أحب البقاع إلى الله وأبغضها
تعتبر الأماكن التي يذكر فيها الله بما يحب ويرضى أحب الأماكن لله، وأقربها إلى قلب المسلم هو المسجد، والأماكن التي يكثر فيها اللغط والقيل والقال والمفاصلة والكذب تعد أبغض الأماكن إلى الله، وقد يثير ذلك حفيظة بعض المسلمين ضد بعضهم البعض ويشغلهم عن عبادة الله.
أحب البقاع إلى الله وأبغضها:
قال الإمام أحمد رحمه الله حدثنا أبو عامر قال: ثنا زهير بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه: «أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي البلدان شر؟ قال: فقال: «لا أدري» فلما أتاه جبريل عليه السلام قال: «يا جبريل أي البلدان شر؟» قال: لا أدري حتى أسأل ربي عز وجل فانطلق جبريل عليه السلام ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم جاء فقال: يا محمد إنك سألتني أي البلدان شر فقلت لا أدري، وإني سألت ربي عز وجل أي البلدان شر فقال: «أسواقها» [حديث حسن لغيره].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `مساجدها هي أحب البلاد إلى الله وأسواقها هي أبغض البلاد إلا الله.` [رواه مسلم].
في ضوء الحديث:
كان من عادة المسلمين السؤال والاستفسار عن كل ما يخطر ببالهم لرسول الله، حيث يجدون عنده الإجابة والشرح والتوضيح بثقتهم وإيمانهم بأن رسول الله إنما هو مبلغ من عند رب العزة، وأنه لا ينطق عن الهوى إنما يأتيه الوحي من الله. لذلك جاء رجل وفي عقله سؤال يشغل تفكيره، وهو: أي البلدان شر؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعلم، وهنا تكمن عظمة رسالة الرسول في أنه مبلغ من عند رب العزة ودليل على بشريته، فهو يعرف ولا يعرف مثل كل البشر، وما يعرفه يكون بفضل من الله وحوله وقوته.
في الحديث الثاني يخبرنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أحب البلاد إلى الله هي المساجد، ويخبرنا أيضا بأن أبغض البلاد إلى الله هي الأسواق.
العلة في الحب والبغض:
تخبرنا الأحاديث عن حب الله للمساجد، فهي بيوته التي يذكر فيها اسمه، ويعبد فيها حق العبادة، ويأتيه إليها المسلمون صاغرون يريدون وجهه الكريم، مما جعلها أحب الأماكن إليه. وعلى العكس، يخبرنا الرسول أن أكثر الأماكن بغضا لله هي الأسواق، وذلك لما يقع فيها من شد وجذب بين المسلمين وبعضهم، وكذب وفصال، وفي بعض الأحيان تظهر في صورة ألفاظ سيئة، وكذلك ما يحصل في الأسواق من أمور الاختلاط بين الرجال والنساء، وهو كله يأتي في النهاية تحت ما يغضب الله
ما يستفاد من الحديث:
1. أدب رسول الله صل الله عليه وسلم في الرد على سؤال الرجل وإخباره أنه لا يدري.
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدعي المعرفة، وهذا يؤكد أنه لا يتكلم عن الأمور بمجرد الرغبة الشخصية.
المساجد هي البلاد المحببة إلى الله عز وجل رقم 3.
4.أبغض البلاد إلى الله هي الأسواق.