كيف مات سيدنا يوسف ؟.. وأين دفن
كيف مات سيدنا يوسف
توفي النبي يوسف -عليه السلام– عندما شعر بالشوق لرؤية وجه الله -سبحانه وتعالى-، وطلب منه أن يتوفاه مسلما ويلحقه بالصالحين، وذلك كما ورد في القرآن الكريم في سورة يوسف الآية 101 ((رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث ۚ فاطر السماوات والأرض ۖ أنت وليي في الدنيا والآخرة ۖ توفني مسلما وألحقني بالصالحين))
بالإضافة إلى هذه الآية القرآنية، خرج الطبراني برواية صحيحة كما ورد عن الحافظ في الفتح عن قتادة: “لم يتمن أحد الموت إلا يوسف عليه السلام، عندما استكملت له النعم وجمعت له الأمور اشتاق إلى لقاء الله”، وورد أيضا عن الطبراني بنفس المعنى حيث روى ابن عباس – رضي الله عنه – “أول نبي سأل الله الموت يوسف”، وفي رواية: “لم يتمن أي نبي الموت قبل يوسف
ورد عن مجاهد أن يوسف، عندما جمع بينه وبين أبيه وإخوته وهو يومئذ ملك مصر، اشتاق إلى الله وإلى آبائه الصالحين، فقال: `رب قد آتيتني من الملك…` الآية.
وقال غير هؤلاء: لم يرغب في الموت، بل تمنى الموت على الإسلام، وذلك إذا كان وقت موته قد حان، فليتوفى وهو مسلم، وعندما شعر سيدنا يوسف عليه السلام أن روحه سترحل، طلب جمع جميع الناس من قومه بني يعقوب، ليأمر أخاه بالبقاء والاعتناء بهم بعد وفاته، ويجدر بالذكر أن سيدنا يوسف عاش لمدة 120 عاما.
أين دفن سيدنا يوسف
تداولت الكثير من الأحاديث حول مكان دفن النبي يوسف عليه السلام، حيث ذُكر أنه تم دفنه في فلسطين، لكن من الأحاديث التي اتفق عليها العلماء حول موضوع مكان دفن النبي يوسف هي قصة امرأة مسنة من بني إسرائيل
يروي الحديث أن أبا موسى أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأكرمه، فدعاه النبي لزيارته، وعندما وصل، سأله النبي ما هو حاجته، فقال أبو موسى أنه يريد ناقةليركبها ويساعده أهله في حلب اللبن، فأجابه النبي – صلى الله عليه وسلم – بأنهم أضعف من عجوز بني إسرائيل الذين كانوا يركبون ناقة واحدة ويتناولون اللبن
قالوا: يا رسول الله، من هم عجوز بني إسرائيل؟ فقال: عندما غادر موسى – عليه السلام – بني إسرائيل مصر، ضلوا عن الطريق. فسأل موسى: `ما هذا؟` فأجاب علماء البني إسرائيل: `عندما اقتربت نهاية حياة يوسف – عليه السلام – أخذ منا عهدا من الله أننا لا نغادر مصر حتى نحمل عظامه معنا.` فقال موسى: `فمن يعرف مكان قبره؟` فأجابوا: `عجوز من بني إسرائيل.` فأرسل إليها موسى فأتته. فقال لها: `اهديني إلى قبر يوسف
قالت: حتى تعطيني حكمي، قال: وما حكمك؟ قالت: أكون معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى الله إليه: إن أعطها حكمها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء، فقالت: أنشبوا هذا الماء، فأنشبوه، فقالت: احتفروا، فاحتفروا، فاستخرجوا عظام يوسف، فلما أقلوها إلى الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار.
هذا الحديث مذكور في تقرير الطبراني ورجال أبي يعلى وأبو يعلى، وقد وافق عليه ابن حكام والهيثمي، وتم تصحيحه من قبل الألباني. وقد تم ذكر أحداث أخرى تشير إلى أن قبر سيدنا يوسف لا يزال في مصر. يجدر بالذكر أن جميع الأنبياء ليس لديهم قبور، باستثناء قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وقبر النبي إبراهيم عليهما السلام.
أبرز الروايات عن مكان قبر سيدنا يوسف
- في التوراة
وفقًا للقصة التي وردت في التوراة، يعتقد أن النبي موسى -عليه السلام- قام بإخراج جثة النبي يوسف -عليه السلام- من مصر، ولكن هذا غير دقيق لأن النبي موسى -عليه السلام- دخل إلى مصر بعد مرور مئتي عام على وفاة النبي يوسف
خلال فترة طويلة من الزمن، سيكون موقع دفن هذا الشخص غير معروف، بالإضافة إلى أن هذه الرواية كتبت قبل ستمائة عام من ظهور النبي موسى عليه السلام، ولذلك تعتبر هذه الرواية الأقل دقة، وهذا ماتؤكده النقوش المعمارية.
- في مدينة الخليل
قد ورد عن بعض العلماء والمؤرخين أن قبر سيدنا يوسف -عليه السلام في منطقة الخليل الفلسطينية، استندت هذه الرواية إلى الخيالات والأحلام، حيث ورد أن أم الخليفة العباسي، رأت في منامها أن قبر سيدنا يوسف في الخليل وليس في نابلس كما ورد في الروايات الأخرى، وبعد أن رأت ذلك المنام أمرت بالذهاب إلى منطقة الحرم الإبراهيمي الشريف للبحث عن القبر.
بعد أن ذهبوا، وجدوا خشبة وظنوا أنها تعود إلى قبر النبي يوسف -عليه السلام-، وبناءً على ذلك، أمرت ببناء قبر خاص بالنبي يوسف -عليه السلام- في هذا المكان.
- في مصر
ذُكر في عام 1989 أن أحد الباحثين المصريين اكتشف مومياء تعود للنبي يوسف عليه السلام، وإذا تم إثبات ذلك، فسيتم نفي جميع الروايات الأخرى.
- في مدينة نابلس
بحسب دراسة العلماء والمؤرخين فإن يوجد قبر خاص بسيدنا يوسف -عليه السلام- في مدينة نابلس الواقعة في شمال فلسطين، ويمكن الوصول إليه من خلال المدخل الشرقي لمدينة نابلس، حيث يقع في مكان قريب من كنسية النبي يعقوب -عليه السلام- الواقعة في الجهة الشمالية الغريبة بالقرب من مدينة بلاطه
من الجدير بالذكر أن قبر النبي يوسف هو واحد من أبرز وأهم المواقع التاريخية الدينية في مدينة نابلس الفلسطينية، ويتم زيارته بكثرة من قبل السكان المحليين والسياح بهدف التقرب من الله -سبحانه وتعالى.
قصة العجوز التي أدلت على قبر سيدنا يوسف
ورد في قصة العجوز التي قابلت النبي موسى وأشارت إلى قبر سيدنا يوسف، القصة جاءت من بني إسرائيل عن أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني في مدينة الكوفة، ورواها أبو نعيم عن يونس بن أبي إسحاق وإبراهيم بن إسحاق الزهري في حديث صحيح. تلا الله -سبحانه وتعالى- الآيات.
فقال أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه قال: نزل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عند رجل من البدو وأكرمه، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: `تعهدنا بأن تأتينا.` فأتاه البدوي فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: `ما هو حاجتك؟` فقال: `ناقة برحلها وبحر لبنها لأهلي.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “عجز هذا أن يكون كعجوز بني إسرائيل”. فقال له أصحابه: ما عجوز بني إسرائيل يا رسول الله؟ فقال: “إن موسى حين أراد أن يسير ببني إسرائيل ضل عنه الطريق فقال لبني إسرائيل: ما هذا؟ قال: فقال له علماء بني إسرائيل: إن يوسف- عليه السلام- حين حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى تنقل عظامه معنا.
فقال موسى: أيكم يدري أين قبر يوسف؟ فقال علماء بني إسرائيل: ما يعلم أحد مكان قبره إلا عجوز لبني إسرائيل، فأرسل إليها موسى فقال: دليلنا على قبر يوسف. قالت: لا والله حتى تعطيني حكمي. فقال لها: ما حكمك؟ قالت: حكمي أن أكون معك في الجنة. فكأنه كره ذلك. قال: فقيل له: أعطها حكمها [ص: 172]
أخذتهم السيدة إلى بحيرة ذات مياه مستنقعة، وأمرتهم بالحفر فيها، وعندما حفروا، وجدوا عظام يوسف. وعندما رفعوها من الأرض، أضاءت الطريق مثل ضوء النهار.