تفسير ” مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها “
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [سورة الجمعة: 5-8]
تفسير الآيات:
{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}: وهو من الذم لليهود الذين شرعت لهم التوراة وحملوها للعمل بها فلم يعملوا بها مثلهم كمثل الحمار يحمل أسفاراً، أي يحمل كتبًا لا يدري ما فيها، فهو يحملها حملًا حسيًا ولا يدري ما عليه وكذلك هؤلاء في حملهم الكتاب الذي أوتوه حفظوه لفظًا ولم يفهموه ولا عملوا بمقتضاه ، وفيه قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا والذي يقول له أنصت ليس له جمعة» {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}: أي خسيء القوم الذين يكذبون آيات الله والله لا يهدى القوم الظالمين لأنفسهم ولغيرهم.
قل يا أيها الذين هادوا، إن زعمتم أنكم أولياء لله بدون الناس، فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. يعني إذا قمتم بادعاء أنكم على الهدى وأن محمدا وأصحابه في ضلالة، فادعوا لأنفسكم الموت على الضالين من الفئتين إن كنتم صادقين في ما زعمتم. ولا يتمنونه أبدا بسبب ما قدمت أيديهم، أي بسبب أعمالهم من الكفر والظلم والفجور. والله عليم بالظالمين، وهذا يشمل التحدي الذي وجهه الرسول لليهود، والمقصود منه أن يدعوا على الضالين من أنفسهم ومن خصومهم. وقد روى ابن عباس رضي الله عنه: قال أبو جهل – لعنه الله -: `لو رأيتم محمدا عند الكعبة، لآتيتموه حتى يطأ عنقه`. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `لو فعل ذلك، لأخذته الملائكة عيانا. ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم في النار. ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجعوا ولم يجدوا مالا ولا عشيرة`.
قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون”، وفي معجم الطبراني من حديث معاذ بن محمد الهذلي عن يونس عن الحسن عن سمرة مرفوع: “مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا أعيا وانبهر دخل جحره فقالت له الأرض: يا ثعلب ديني فخرج له حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه فمات.
ما يستفاد من الآيات:
العلم سلاح يحمله المسلم، لذلك يجب عليه أن يتعلم ويتفقه في دينه وفي أمور حياته.
حفظ المعرفة دون فهم يشبه حمل الحمار للأسفار.
– لا فرار من الموت مهما طالت الحياة فاعمل صالحًا حتى تدخل الجنة.
يجب على المسلم الاستماع والطاعة لكل ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.