قصة ياذيب ياللي تالي الليل عويت
عاش العرب في فترة قبل الإسلام تسمى العصر الجاهلي، وكانت القبيلة هي أساس الحياة الاجتماعية، وكانت تتألف من مجموعة من الأسر التي تنتمي إلى نسب مشترك يرجع إلى جدهم الأكبر، وبذلك يكون لجميع أفراد القبيلة صلة دم ونسب مشتركة. ويعد هذا النسب الأمر الأساسي للقبائل، ولا يوجد حكومات تقوم بحكم الأمور، فالقبيلة هي الحكومة والتي تحكم في كل الأمور، ويتم تنفيذ أوامرها بدون مناقشة أو اعتراض، وقد صورت العديد من القصائد القصص التي جرت في ذلك العصر، ومن أشهر هذه القصائد هي “يا ذيب ياللي تالي الليل عويت.
قصة قصيدة ياذيب ياللي تالي الليل عويت :
تُعتبر هذه القصيدة من أشهر القصائد التي تناولت قصة قديمة حدثت من أيام البداوة ، حيث تحكي القصة عن رجل كان متزوج من امرأه ليست من قبيلته ، وبعد مُضي وقت قصير على زواجهما نشب صراع بين القبيلتين على الأرض ، واحتدم هذا الصراع بشدة و أصبح الزوج طرفاً فيه ، و نتيجة لذلك قررت قبيلة الزوجة استرجاعها مره أخرى والتفرقة بينها وبين زوجها عنوةً ، ولكن رغم ذلك كان الزوجان يحبان بعضها البعض كثيراً ، فحاول الرجل محاولات عديدة من أجل استرداد زوجته ولكنها جميعاً باءت بالفشل.
بعد فترة من الانفصال، حاول الرجل معرفة كيفية رؤية زوجته مرة أخرى. وبالفعل، نجح في وضع خطة، وهي أن يرسل لزوجته سيدة من عجائز القبيلة التي تبيع القماش لتخبرها بأن تلتقي به في مكان محدد بعد انتهاء فترة غياب القمر. وسيقوم بإعطاء إشارة لزوجته حينما يكون قريبا من المنزل عن طريق عواء ثلاث مرات، فتعرف بذلك أنه وصل وتخرج للقائه. وفي الواقع، نفذوا هذه الخطة والتقيا عدة مرات، وبعد فترة من الزمن، حملت الزوجة.
بعد مضي فترة من حمل الزوجة، لاحظ أحد إخوتها ذلك، فظن أنها جلبت له العار، ولكنها أخبرته بالحقيقة الكاملة وأنها كانت تذهب لرؤية زوجها بدون علمهم، ولكنه لم يصدق كلامها وقرر التحقق من ذلك بنفسه. تنكر في ملابس تخفي هويته الحقيقية وذهب إلى منزل الزوج. عندما دخل، لم يعرفه أحد من أسرة الزوج واعتبروه ضيفا وأكرموه. وخلال وجوده هناك، رأى شخصا يحمل ربابة في يده، فطلب منه أن يعيرها. ثم قام بالعزف عليها قائلا (يا ذيب الليل عويت… ثلاث عويات على ساق وصلاب، أنشدك بالله ماذا ستفعل؟ يوم الثرايا استعد والقمر غاب).
عندما سمع الزوج الأنشودة، أدرك أن الرجل هو أخ زوجته وقد علم بما حدث بينهما، ولذلك قام الزوج بالرد عليه وتأكيد ما حدث بأداء الربابة والغناء. وبسبب هذا الرد، أدرك أخ الزوجة صدق ما حدث، وفي الصباح التالي، تصالحت القبيلتان واستعاد الزوج زوجته مرة أخرى، وانتهت القصة.
استنتاجات من القصة :
– كان المجتمع قديماً قائماً على العصبية القبلية، وكانت كل قبيلة تعتز بنسبها وتفخر به، كما سادت المشاحنات و الصراعات بين القبائل المختلفة والتي كانت أحياناً تحدث بسبب خلاف على الأراضي أو صراع شخصي بين أفراد من القبيلتين والدليل على ذلك الصراع الذي حدث بين قبيلة الزوج والزوجة .
يتبع أفراد القبيلة أوامرها حتى لو كانت تتعارض مع رغباتهم، ويعتبر الانضباط والطاعة أمرًا واجبًا وضروريًا داخل القبيلة. يُظهر ذلك في حالة الصراع بين قبيلتين، حيث أمرت قبيلة الزوجة بعودتها إلى قبيلتها ومنعت لقاء الزوجين، ولم تكن للزوجة حق الاعتراض.
يتميز العرب بفطنتهم وذكائهم الفطري، ويمكن استنتاج ذلك من ذكاء الزوج وفهمه لما يجول في ذهن أخي زوجته وقدرته على الرد مباشرة وحل المشكلة.