تفاصيل تاريخ ” مدينة القيروان ” في عهد الاغالبة
نبذة عن مدينة القيروان :- خلال القرن الأول للهجرة، وتحديدا في عام 50 هـــ، تأسست مدينة القيروان على يد عقبة بن نافع لتكون المركز الاستراتيجي الهام لحملات الفتح الإسلامي نحو كل من الجزائر والمغرب وأسبانيا، بالإضافة إلى بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء. ولذلك، تعد مدينة القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية، وتشهد معالمها التاريخية الإسلامية على روعة حضارة عريقة اكتسحت بشكل كبير منطقة المغرب العربي .
لعبت مدينة القيروان دورا أساسيا خلال القرون الإسلامية الأولى، كونها كانت العاصمة السياسية للمغرب الإسلامي ومركز الثقل الرئيسي منذ بداية الفتح الإسلامي وحتى نهاية حكم الأمويين في دمشق، وخلال جزء من تاريخ الدولة العباسية .
و بالتحديد قبل أن تبدأ الأقاليم في الاستقلال عن الخلافة العباسية كنتيجة لما شاع بها من مظاهر للضعف لتظهر دولة الأغابة في القيروان أيضاً ، و التي قد تمكن الفاطميون من الإطاحة بها ، و بناءا على هذا غيروا العاصمة بشكل مؤقت إلى المهدية قبل أن يعودوا مرة اخرى إلى مدينة القيروان ، و من ثم أتت مغادرتهم لها إلى القاهرة .
و تشتهر مدينة القيروان بضمها للعديد من شواهد العمارة الإسلامية في المغرب العربي مثال مسجد عقبة بن نافع ، و الذي يعتبر من أكبر مساجد هذه المنطقة حتى أواخر القرن العشرين أما بالنسبة لأصل تسمية مدينة القيروان بهذا الاسم فيرجع إلى اللفظ الفارسي ” كيروان ” ، و الذي يعني المعسكر أو المكان الذي يتم به جمع السلاح .
من هم الأغالبة :- ينتمي الأغالبة إلى سلالة بني تميم العربية التي تمكنت من نشر نفوذها وسيطرتها على دول المغرب العربي، والتي تضمنت تونس والجزائر والجزء الغربي من ليبيا والجزء الجنوبي من إيطاليا بالإضافة إلى جزيرة مالطا وصقلية. يجب الإشارة إلى أن فترة حكم الأغالبة على بلاد المغرب استمرت من عام 800 م إلى عام 909 م .
تاريخ مدينة القيروان السياسي أثناء حكم الأغالبة :- – في الأساس، كان لدولة الأغالبة نفوذ سياسي وعسكري كبير جدا، ووفقا للمصادر والمراجع التاريخية، كانت الدول القريبة منهم والتي تدين بالديانة المسيحية تدفع جزية للأغالبة، مما يبرز القوة السياسية والعسكرية لهذه الدولة، وبالتالي أصبحت مدينة القيروان مركزا للتأثير الحضاري بجميع أشكاله في المغرب العربي .
مدينة القيروان كمركز للإشعاع الاقتصادي أثناء حكم الأغالبة :- – لم يقتصر نشاط الاقتصاد في مدينة القيروان أثناء حكم الأغالبة على الزراعة فحسب، بل زادت الصناعات والتجارة بشكل كبير، وتم إنشاء الأسواق التي تصنع فيها الأقمشة والزرابي والأدوات النحاسية بأنواعها، حتى أصبحت مدينة القيروان من أهم مدن المغرب وأغناها وأكثرها تجارة وازدهارا، إضافة إلى كونها أفضلها منازلا. يذكر أن الدينار ظهر كعملة جديدة في فترة حكم الأغالبة لمدينة القيروان، وكان مكتوبا عليه “غلب محمد رسول الله أعداء الله” أو “الله وحده لا شريك له .
مدينة القيروان كمركز للإشعاع العمراني في عهد الأغالبة :- لقد اشتهرت مدينة القيروان بشكل كبير بالازدهار العمراني أثناء حكم الأغالبة، إذ تطورت فنون العمارة والفكر البنائي والتخطيط بشكل غير مسبوق. ويرجع ذلك إلى إنفاق الأغالبة ما يحصلون عليه من غنائم في حروبهم على إعمار مدينتهم. والدليل على ذلك هو المظاهر المعمارية الفريدة التي شيدوها في القيروان، مثل القصر القديم الذي يعود إلى فترة حكم إبراهيم بن الأغلب.
بالإضافة إلى المسجد الكبير والخزانات الموجودة به، بني المحراب في مسجد سوسة، إلى جانب بناء الرباط الواقع في مدينة سوسة بالقرب من القيروان، وتم بناء محراب مسجد عقبة بن نافع باستخدام الرخام الأبيض المنقوش بالتحديد خلال عهد إبراهيم بن الأغلب، وتم زيادة طول بلاطات المسجد، وتم بناء القبة المشهورة باسم باب البه .
بالإضافة إلى عدد من الخزانات المائية التي تستخدم في الري الزراعي والشرب، تحتوي المنطقة على العديد من الفسقيات التي تعد سابقة في هذاالمجال على امتداد القرون والعصور الوسطى بالتحديد .
مدينة القيروان كمركزاً إشعاعياً ثقافياً في عهد الأغالبة :- – قدم الحكام الأغالبة اهتماما كبيرا للعلوم والثقافة، وكان بيت الحكمة الأغلبي شاهدا على ذلك، وقد بني على غرار بيت الحكمة العباسي في بغداد، وهو أول جامعة علمية وثقافية في أفريقيا، حيث تم تدريس الفلسفة والطب والفلك وتقويم البلدان، كما كان بيت الحكمة الأغلبي النواة الأساسية للمدرسة الطبية المشهورة، التي أنشأت حركة التأليف والتعليم في الطب، وتم نقلها بعد ذلك عن طريق الكتب والأبحاث إلى جنوب إيطاليا .
تم انتشار الثقافة والعلوم في مدينة القيروان بشكل لم يحدث من قبل خلال حكم الأغالبة، ونتيجة لذلك ظهر العديد من الأعلام الذين أصبحوا مشهورين ومعروفين في جميع أنحاء العالم
1- العالم أبو سعيد سحنون ، و الشهير باسم الإمام سحنون :- و الذي يعتبر من أحد أهم العلماء المالكيين ، و الذي قد ألف كتاب المدونة ، و تم به جمع أراء مالك بن أنس ، و مبادئ المذهب المالكي .
2- العالم إبراهيم بن أحمد الشيباني :- كان لهذا الشخص تميزه في مجال الرياضيات، ولكنه أيضا ساهم في إدخال العلوم الطبية والكيميائية والفلسفية إلى شمال أفريقيا، عن طريق تدريسها في بيت الحكمة بمدينة القيروان .