الحافظ بن عساكر صاحب كتاب تاريخ دمشق
هو علي بن الحسن بن هبة الله [1105-1176] ، العالم الجليل الذي كرس حياته وجهوده لاكتساب المعرفة ، وجعلها هدفه النبيل الذي يسعى جاهدا لتحقيقه دائما. حقق مكانة ومركزا مرموقا في مجال العلم وعمل على نشر هذا العلم من خلال عدد من الكتب الخالدة عبر التاريخ ، وأهمها كتاب “تاريخ دمشق” الذي يعتبر المرجعية الأولى لتأليف تاريخ المدن ونموذج يحتذى به ، تم وضعه على أساس دقيق ومنظم بشكل استثنائي.
نشأته وتربيته:
ولد بن عساكر في عام 1105م ونشأ وتربى في دمشق في أسرة صغير مكونة من أب على درجة كبيرة من الورع والتقية ومحب للعلم ومجالسة الصالحين، وأم نسبت لأحد بيوت الفضل فأبوها هو القاضي أبو الفضل يحي بن علي، وأخوها هو القاضي أبو المعالي محمد بن يحي، وكان له أخ أكبر منه من حفاظ الحديث هو أبو الحسين الصائن هبة الله.
أساتذته:
بدأ ابن عساكر التلقين عندما كان في السادسة من عمره من قبل والده وأخيه، ثم سعى للتعلم من مشايخ دمشق وعلمائها ليحفظ عنهم ويقرأ عليهم، وبفضل ذلك أصبح على مستوى عالٍ من العلم. ولكنه لم يكتفِ بذلك، بل قرر السفر والترحال من أجل اكتساب المزيد من العلم.
رحلة البحث عن العلم:
بدأت رحلته للبحث في علم الحديث في عام 1126م واستغرقت خمس أعوام قضاها في تحصيل العلم، وكانت قبلته الأولى بغداد ثم ذهب إلى أرض الحجاز لأداء فريضة الحج وزيارة النبي، ثم عاد مرة أخرى إلى بغداد وقضى بها فترة ثم عاد مرة أخرى إلى دمشق وكان ذلك في عام 1130م، واستقربها خمسة أعوام أخرى لينطلق في رحلة أخرى في عام 1134 إلى بلاد فارس إيران، وخرسان، وأصبهان، وهمدان، ونيسابور، وغيرها من الدول حيث التقى بمجموعة كبيرة من العلماء والمحدثين قرأ عليهم عددًا كبيرًا من الكتب مثل: سعيد بن أبي الرحاء، وزاهر بن طاهر الشحامي، وغيرهم وفي عام 1138 عاد مرة أخرى إلى دمشق ليبدأ مرحلة جديدة من حياته وهي التأليف.
مؤلفات بن الحافظ بن عساكر:
عمل الحافظ بن عساكر على تأليف مجموعة واسعة من الكتب والمؤلفات، بما في ذلك الأعمال الشهيرة
– تاريخ دمشق.
– الأربعون البلدانية.
– الأربعون في الحث على الجهاد.
– تعزية المسلم.
– معجم بن عساكر.
– فضل يوم عرفة.
– فضيلة ذكر الله.
– ذم الملاهي.
– التوبة.
نبذة عن مؤلفته تاريخ دمشق:
ألف ابن عساكر كتابا هائلا يتألف من 80 مجلدا عن تاريخ دمشق، وقد وضع فيه كل خبرته ومعرفته بعمله على مدار حياته حتى أنه أنهاه في عام 1163م. في عام 1169م، قام ابنه القاسم بتنقيحه وترتيبه بإشراف وتوجيه من والده، ونتيجة لذلك ظهر في صورته النهائية كتابا فريدا في تاريخ المدن. إنه أحد أهم المؤلفات التي قام بها هذا العالم الكبير، ويعتبر مرجعا أوليا في كتابة تاريخ المدن كنموذج يحتذى به، حيث تم وضعه بناء على ترتيب دقيق ودقة فائقة.
استند الحافظ بن عساكر في هذا العمل الضخم إلى عدة مصادر، وقدمه لنا بهذه الشكل. وتشمل هذه المصادر: المعرفة التي حصل عليها من شيوخه وروايتهم له وتعليمه منهم، ومجموعة المراسلات التي تناولتها بينه وبين شيوخه، وأخيرا الاعتماد على الأعمال السابقة. وكانت نتيجة هذا الجهد الضخم والرائع إنتاج هذا العمل في 80 مجلدا وحوالي 16 ألف صفحة مخطوطة.