاموا بتطوير إجراءات للتخمين في الدوافع، والتي قد تشمل
- تحليل عواقب السلوك لتحديد النوايا المحتملة
- يتضمن تحليل الأدلة للدوافع الواعية وغير الواعية
- يمكن استخدام المعرفة بالقيم والمعتقدات والأخلاق والدين والبنية الاجتماعية وعوامل أخرى لاستبعاد الأهداف غير المرجحة
- مقارنة الدوافع للآخرين في مجتمعات وظروف مشابهة
أهمية تأثير الدوافع اللاشعورية
الدوافع التي تنبع من الاحتياجات الفسيولوجية هي جوهرية للفرد، والدوافع التي تنبع من الرغبات الخارجية تنشأ خارج الفرد، وربما تؤدي إلى سلوكيات مختلفة عن نفس الدوافع. يقلل العديد من علماء النفس في القرن الحادي والعشرين من أهمية تأثير الدوافع اللاواعية جزئيا، لأنه من الصعب دراستها علميا، وعلى عكس فرويد وأتباعه. ويجادل العديد من علماء النفس بأن الدوافع، بخلاف الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية، تستند إلى أفكار وخيارات واعية يمكن التحكم فيها. ويعتقد بعض علماء النفس الآخرين أن الدوافع اللاواعية تدفع إلى السلوك فقط في فترات القلق أو التوتر. يستخدم بعض علماء النفس المعرفيين مصطلحات مثل “صريح” و “ضمني” بدلا من مصطلحات الدوافع الواعية واللاواعية، ولكنهم لا يزالون يؤكدون أن الدوافع يمكن أن توجد بدون وعي واع. تعتمد العلاجات السلوكية المعرفية على النظرية القائلة بأن السلوكيات يمكن تغييرها عن طريق تغيير الفكر الواع.